المزيد من القرارات نحو المؤسساتية
القرار الصائب الآخر بعد إعلان أسماء الملاك لـ 5 في المائة وأكبر هو السماح لدخول المستثمرين الأجانب لسوق الأسهم السعودية عن طريق اتفاقية مبادلة. ذلك لأن تلك القرارات تعمل إلى تحويل سوق الأسهم السعودية إلى سوق مؤسساتية، يسيطر عليها تدريجياً الفكر الاستثماري، وتخف وطأة العمل المضاربي، أو يصبح العمل المضاربي قريباً لتنبؤات التحليل الفني على أقل تقدير. إن دخول المستثمر الأجنبي للسوق السعودية سيضيف آلية سيولة قوية. فمنطقة الخليج أصبحت منذ انفتاح دبي، ومن ثم انفتاح دول الخليج على الاقتصاد العالمي بتحرير اقتصادياتها، مقصداً استثمارياً مهماً للشركات العالمية. فالبنوك العالمية - القائد الحقيقي - لجلب الاستثمارات الأجنبية أصبحت تفتح فروعاً في أكثر من دولة خليجية (دبي، السعودية، البحرين)، حيث تتوقع تلك البنوك أن تصبح منطقة الخليج أحد أهم اقتصاديات العالم نمواً، وفي عدة مجالات. إن ارتفاع أسعار أسهم الشركات البتروكيمياوية، والبنوك، والشركات الصناعية بهذه الحدة منذ إعلان خبر السماح بالاستثمارات الأجنبية في سوق الأسهم السعودية لهو دليل على أن القطاعات تلك ستشهد مزيداً من النمو والارتفاع في الأنشطة خلال السنوات المقبلة. وفي اعتقادي أن قطاع البتروكيمياويات السعودي قد يشهد تدفق المزيد من الاستثمارات في السنوات المقبلة بشكل سيجعل من المملكة الأكبر مساهمة في السوق البتروكيمياوية عالمياً. ناهيك عن أن القطاع الصناعي مازال بحاجة إلى استثمارات أجنبية كبيرة لدفعه إلى مزيد من النمو. لذا فإن من المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي الذي تشهده المملكة حتى لو حدث تراجع في أسعار النفط. فالقطاع البتروكيمياوي وقطاع الصناعة بحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية جنبا إلى جنب مع الاستثمارات الوطنية للقطاع الخاص أكثر من احتياجها إلى التمويل الحكومي حتى يتحقق عنصر الديمومة للنمو الاقتصادي بعيداً عن تذبذب أسعار النفط. فحلم تنويع الاقتصاد المحلي قد يصبح حقيقة قريباً مع اندماج الاستثمارات المحلية والأجنبية وانفتاحنا المتزايد على السوق العالمية، مما يقلا من تأثيرات مداخيل النفط على تنويع الاقتصاد.
لذا فإن الاستثمار في الشركات الحالية المدرجة في السوق السعودية مازال خياراً استثمارياً مهماً، لا يجب التفريط فيه. فالذين فقدوا ثقتهم بالسوق السعودية، هم الذين تعاملوا في الشركات المضاربية، وأغفلوا الجانب الاستثماري. إن السوق السعودية تشهد الآن تحولا استثمارياً مهماً يجب أن لا يغفله صغار المستثمرين بالاكتتاب في أسهم الشركات المدرجة حالياً، وشراء أسهم الشركات الاستثمارية، والابتعاد عن المضاربة ما أمكن. فالقرارات الأخيرة التي نشهدها هي قرارات تحول السوق إلى بيئة استثمارية أفضل، وتجعله خياراً مهماً للأفراد والمؤسسات.
بقي هناك بعض القرارات التي أرى أن على هيئة السوق المالية التريث فيها حتى وقت آخر, ومن تلك القرارات هو تجزئة الأسهم لأقل من تغير 25 هللة بحيث يتم تأجيله حتى يتم إقرار نظام الشركات الجديد، واعتماد القيمة الأسمية للسهم بريال واحد، حتى يمكن بالفعل الاستفادة من التجزئة بشكل أفضل، وتصبح تجزئة التغير السعري للسهم مناسبة للقيمة الاسمية له.
وفي اعتقادي أن السوق المالية بحاجة إلى تغيير مواعيد وأوقات التداول لتبدأ عند التاسعة صباحاً وتنتهي عند الواحدة ظهراً، تشجيعاً للعمل المؤسساتي، والاستثماري، وتوجيه الأفراد للتأقلم مع العمل المؤسساتي، وبالتالي التوجه إلى السلوك الاستثماري في التعامل وليس المضاربي. إن فترة المساء يجب أن تكون الفترة التي يتفرغ فيها مديرو الصناديق ولاعبو السوق لدراسة أداء السوق، وأداء الشركات فيه حتى يمكن اتخاذ فرارات مدروسة تجاه السوق. فأوقات التداول الحالية لا تخدم المستثمرين، ولا تعطيهم الوقت الكافي لدراسة السوق وشركاتها.