القراءة الصعبة لتراجع الاقتصاد والسوق

[email protected]

تراجعت أسعار البتروكيماويات للأسبوع الخامس على التوالي حسب مؤشر أرقام، وتراجعت أسعار النفط، وتراجعت أسعار الحديد, وتراجعت أسعار معظم المواد الأولية والمعادن. لقد كنا قبل عام من الآن نتحدث عن ارتفاع في أسعار النفط, وارتفاع في أسعار الحديد، وارتفاع في أسعار البتروكيماويات، وارتفاع في أسعار المعادن والسلع. وشتان بين الأمس واليوم، فالحديث اليوم عن تراجعات في النمو. فالاقتصاد الأمريكي يشهد تباطؤا قد يكون أسوأ مما نتوقع، وتشير التوقعات إلى تراجع الاقتصادين الأوروبي والبريطاني. لذا فليس من الغرابة أن نشهد هبوطاً متزامناً في أسواق الأسهم الإقليمية والعالمية. فكما كنا نقول إن أسواق الأسهم هي أحد المؤشرات الاسترشادية المستقبلية لارتفاع النمو الاقتصادي، فنحن اليوم نعيد القول إن أسواق الأسهم هي مؤشرات استرشادية لتراجع النمو في الاقتصادات العالمية.
ولكن السؤال الأكبر: لماذا هذه التراجعات القوية في أسواق الأسهم؟ وهل ستستمر تلك التراجعات؟ ومتى تتوقف وتعود إلى الارتفاع؟ هذه هي الأسئلة التي يطرحها المتعاملون في السوق، وهو ما نحاول الإجابة عنه في هذه المقالة. وسنأخذ السوق السعودية والاقتصاد المحلي مثالاً.
لعل أهم التحديات التي يواجهها اقتصادنا المحلي هو في ارتفاع معدلات التضخم بصورة أعلى من توقعات الرسميين، لكنها مقاربة لتوقعات المراقبين. ورغم تلك المعدلات العالية, فإن تراجع الأسعار العالمية قد يسهم في استقرار الأسعار محلياً، خصوصاً أن هناك مؤشرات على تراجع الطلب عالمياً. ولا يمكن معرفة إذا ما كان الطلب المحلي الكلي في تراجع لغياب المؤشرات الرسمية. إلا أن الملاحظ أن هناك تراجعا في رغبة القطاع الخاص في مزيد من الاستثمارات المحلية. بعبارة أخرى قد يكون القطاع الخاص قد وصل إلى مرحلة التشبع في الدخول في استثمارات جديدة. إذ إن الاستثمارات الكبيرة التي تبناها القطاع الخاص خلال السنوات الأربع الماضية بدأ معظمها مرحلة التشغيل, والبعض الآخر لم يكتمل ويحتاج إلى التركيز وعدم الدخول في استثمارات جديدة لإنهاء ما لم ينته. إن تلك الملاحظة تنبئ بتراجع الطلب الخاص, وبالتالي فإن تراجعا قد يشهده اقتصادنا المحلي خلال نهاية العامين الحالي والمقبل. ولعل تراجع السوق المالية المحلية مؤشر استباقي لتراجع اقتصادنا المحلي، وتراجع الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك في أسعار البتروكيمياويات. كما أن السوق المحلية تعاملت مع مخاوف معدلات التضخم المرتفعة محلياً, وكذلك هيكلية السوق الهشة ما يجعلها تتراجع بصورة أقوى من السوق العالمية.
ولكن هناك سؤالا آخر وتحدياً آخر، وهو ما تأثير كل ما سبق في ربحية الشركات؟ الحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال فيه نوع من الصعوبة. فبينما ارتفعت الأسعار العالمية بما فيها المواد الأولية, وبالتالي تأثرت ربحية بعض الشركات بالتراجع، فإن البعض الآخر قد ارتفعت ربحيته لزيادة هوامش الربحية، لقدرة تلك الشركات على التحكم في التكاليف وتمرير الزيادة في أسعار المواد الأولية إلى المستهلك. ومع انخفاض الأسعار, فقد تنخفض أسعار المواد الأولية وبالتالي التكلفة لمعظم الشركات, خصوصاً الصناعية والبتروكيماوية, ولكن المشكلة هي في زيادة إنتاج تلك الشركات مع التوسعات الأخيرة، وتأثير ذلك في الأسعار. لقد قلنا في البداية إن هناك صعوبة في قراءة الطلب المحلي وما إذا كان هناك تراجع أم لا، ويبقى ذلك هاجسا يشوش على قدرتنا في قراءة قوة الطلب المحلي مع زيادة الإنتاج، وهل سيستمر الطلب قوياً حتى تتماسك الأسعار؟
إن الربع الأخير من العام سيكون محكاً قوياً لاختبار نظرتنا هذه. إذ علينا الانتظار لمعرفة أرباح الشركات في الربع الثالث، وصدور مزيد من المؤشرات لإطلاق حكم واضح على وضعنا الاقتصادي وأداء الشركات المحلية, وبالتالي اتجاه سوق الأسهم المحلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي