دراسة: قيام سوق مالية خليجية يعزز التكامل الاقتصادي ويدعم الوحدة النقدية
أكدت دراسة متخصصة أصدرتها وزارة الاقتصاد الإماراتية أمس أن قيام سوق مالية خليجية متطورة، إضافةَ إلى تطوير الأسواق المحلية يعد إحدى الأدوات المهمة لإرساء التكامل الاقتصادي وخلق بنية اقتصادية مشتركة بين دول المجلس.
أوضحت الدراسة أن من الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال تطوير هذه الأسواق، خلق قاعدة إنتاجية متينة ومشتركة بين دول المجلس عن طريق انتقال رؤوس الأموال الخاصة بسهولة، ما يساعد في بناء هذه القاعدة الإنتاجية، ومما يساعد على ذلك أيضاَ أن دول المجلس مجتمعة تشكل إمكانات مالية ضخمة، إضافةَ إلى توفير عامل السوق الكبير، والذي بدوره يخلق الفرص المتعددة للاستثمار ما يقلل من تسرب رؤوس الأموال المحلية للخارج وتعرضها لمخاطر الاستثمار في الدول الأجنبية.
وشددت الدراسة التي أعدها الخبير بوزارة الاقتصاد الإماراتية عبد الباقي السعدي على أن قيام سوق مالية مشتركة ومتطورة، إضافةَ إلى أن تطوير التعاون بين الأسواق المالية المحلية سيؤدي على المدى الطويل لـ تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية بين دول المجلس والذي يعد بحد ذاته تتويجاَ لدمج اقتصادات دول المجلس وتكاملها.
إضافةَ إلى ذلك، فإن وجود وساطة وأدوات مالية متطورة سيشجع على إدخال خدمات مالية متقدمة، إضافة إلى تعزيز مركز المؤسسات المالية الخليجية على المستوى الدولي.
ومن الأهداف المهمة لقيام وتطوير الأسواق المالية الخليجية أن الوعي الاستثماري سيزداد بين شعوب المنطقة، بحيث يكون قادراَ على استخدام أحدث الأساليب والطرق في استثمار الأموال.
ولفتت الدراسة إلى أن التعاون الإقليمي والدولي من خلال ربط الأسواق المالية المحلية مع الأسواق المالية الخليجية والعربية والدولية يلعب دوراً مهماً في انسياب حركة الأموال، وبالتالي تحقيق أكبر قدر ممكن من الكفاءة في الاستثمار، ونظراً لحداثة الأسواق المالية في الإمارات والخليج، وعلى الرغم من الأداء المتميز لهذه الأسواق إلا أن التعاون بين هذه الأسواق والأسواق العالمية، وخاصة الخليجية، سيؤدي إلى تحسين كفاءة الاستثمارات المحلية، وكذلك إيجاد فرص عديدة للمستثمرين المحليين للاستثمار في الأسواق الأخرى نتيجة لمحدودية الطاقة الاستيعابية للأسواق المحلية، إضافة إلى ذلك، فإن الربط بين الأسواق المحلية والخارجية يؤدي إلى تعزيز التنمية في الدولة من خلال الاستثمارات الخارجية التي تسعى إلى دخول الاقتصاديات الناشئة، ما يؤدي إلى نقل التكنولوجيا المتطورة من خلال هذه الاستثمارات.
وعلى المستوى الخليجي، فإن الربط بين الأسواق المالية سيساعد على تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي من خلال حرية انتقال رؤوس الأموال بين دول الخليج العربية، وهذا ما يساعد في تحقيق التكامل الاقتصادي بين جميع الدول، وعلى مستوى جميع القطاعات الاقتصادية، كذلك فإن الربط بين الأسواق المالية في الدولة والأسواق المالية العربية يساعد في انتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية، ما يحقق الفائدة للجميع، خاصة أن الإمارات والدول الخليجية الأخرى تملك إمكانات مالية ضخمة نتيجة الفوائض النفطية الكبيرة بينما تعاني الكثير من الدول العربية نقصاً في تمويل استثماراتها المختلفة ما يجعل الأسواق المالية العربية تتكامل فيما بينها في تحقيق التنمية المشتركة.
