رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


من يوعينا إلى أهمية السياحة كصناعة ومورد اقتصادي ومتى نتغير؟

يفتخر مواطنو كل دول العالم بأوطانهم. ويتنافسون في احترام السائح وإعطائه فكرة جيدة عن عاداتهم وتقاليدهم وثرواتهم السياحية. بدءا من موظف الجوازات في المطار إلى موظف الفندق والعامل في المطعم. والسبب واضح. فهم يعون أن السائح مصدر رزق كبير ومهم لهم فهو إضافة إلى ما تجنيه الدولة والمجتمع من إيجابيات كثيرة إلا أنه يدفع مدخراته للفندق أو الشقة والمطعم ويشتري من الأسواق والبقالة ويدفع لسائق سيارة الأجرة وغيرها من تدوير الأموال داخل الوطن وزيادة فرص العمل للمواطنون. وهؤلاء المواطنون سواء عربي أو دولي نسمع منهم عبارات ترحيبية كثيرة مثل " البيت بيتك" و"أهلين كيف ممكن أخدمك" و"مو على رأسي!".
ولعلنا في هذا الصيف نبدأ بتأمل ذلك خلال سفرنا لنعرف السبب وراء هذا الاهتمام بالسائح الذي لو وجدناه في بلدنا لما سافرنا للخارج. فنحن نملك مدنا ومباني وفنادق وأسواقا ومنتجعات لا تقل عن مستوى غيرنا من الدول، ولكن لعدم وعينا بأهمية السياحة والتعامل الإنساني فإننا نطرد مواطنينا وإخواننا للخارج. وفي كل إجازة صغيرة أو كبيرة تجد سباقا وتزاحما غريبا للهرب من الوطن وكأننا هاربون من حرب داخلية.
وفي رأي المتواضع فإنني اعتقد أننا كمواطنين أخفقنا في أهم منطلقات السياحة وهي الوعي بأهمية السياحة وكيفية التفاعل معها لإنجاحها. وأهمية التوعية لاحترام الآخرين وحتى بعضنا بعضا وعدم التدخل في حرياتهم الشخصية والشرعية واحترام الأنظمة التي هي مظهر حضاري ينبع من ديننا الحنيف وتعاليم الشريعة ودافع كبير للتحول إلى السياحة الداخلية التي تعد شريانا اقتصاديا مهما.
يلجأ الكثير منا للسفر إلى خارج المملكة ولكننا نفاجأ بأن تلك الدول سواء عربية أو أجنبية لا تختلف فيما لديها من مناطق ومراكز سياحية أو ترفيهية، سواء من مبان أو أسواق أو فنادق عما تزخر به مدن المملكة، إلا أن الشيء الوحيد الذي نفتقده هو تعاملنا واحترامنا وحبنا كمواطنين لبعضنا بعضا ولإخواننا من الدول الصديقة وافتقادنا احترامنا للأنظمة والقوانين. وحبنا للتدخل في حريات وخصوصيات الآخرين، وكأننا أوصياء عليهم، هل مات لدينا كرم الضيافة العربية؟ ولماذا نهرب ونختبئ أو ننعزل عن بعضنا ونكره أن يرانا أو يقترب منا إخواننا حتى في صحراء الله الواسعة تجدنا لا نتحمل أن يحل أحد حولنا، بينما نجد هؤلاء المواطنين أنفسهم خارج المملكة يتمسكون بالنظام ويحترمون ويتزاحمون لمخالطة غيرهم، فسبحان الله! البعض منا يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم وأنهم يتفوقون على غيرهم وبغرور ''ارفع رأسك أنت سعودي غيرك ينقص وأنت تزود''، غسيل للفكر! فمتى نتغير ونصلح هذا الخلل الذي يكلفنا المليارات من المدخرات التي تهاجر إلى الخارج ليستفيد منها جيراننا والأجانب? ومتى تقدر أهمية احتواء هذه الأموال لتدور داخل الوطن، ولننتفع بها في القضاء على البطالة والفقر? فالله لا يصلح قوما حتى يصلحوا ما بأنفسهم. التوعية لاحترام الآخرين وحتى بعضنا بعضا وعدم التدخل في حرياتهم الشرعية واحترام الأنظمة مظهر حضاري ينبع من ديننا الحنيف وتعاليم الشريعة، ودافع كبير للتحول إلى السياحة الداخلية التي تعد شريانا اقتصاديا مهما. هل اندثر كرم الضيافة العربية؟ إننا نفتقد وجود الروابط الاجتماعية بيننا كسعوديين ونحاول أن نختبئ أو ننعزل عن الآخرين بدلا من التلاحم والتقارب وحب بعضنا بعضا. فالإنسان المواطن هو محور السياحة فهو الذي صنع المدن كامتداد لرغباته الاجتماعية والاقتصادية، وحلم كثيرا بالتمتع بمباهجها لقضاء أوقات استجمام هنيئة ولاكتشاف حضارات وتجارب الآخرين. والسياحة لن تعيش دون دور الإنسان الواعي لخلق الأجواء السياحية. وهنا يكمن دور الوعي السياحي لدى المواطن ومدى تقبله فكرة السياحة، وما الإغراءات أو التحديات التي تدفعه إلى تبني فكرة السياحة؟ والوعي مهم جدا وهو من أهم المحاور التي يجب أن تسير يدا بيد مع الخطة الوطنية لهيكلة السياحة، فهل نحن كمواطنين جاهزون للسياحة؟ وهل نعي ما تدره لنا السياحة من النواحي المادية والمعنوية. (تدوير الأموال وتوطينها) (قيمة حضارية بين الدول الأخرى)، مما يعطي التشجيع والتعريف بمواردنا وصادراتنا وديننا. وهل لدينا كشعب مستهلك للسياحة خارج الوطن بنسبة كبيرة فهم لمعنى السياحة؟ إن مفهومنا للسياحة هو السفر إلى كبريات مدن العالم والسكن في أفخم الفنادق والبذخ في المصروفات والتسوق والسهر، فما إن يبدأ موسم الإجازات حتى نرى أفواج الطيور المهاجرة أو الهجرة المعاكسة والفلول التي تسبب الازدحامات على السفر، حيث تكتظ المطارات بالمغادرين وكأنهم ينزحون. القليل منا من يسافر للاستجمام في جزر أو قرى هادئة لزيارة المحميات الطبيعية أو تسلق الجبال أو قيادة العجلات أو ممارسة أنواع الرياضة المفيدة للجسم والعقل مثل السباحة، ركوب الخيل، والمعسكرات الصيفية. والوعي السياحي يرتكز تماما إلى مدى وعي الشعوب وتقبلهم واحترامهم للسائح وتقديرهم لما يدره عليهم من فوائد لاقتصاده ومجتمعه، كما أن السياحة تعتمد على تفعيلنا الحياة الاجتماعية للمدينة، وإظهار عاداتنا وتقاليدنا العريقة التي تجذب السياح الذين يبحثون عن التعرف على عادات وتقاليد الشعوب الأخرى. لذلك فإنه من الواجب علينا أن نوجد روح التقارب الاجتماعي في المدينة وجعلها حية ومتألقة في ظل وجود البعد الإنساني للمدينة، ومدى توافر البيئة العمرانية المناسبة لحجم الإنسان واحتياجاته في البيئة المحيطة به سواء في المنزل أو في الفراغات العامة في ظل وجود الخدمات الأساسية للحياة الحضرية. ودور المواطن في المساهمة في تسديد النقص في مفهومنا للسياحة بقدر المستطاع ومحاولة الاستفادة من الساحات العامة للتقارب والتلاحم الاجتماعي ومحاولة التعايش مع بعضنا بعضا. (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). عندما نتجول في المناطق الترفيهية في مدننا نجد أن الأجانب هم المستفيد الأكبر منها بينما نحن كسعوديين مفقودون ونخاف أن يرانا إخواننا الآخرون.. فلماذا؟ ولماذا تهتم الدولة بالتراث الوطني وتتكلف تنفيذ مشاريع رائدة كمراكز حضرية وساحات عامة في الوقت الذي لا نجد أي اهتمام اجتماعي من المواطنين بارتياد هذه المشاريع للتلاحم والتآلف الاجتماعي ولنتعايش مع بعضنا بعضا.
فهل يغير هذا الصيف تفكيرنا ويغيرنا للأفضل ويساعدنا على إلغاء فكرة السفر والهروب من الوطن! أم نبقى والصيف ضيعت اللبن!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي