رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أعراسنا أفراح أم أتراح؟!!

حضرت قبل أيام عرساً جماعياً في صنعاء اليمن, إثر دعوة كريمة من جمعية البر والعفاف الخيرية, وقد كان عدد المعاريس 650, ما بين عريس وعروسة, وقد لفت نظري شعور الحاضرين بالسرور والفرح, وابتهاجهم بليلة العرس؛ نتيجة البرامج الترويحية التي قدموها للجماهير؛ ابتهاجاً بالعرس, حيث قدموا مختلف الأناشيد والأشعار, والعديد من الرقصات اليمنية, والدبكات الشعبية.., مما أضفى على العرس طابعا مميزا, حاز إعجاب الحاضرين, وقد كان في مقدمة الحاضرين مفتي صنعاء, وقاضيها: الشيخ محمد العمراني ـ حفظه الله ـ, وقد أعاد هذا العرس الجماعي بالذاكرة إلى أعراسنا في المملكة, والتي تفتقد الفرح والسرور, ولا سيما في صالات الرجال, حيث يشتغل الحاضرون بأكواب الشاي والقهوة والعصير وبوجبة الوليمة طيلة فترة العرس, دون ظهور أي مظهر من مظاهر الفرح, خلافا لما جاء في السنة (أعلنوا هذا النكاح, واضربوا عليه بالدف) وفي لفظ (واضربوا عليه بالغربال) قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: "وظاهره سواء كان الضارب رجلا أو امرأة, وهو ظاهر نصوصه - أي الإمام أحمد - وكلام الأصحاب.."أ.هـ، وقد نازع الشيخ السبكي من قَصَر الدف على النساء, وقال: "الجمهور لم يفرقوا بين الرجال والنساء, والأصل اشتراك الرجال والنساء في الأحكام, إلا ما ورد الشرع فيه بالفرقة, ولم يرد هنا, وليس ذلك مما يختص بالنساء حتى يقال يحرم على الرجال التشبه بهن"أ.هـ، وبكل حال, فللرجال رقصات تختلف عن النساء, وللنساء رقصات تختص بهن, واستدل بعض أهل العلم على جواز رقص الرجال في مناسبات الأفراح بقصة لعب أهل الحبشة بحرابهم, وإقرار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم, وحديثهم في الصحيحين.., ولأجل عاداتنا في الأعراس, والمفتقرة للفرح والسرور, فقد أصبح الحضور لدى البعض يشكل عبئا ثقيلا, وحملا كبيرا, ولذا: أصبح التخلف في مجتمعنا عن حضور هذه المناسبات سمة ظاهرة.
وأضحى الحضور الباهت يمثل صورة بارزة, حتى ربما حضر المدعو لثلاثة أعراس أو أربعة في ليلة واحدة, لقلة اكتراثه بمكثه في صالة العرس.., وربما سجل حضوره للعرس بمصافحة أهل العروس أو العريس, ثم رجع أدراجه إلى منزله ليستمتع بالجلوس مع أولاده, عوضاً عن توزيع الابتسامات الصفراء دون طائل..!
ولهذا, فإنه ينبغي تغيير المعادلة, بتخفيف مظاهر البذخ التي تغضب الخالق عز وجل, وبتفعيل مظاهر الفرح والسرور, وذلك بإنشاد الأشعار الجميلة المصاحبة للدف, وبعرض الدبكات الشعبية التي تحيي العرس, وتضفي عليه طابع الإعلان, وتبدي عليه مظهر الفرح والسرور, كما يقع في كثير من الأعراس العربية المحافظة, عبر الدبكات السورية, والعرضات اليمنية, وغيرها كثير, بشرط أن تكون مضبوطة بالضوابط الشرعية, بحيث تكون خالية من مظاهر العزف المحرم, وبهذا نعيد للأعراس فرحتها, وتكون أعراسنا أفراحاً سعيدة, ومناسبات جميلة, يترقبها الصغير والكبير, ويتلهف لموعدها المرأة والرجل على حد سواء, وتبقى محفورة في ذاكرة الحضور طيلة العمر, فلا تنسى بمجرد الخروج من صالة العرس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي