فقه الصدق

فقه الصدق

عند القراءة في مثل قوله تعالى: ?يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين?، وقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي للجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا). نرى في هذه النصوص حثا من الله لعباده المؤمنين بتحري الصدق كخلق فاضل من أخلاق عباده المؤمنين، كما أن فيها بيانا لكون الصدق طريقا تحصل به الهداية لكل بر من القول والفعل.
والصدق مقامات أولاها وأعظمها الصدق مع الله عز وجل بالتزام أمره ونهيه، وأخذ ما أمر به بقوة ?خذوا ما آتينكم بقوة?. أي بصدق، ودون ذلك الصدق مع الخلق بأداء حقوق العباد مادية أو معنوية، ومحض النصح لهم، ومن أخص من يؤمر بهذا من له قدر ومقام من التوجيه والإرشاد للمؤمنين، فلا ينحى بالعامة إلى التزام خلق من القول تحت نظر قاصر دون تحقيق لنصوص الشريعة، ومقاصدها العامة.
إن الصدق في توجيه الخلق يكون بتحقيق مقام النصح لهم، فإن النصح في أصل معناه اللغوي التصفية والتنقية، فكل من محض وصفا قوله من كل شائبة تخالف أمر الله ورسوله فقد نصح لنفسه وللخلق، إن تمام الصدق مقام من الخير لا يقدر عليه إلا من وفقه الله تعالى لتجريد نفسه من شوائب الهوى، وانفك عن الإيغال في مراعاة حظها العاجل، وهذا قدر من الكمال يحتاج إلى صبر ومصابرة، مع إخلاص الضراعة لله سبحانه في ذلك، ?وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم?، إلا أنه سبيل محمود الغب، مورث لطمأنينة النفس وراحة البال، والثناء الحسن, قال الفضيل: لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق، وطلب الحلال، والله الهادي.

الأكثر قراءة