التضخم في إيران: بعض السلع يتغير سعرها 3 مرات في اليوم
يستشعر علي دارياني الحرج لما يسببه من ألم وضغوط لزبائنه بسبب التضخم. ويقول دارياني (42 عاما) صاحب متجر بقالة في طهران "أحيانا نضطر لتغيير ملصق السعر ثلاث مرات يوميا بسبب التضخم".
وتجاوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الانتخابات البرلمانية التي أجريت الشهر الحالي دون تعرض مكانته لصفعة قوية رغم انكماش قاعدة تأييده الرئيسية بين المعسكر المحافظ بصفة عامة.
والآن قد يرغمه معارضوه سواء من الأقلية الإصلاحية أو المحافظين المنتصرين على كبح سياسات الإنفاق التي تحظى بتأييد شعبي ولكن ينظر إليها على أنها مسؤولة جزئيا عن نسبة التضخم التي تحوم حول 19 في المائة.
ومنذ تولي أحمدي نجاد مقاليد الحكم عام 2005 متعهدا بتوزيع ثروة إيران النفطية على المواطنين بطريقة أكثر عدلا أسهم ارتفاع أسعار النفط العالمية في زيادة كبيرة لدخل البلاد غير أن اقتصاديين يقولون إن الدعم الحكومي الضخم والمساعدات التي تقدمها الرئاسة أججا التضخم كما هو متوقع.
ويعتمد أحمدي نجاد على مساندة الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي ولكن سجله الاقتصادي قد يقلص من فرص إعادة انتخابه في العام المقبل.
ويحمي الإيرانيين دعم باهظ لكثير من السلع ولكن الأسعار المنفلتة مازالت تؤثر في المستهلك العادي. ويشكو باقر جاباي المدرس المتقاعد (54 عاما) قائلا "ارتفعت أسعار الأرز واللحم والفواكه وكل شيء آخر. تضاعف سعر الدجاج في ستة أشهر ولكن دخلي لم يتغير البتة".
وقال سيد محمد حسين عدلي المحافظ الأسبق للبنك المركزي إن أحمدي نجاد كان مدركا للخطر وهو بالفعل تحول إلى بعض السياسات الأكثر محافظة. وأضاف عدلي وهو يرأس حاليا مركز أبحاث "ساعد الفقراء نوعا ما بالاهتمام بالأمور الصغيرة" في إشارة لجولات الرئيس في الأقاليم وتسلمه شكاوى ومحاولة علاج المشكلات بشكل مباشر.
ومضى قائلا "ولكن إذا واصلت إنفاق المال وطبقت ميزانيات مالية توسعية ضخمة بلا ضوابط. فإن ذلك يزيد من ضغوط التضخم".
وصرح عدلي لرويترز بأن البنك المركزي ينتهج الآن "سياسات انكماشية للغاية" لتصحيح الوضع. وترك المحافظ السابق للبنك المركزي إبراهيم شيباني منصبه العام الماضي بسبب خلافات مع أحمدي نجاد بشأن سياسة أسعار الفائدة. واقترح المحافظ الحالي طهماسب مظاهري سعر فائدة على القروض تحت اسم "المشاركة في الربح" على أساس نسبة التضخم زائد رسم في خطوة يقول محللون إنها تشير للعدول عن سياسة ساندها أحمدي نجاد قادت لانخفاض سعر الفائدة دون نسبة التضخم.
وإيران رابع أكبر دولة مصدرة لخام النفط في العالم وذكرت الحكومة أن عائدات النفط في العام الماضي بلغت 70 مليار دولار. ولكن جزءا كبيرا من العائدات أنفق على دعم سخي على كل شيء من الوقود إلى النقل والغذاء والأدوية. وقال الاقتصادي سعيد ليلاز" النظام يشتري ولاء (الشعب) ليواصل برنامجه النووي".
وجزء كبير من الدعم غير موجه وهو ما يعني أن الأغنياء يستفيدون أكثر من الفقراء لان استهلاكهم أكبر. ويقدر عدلي محافظ البنك المركزي الأسبق التكلفة المباشرة وغير المباشرة لدعم الوقود فقط بما يصل إلى 45 مليار دولار في العام.
وتستورد إيران بنزينا بما لا يقل عن خمسة مليارات دولار في العام نظرا لعدم امتلاكها قدرة تكرير تلبي الطلب المحلي. ويباع البنزين المستورد للجمهور بسعر رخيص مما يشجع على الإهدار والتهريب.
ولخفض فاتورة الواردات بدأت حكومة طهران في بيع البنزين بنظام الحصص العام الماضي. وفي الأسبوع الماضي وفي محاولة فيما يبدو لتنظيم الدعم خففت لوائح نظام الحصص مؤقتا بما يسمح لأصحاب السيارات بشراء بنزين إضافي لكن بما يزيد على خمسة أمثال السعر المدعم.
ويمكن التوسع في النظام الجديد رغم أن تحرير سعر البنزين قد يكون له تأثير تضخمي في المدى القصير. وقال محمد علي فارزين الاقتصادي الإيراني الذي يرأس وحدة للحد من الفقر في برنامح الأمم المتحدة للتنمية "إلغاء الدعم ليس بالأمر السهل. حجم المشكلة ضخم وتحتاج إلى وقت".
واعترف علي رضا تشيلويان المزارع في ارادان مسقط رأس أحمدي نجاد شرقي طهران باعتماده على دعم الدولة للأسمدة والجرارات والبنزين والسولار والخبز فضلا عن السعر الذي يبيع به محصوله من القمح والقطن. ويقول "نسبة التضخم ارتفعت ولكنها مشكلة عالمية .. نحن ندعم الحكومة". وأشار فارزين إلى أن الاعتماد على الدعم يتزايد. وأضاف "حين يكون هناك تضخم مزمن وارتفاع لأسعار العقارات لا يتناسب مع الدخل ومشكلة بطالة خطيرة وبطالة جزئية من الطبيعي أن تعجز الأسر منخفضة الدخل عن مجاراتها .. لذا تعتمد على الدعم".