رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إلى مسؤولي التعليم العالي.. أعيدوا أبناءنا المراهقين قبل فوات الأوان!

[email protected]

إن الاعتداء على الطالب القطري في مدينة هيستنقز البريطانية، ضربا حتى الموت من قبل عصابة أمام مرأى ومسمع من الشرطة البريطانية, لجرم عظيم لا يقره الدين الإسلامي, ولا أظنه يرضاه القانون البريطاني. فلقد قامت العصابة حسبما نشر بمطاردة مراهق قطري ثم ضربه وتهشيم رأسه حتى فارق الحياة، ونحن نعلم أنه لم يقتل لجنسيته بل لسحنته العربية، ولقد آلمنا المصاب, فالطالب القطري عربي ومسلم، نسأل الله له الرحمة والغفران ونقول لأهله ووطنه أحسن الله عزاءكم ورحم الله ميتكم, وإنا لله وإنا إليه راجعون.
والاعتداءات على العرب في بريطانيا وبالخصوص في "إنجلترا" ليست وليدة اللحظة لأن الإنجليز ما زالت تسيطر عليهم النزعة العنصرية والنعرة العرقية وتسكن أذهانهم أسطورة الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس.

بدأ الإنجليز بالتعدي على العرب ومن ضمنهم الخليجيون عندما بدأت البعثات والوفود الطلابية تصل بريطانيا في منتصف القرن الماضي. فكانوا يتعرضون للضرب والسلب والسطو في وضح النهار وعند إشارات المرور أمام الشرطة البريطانية، وقد رأيت بنفسي مناظر مهينة للسعوديين في منتصف الثمانينيات في مدينة هيستنقز التي قتل فيها الطالب القطري وفي جارتها مدينة بريتون التي تقع على ضفاف القناة الإنجليزية. والمعتدون ليسوا سكارى ولا مخمورين ولا مجرمين محترفين, بل مواطنون بريطانيون يتمتعون بكامل قواهم العقلية، بعضهم أصحاب مهن قيمة والبعض يحملون درجات علمية مرموقة. وقد كنا نعرفهم بسيماهم, فكثيرا ما يتباهون بالتقاليد الإنجليزية ويستعرضون العنجهية العرقية. أكثر ما يغيظهم السحنة العربية وقد تتعرض بعض الأعراق التي تحمل سحنة العرب كالمكسيكيين والبرازيليين والإسبان للاعتداء إلا أنه يتم الاعتذار منهم ورد اعتبارهم إذا ثبت أنهم ليسوا عرباً.
ولكي أوضح ما ترمي إليه هذه المقالة دعونا نعود إلى الوراء قليلا إبان السبعينيات والثمانينيات عندما ابتعث صغار السن من أبنائنا, التي شكلت سلوكياتهم صورتنا لدى للغير بأننا عبيد شهوة نحمل بين جوانحنا الصفات الحيوانية، ليس لدينا ثقافة تردعنا أو مبادئ تقيدنا حتى أصبح الإعلام الغربي يصور العربي والسعودي بالذات أنه لا يرى العالم إلا جنساً وسريراً فبدأت المضايقات والتحرش والتعدي عليهم.

وخلال التسعينيات قل الاعتداء على السعوديين على وجه الخصوص ليس بسبب تغيير النظرة إلى العرب بل لأن وزارة الداخلية السعودية أصدرت في نهاية الثمانينيات قرارا بمنع سفر من تقل أعمارهم عن 21 عاما إلا بإذن ولي الأمر، تلاه سياسة عكسية حكيمة قامت بها الجامعات السعودية عندما قصرت الابتعاث على مرحلتي الماجستير والدكتوراة، قناعة منها أن طالب الدراسات العليا قد صلب عوده، وقويت شكيمته، واكتملت شخصيته, كما أنه أصبح مسؤولا عن زوج وأبناء. فمن هذين القرارين الحكيمين ارتسمت صورة مشرقة لبلادنا وظهر وجهنا الحقيقي للعالم وتبين أننا أهل دين ودعاة سلام ولدينا ثقافة صلبة مشعة تؤثر ولا تتأثر. وعلى أثرها أسلم من الأمريكيين والغربيين والشرقيين بسبب أبنائنا السعوديين أعداد هائلة, كما شيدت المساجد والمراكز الإسلامية والدعوية ودور النشر, ما أثار غيرة أعدائنا الذين صنعوا لنا أحداث أيلول (سبتمبر) التي من أهدافها تلبيس السعوديين صفة الإرهاب لتعود النخب من حيث أتت ولنحضر لهم الصبية الأغرار لتعود الصورة المقيتة كما كانت عليه.

وها نحن الآن نحقق لهم ما يريدون ونرتكب الحماقة نفسها، فأبناؤنا أقل من 21 عاما يجوبون أطوال الكرة الأرضية وعرضها بمباركة من الجهات الرسمية بحجة الدراسة وتلقي العلم, وبذا سلمنا المراهقين مرة أخرى لثقافات مفتوحة ومعادية في هذا الجو المشحون. إن هؤلاء الصبية لا يتعرضون للضرب والاعتداء الجسدي فقط بل تعترضهم إغراءات ومضايقات وتهديدات عقدية وسياسية واقتصادية وأخلاقية لا قبل لهم بها. وقد تكلمنا كثيرا عن الأضرار المترتبة من ابتعاث المراهقين استعرضنا خلالها النتائج المدمرة لفترت السبعينيات والثمانينيات والنتائج المشرقة للتسعينيات من القرن الماضي, إلا أن وزارة التعليم العالي أصرت إلا أن تخوض التجربة من جديد.
إن على وزارة التعليم العالي أن تتخذ قرار شجاعا وتعيد طلاب مرحلة البكالوريوس ومن تقل أعمارهم عن 21 عاما ولتوفد بكل ثقة السفراء الحقيقيين الذين يمثلوننا (طلاب الدراسات العليا)، وأنا أعلم أن هذه الفئة غير مرغوبة, خصوصا في أوروبا الغربية وأمريكا, لأن ثقافة النخب قد تجذرت فلا خوف عليهم من تهديد أو تنصير أو إغراء, بل الخوف منهم لأنهم يحملون شعلة الهداية للإنسانية, وقد تكشفت أمامهم هشاشة الثقافة الغربية التي تلمع نفسها بالتطور التقني والعلمي والحضاري.

أعيدوا المراهقين قبل فوات الأوان!!! ألا يكفي نتائج السبعينيات والثمانينيات ومقتل المراهق القطري .. فماذا تنتظرون؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي