رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مشروع "مساكن" عدلوه أو أغلقوه

[email protected]

عندما أعلن عن عزم مؤسسة التقاعد إطلاق مشروع إقراض لغرض تملك المساكن لموظفي ومتقاعدي الدولة يصل لمليون ريال، لقي ذلك الإعلان وقتها ترحيبا واسعا ومثل مفاجأة سارة لم تكن متوقعة، وكنت من ضمن من ثمن تلك المبادرة وقتها وكتبت مشيدا بالفكرة لحد القول إن مؤسسة التقاعد تقدم بذلك نموذجا لما يمكن أن تقدمه وتسهم به المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من خدمات اقتصادية واجتماعية ناجحة ومثمرة، وقلنا وقتها إن المؤسسة في هذا البرنامج الذي سمته "مساكن" ستسهم إيجابيا في حل جزء من أزمة السكن، بل وستكون لها الريادة في ذلك، إلا أنه حين أعلن عن الشروط والاشتراطات للحصول على القرض، تحول الترحيب والاستبشار إلى خيبة أمل واسعة بعد أن وجد أن تلك الشروط لن تنطبق إلا على قلة قليلة من موظفي الدولة وندرة نادرة من متقاعديها، بما يعني أن الاستفادة منه ستكون محدودة جداً، وهو ما سيفقده قيمته كمشروع يمكن أن يسهم في حل مشكلة وطنية كمشكلة الإسكان، فإضافة إلى شروط مثل السن وعدم الارتباط بقرض بنكي، جاءت العمولة الكبيرة وربط القرض ببنك، وما أدراك ما البنوك، مخيبة لأي أمل يمكن أن يرجى من هذا المشروع، وأمام الاعتراضات والنقد لآليات الحصول على قرض "مساكن"، وأنه لن يستفيد منه إلا قلة هي التي ستنطبق عليها شروط "حليب العصافير" التي أقرت وأعلنت لما فيها من عدم معقولية وصعوبة وتشدد لا يتوافق مع الرغبة في توسيع شريحة المستفيدين، دافعت المؤسسة حينها عن برنامجها الإقراضي بأنه استثمار اقتصادي تسعى من ورائه إلى الربح، ولا تقدمه كعمل خيري..!
المشكلة أن مؤسسة التقاعد تصر على أن مشروعها ناجح، ولا نريد هنا الدخول في جدل حول النجاح من عدمه بل نترك الحكم على ذلك للأرقام وهي أي الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، ففي الخامس من رمضان نشرت الصحف تقريرا نسب إلى المؤسسة حول نتائج برنامج "مساكن" يؤكد أنه لم يكن مجديا ولا مفيدا.. فماذا تقول الأرقام.. تقول إن من تقدم بطلب القرض بلغ 6700 شخص فقط، ومن تم قبول طلبه لم يتجاوز ألف شخص، وقياسا على عدد من تقدم بعدد موظفي الدولة ومتقاعديها الذين لا أملك عددهم الدقيق، وإن كان التقرير قد أشار إلى أن عدد المتقاعدين هو أكثر من 400 ألف متقاعد، فالنسبة تكشف بوضوح تام مدى جدوى برنامج "مساكن" من عدمه، ولا يحتاج الأمر إلى عناء وجهد لإدراك أنه كان فاشلا وبامتياز، فمن بين مئات ألوف الموظفين والمتقاعدين لم يتقدم إلا ذلك العدد الضئيل والضئيل جدا، ومن بينهم لم تنطبق تلك الشروط المعقدة والصعبة إلا على نزر يسير لم يتجاوز الألف طلب فقط..! فهل هذا دليل نجاح أم فشل؟!
المهم الآن وبعد اتضاح فشل هذا البرنامج والدليل هو عدم الاستفادة منه إلا بنسبة محدودة جدا، وبقدر لا يتناسب مع الآمال التي بنيت عليه بل وأجزم بأنه خيب حتى تطلعات المسؤولين في مؤسسة التقاعد. أظن أن فكرة البرنامج يجب أن تطور وتجدد وتصاغ من جديد لإعادة الوهج لها وتحويل برنامج "مساكن" لمشروع وطني حقيقي يخدم أكبر شريحة ممكنة من موظفي ومتقاعدي الدولة المعنية بهم، ولكن بعيدا عن تدخلات البنوك والتي فشلت هي في تقديم برنامج تمويل بسبب إغراقها في النظرة الاستثمارية الجافة وحرصها على فرض عمولات فاحشة وفادحة، وهنا يعول على حس محافظ المؤسسة العامة للتقاعد محمد بن عبد الله الخراشي الوطني وجهده المقدر في إدارة هذه المؤسسة ونجاحه المشهود الذي قدر عليه من ولي الأمر بالتجديد له، ونبارك له ذلك، في إعادة النظر في آليات وشروط البرنامج وأهدافه حتى يستفيد منه أكبر شريحة ممكنة، وهنا نقول إنه ممكن جدا الدمج ما بين الهدف الاستثماري والهدف الوطني بالتخفيف من الشروط لكي يتاح لعدد أكبر من موظفي ومتقاعدي الدولة، والمؤسسة معنية بهم وتستثمر أموالهم، ويمكن لمؤسسة التقاعد أن تستفيد من تجارب أخرى مثل تجربة شركة أرامكو في إسكان موظفيها، وأن تستنبط منها آلية تمويل مجدية وناجحة تتوافق مع حالتها، أما استمراره بهذه النتائج الهزيلة فإن جدواه ستكون معدومة، فإما أن يعدل وإما أن يلغى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي