خصائص الصكوك ومزاياها

خصائص الصكوك ومزاياها

ربما يستغرب ويتعجب الكثير عند اطلاعهم على التطور الكبير في مجال الصكوك، إلا أن كثيراً من علامات الاستفهام والتعجب قد تتحول إلى علامات رضا واقتناع عند التعرف على شيء من خصائص الصكوك ومزاياها، وكما قيل: (إذا عُرف السبب بطل العجب)، ولذلك سأضع بين يديك أيها القارئ الكريم شيئاً من هذه الخصائص والمزايا باختصار خلال هذه الحلقة. ومن أبرز خصائص الصكوك ومزاياها ما يأتي:
أولاً: كونها ورقة مالية منضبطة بالضوابط الشرعية
ما من شك بأن موضع التميز الأكبر في الصكوك كونها منضبطة بالضوابط الشرعية، حيث إن هيكلة الصكوك لابد وأن تكون مبنية على العقود الشرعية.
ثانياً: كونها بديلاً للسندات
لما كانت المجامع الفقهية وهيئات الفتوى الجماعية على امتداد رقعة العالم الإسلامي قد أفتت وقررت حرمة السندات لكونها من الربا المحرم؛ فقد بُذلت جهود كبيرة لاستحداث أداة شرعية بديلة للسندات؛ حيث إنه لا يخفى على كلِّ مهتم بالاقتصاد وأسواق المال الأدوار والوظائف المهمة جدا التي تؤديها السندات التقليدية في الاقتصاد عموماً، وفي أسواق المال خصوصاً.
ولذلك فإن من أهم مزايا الصكوك كونها بديلاً شرعياً يمكن استخدامها في أداء الوظائف والأدوار المهمة للسندات، ومنها:
الصكوك أداة للتحكم في السياسة النقدية: حيث يمكن للسُّلُطات النقدية استخدام الصكوك في تنظيم كمية النقود ومقدار السيولة، من خلال إصدارها واستدعائها.
الصكوك أداة فاعلة في التعامل بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية.
حيث يمكن استخدام الصكوك عوضاً عن السندات التقليدية -التي لا يمكن للبنوك الإسلامية شراؤها وتملُّكها لتحريمها شرعاً- في اتفاقات البيع وإعادة الشراء قصيرة الأجل المعروفة عالميا بـ "الريبو REPO"، وهي عبارة عن قروض قصيرة الأجل تستخدم فيها سندات الخزانة كضمانة، أو الأصل الذي يتلقاه المقرض إذا لم يسدد المقترض القرض.
وعليه فإن التوسع في إصدار الصكوك وتفعيل استخدامها سيُعَد نقلة كبيرة في تعامل البنوك المركزية مع المصارف الإسلامية؛ لأن البنوك الإسلامية ستكون قادرة على الاحتفاظ بالسندات الإسلامية الحكومية "الصكوك"، وسيسهل ذلك إدارة السيولة لديها.
الصكوك تؤدي دوراً مهماً في تنويع مخاطر المحافظ الاستثمارية.
من المعلوم الأهمية الكبرى لتنويع المخاطر في المحافظ الاستثمارية الكبيرة مثل: المحافظ الاستثمارية لمصلحة معاشات التقاعد، والمؤسسات العامة للتأمينات الاجتماعية، والبرامج الادخارية للموظفين في الشركات الكبرى، ومحافظ شركات التأمين، بل المحافظ الاستثمارية للشركات والأفراد عموماً.
وقد كانت كثير من المحافظ تلجأ إلى الاستثمار في السندات (باعتبارها ورقة مالية قليلة المخاطر وذات استقرار كبير وقابلية تسييل عالية) لتوائم بينها وبين الأسهم ذات المخاطر العالية في محافظها الاستثمارية.
إلا أن اشتمال المحافظ الاستثمارية المذكورة على السندات كان محل تحفظ واستشكال شرعي من كثير من المستفيدين من الأنشطة السابقة لكون السندات ربوية محرمة.
ولذلك فإن استبدال السندات في هذه المحافظ بالصكوك الإسلامية سيكون حلاًّ ناجعاً وبلسماً شافياً بإذن الله؛ لأنه سيحقق الهدف الاستثماري المشروع (وهو تنويع مخاطر المحافظ الاستثمارية)، ولكن بأداة مالية شرعية جائزة.
الصكوك أداة فاعلة لسدِّ الحاجات التمويلية بشتى أنواعها قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وتمويل الأغراض المختلفة، كتمويل مشاريع البنية التحتية، والمشاريع التنموية وغيرها من الحاجات العامة التي تمس مصالح الأمة، إضافة إلى مشاريع الشركات والمؤسسات.
الصكوك أداة استثمارية فاعلة لاستيعاب فوائض الأموال، وتفتح للجمهور مجالات استثمارية واسعة لتوظيفها في مشاريع تنموية للبلد، وهو ما يمثل حلاًّ لمشكلة محدودية القنوات الاستثمارية لتفعيل الأموال الراكدة، بل واستيعاب حركة عودة الأموال المهاجرة، بل إن الصكوك أداة فاعلة لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية وتوظيفها في بناء البلد وإعماره.
ثالثاً: مزايا الصكوك من جهة مصدِر الصكوك (الجهة المتموِّلة):
تتميز الصكوك –وبالأخص صكوك إجارة الأعيان المؤجرة- بأنها أداة تمويل خارج الميزانية؛ حيث إن ملكية الأعيان المؤجرة المصككة، والموعود بتمليكها في نهاية مدة الصكوك مملوكة لحملة الصكوك طوال مدة التصكيك، والواجب في ذمة الشركة المتموِّلة بالصكوك إنما هو دفع الأجرة لحملة الصكوك فحسب وهي نفقة إيرادية، وذلك على العكس في حال اقتراض تلك الجهة لتمويل شراء بعض الأصول مما يؤدي إلى زيادة في قائمة المطلوبات لكونها نفقة رأسمالية. كما أن لذلك مزايا أخرى فيما يتعلق بالموجودات الزكوية للشركة والضرائب وغير ذلك.
التمويل بالصكوك لا يؤثر في الحد الائتماني للشركة في البنوك، حيث إن كثيراً من الشركات - حتى الشركات العملاقة- تكون قد استوفت حدها الائتماني لدى كثير من البنوك المحلية، بل والإقليمية، مما يجعل مهمة الحصول على تمويل من الصعوبة بمكان، وعليه فإن حصول الشركة على تمويل عبر الصكوك يفتح لها أبواباً ائتمانية جديدة.

الباحث في المصرفية الإسلامية، والمتخصص في الصكوك الإسلامية.
[email protected]

الأكثر قراءة