من الظواهر الاقتصادية الحديثة في الإمارات ودول الخليج الأخرى انتشار ظاهرة التداول بالأسهم التي جاءت انعكاسا للتطورات الاقتصادية التي شهدتها المنطقة نتيجة لاكتشاف النفط، والتي أدت بدورها إلى ازدهار ونمو المدخرات والاستثمارات الفردية.
وذكرت الدراسة أن ظاهرة تداول الأسهم ترافقت بازدياد عدد الشركات المساهمة في الدولة، وذلك تلبية لحاجات البناء الاقتصادي التي بدأت تأخذ إطارها المتكامل والتنظيمي في بناء مؤسسات الدولة، خاصة بعد قيام دولة الاتحاد، التي كان لها الأثر الأكبر في خلق اقتصاد يملك جميع المقومات اللازمة لوجوده وتطوره.
ويعد تداول الأسهم في حد ذاته ظاهرة إيجابية تتمثل في تطور وسائل استثمار رؤوس الأموال الفردية والانطلاق إلى مجالات أوسع، ما يخلق ويوفر الفرص لتنويع مصادر الدخل القومي، وتنويع الإنتاج، وتقليل الاعتماد على النفط الذي يعد حاليا مصدرا أساسيا للإنتاج.
وتأتي أهمية تطوير عمليات التداول بالأسهم كونها تؤدي إلى تنوع المنافذ الاستثمارية, وتحد من تسرب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج, وتساعد على خلق قاعدة إنتاجية متنوعة, وتخلق وعيا استثماريا بين المتعاملين.
وبخصوص سوق الأسهم الإماراتية، أوضحت الدراسة أنه رغم مرور أكثر من سبع سنوات على انطلاق الأسواق المالية الرسمية إلا أنه لا تزال هناك العديد من الشركات التي يتم تداول أسهمها خارج السوق الرسمية، إضافةَ إلى أن أعداد الشركات المساهمة وحجم الأسهم المتداولة لا يزالان يشكلان حجما ضئيلا ومحدودا.
إضافة إلى نقص الخبرة لدى المتعاملين في بيع وشراء الأسهم إضافةَ إلى عدم وجود تخصص لدى الشركات المتعاملة في الأسهم خارج الأسواق الرسمية، حيث نجد أن كثيرا من الشركات تمارس هذا العمل، إضافة إلى أعمالها الأخرى كالمقاولات، والتجارة وغيرها.
ولفتت الدراسة إلى انتشار ظاهرة المضاربة، إذ يلاحظ أن الكثير من الشركات أنشئت بهدف المضاربة في السوق، وهذه الظاهرة تشكل تهديداَ حقيقياَ لمستقبل عمليات تداول الأسهم ومعوقا رئيسا لها عن ممارسة الدور الذي يمكن أن تؤديه في مجال التنمية الاقتصادية، حيث إن هذه الظاهرة تؤدي بالأسعار إلى مستويات لا تمثل حقيقة الوضع المالي للشركة صاحبة السهم، هذا إضافة إلى خلق تقلبات حادة في تلك الأسعار، ما يشكل خطورة بالغة ولاسيما على صغار المدخرين، وممن لا تتوافر لديهم الخبرة والدراية الكافية في السوق.
وأوضحت الدراسة أن بعض شركات الأسهم في دولة الإمارات لا تزال تلعب دورا سلبياَ، لأنه بالرغم من الموارد المالية الكبيرة التي حصلت عليها نتيجة الاكتتاب بها، لم تقم بأي خطوات عملية لتحقيق الأغراض التي قامت من أجلها، واكتفت بالقيام بعمليات مضاربة في أسواق الأسهم، وعمليات إيداع مؤقت في البنوك العالمية التي كانت تعطي نسبة فوائد عالية نسبيا.
وشددت الدراسة على أن ما يجنيه المساهمون من المضاربة بالأسهم هو حالة مؤقتة وغير منطقية، والدليل هو أن قيمة السهم لأي شركة جديدة يرتفع بعد تأسيسها بقليل إلى 30 أو 40 ضعفاَ رغم أن هذه الشركة لن تنتج قبل 3 أو 4 سنوات، ورغم أن العرف المتداول في الأسواق الغربية هو ألا تزيد قيمة السهم عن ثلاثة أو أربعة أضعاف قيمته في حال أن المشروع محل المساهمة مشروع منتج.