انعكسات الدولار على تمويل المصارف للمساكن

انعكسات الدولار على تمويل المصارف للمساكن

كما هو معلوم اليوم بأن الدولار أصبح ينخفض إلى مستويات قياسية مقارنة بالعملات الأخرى والسلع الأساسية وأصبح مثل هذا الأمر يمثل إشكالا للكثير من الدول التي ترتبط بهذه العملة من جهة وجود تضخم لأسعار السلع التي تأتي من الخارج بشكل مباشر ، وللسلع والخدمات المحلية بشكل غير مباشر ، وذلك لأن المواد الأساسية التي تدخل في إنتاج تلك السلع والخدمات قد تكون مستوردة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة البناء وبالتالي الإيجار ، أضف إلى ذلك ارتفاع الأجور للعاملين خصوصا من الخارج.
بطبيعة الحال نجد اليوم اهتماما كبير من المسؤولين بحل أزمة المساكن وذلك بتوفير الكثير من الوسائل لزيادة الحركة العمرانية و التعجيل بإصدار نظام الرهن العقاري ، بالإضافة إلى البرامج الكثيرة التي تقدمها المصارف اليوم لتمويل شراء المساكن ، يأتي هذا كله وسوقنا المحلية تشهد العديد من المتغيرات الاقتصادية، من المشاكل التي يمكن أن تواجه قطاع العقار نوع من الركود قليلا ليس لان هناك نقص في السيولة، ولكن بسبب عدم الاطمئنان للاستثمار في هذا القطاع مع الزمن، ولعله حتى تتضح الصورة بشكل أكبر أنه مع انخفاض الدولار اليوم تجد الإقبال على قطاع العقار في الولايات المتحدة من الممكن أن يكون أقل من منطقة اليورو، والسبب في ذلك أنه ومع انخفاض قيمة العملة والخشية من تأخر تعافي الاقتصاد الأمريكي بدا للمستثمرين أن الاستثمار في مثل هذه القطاعات قد يتسبب في تآكل ثرواتهم ، حيث إننا لو افترضنا أن هذا الاستثمار ارتفع بنسبة 10 في المائة مع انخفاض العملة أمام العملات الرئيسية بنسبة 15 في المائة ، سيؤدي ذلك إلى تآكل تلك الثروة وأنه لو استثمرها بعملة أخرى حتى لو لم يحقق العقار ارتفاع في قيمته ، إلا أنه حقق حماية لثروته بشكل أكبر مقابل الاستثمار السابق، وهذا ما يفسر الإقبال الكبير لشراء السلع الرئيسية والمعادن وانصراف الناس عن الأسواق المالية والعقار في بعض الدول حتى وإن كانت الأسهم تدر أرباحا في العادة.
يخشى في المستقبل أن يكون هناك انصراف عن سوق الأسهم والعقار بعد ما شهد موجات من الزيادات في الأسعار وذلك نتيجة لعدم اطمئنان المستثمرين لوضع الدولار ، ومن الممكن أن ينعكس انخفاض الدولار على عقود المقاولات في السوق المحلي خصوصا الذي يمتد منه إلى سنوات ، بأنه قد يكون في ذلك مبالغة نظرا للخشية التي قد تنتاب المقاول أو المستثمر من انخفاض قيمة العملة وزيادة الأسعار.
إن دعوى أن بقاء سعر الريال بهذا المستوى سوف يسهم بزيادة الصادرات ونمو الاقتصاد وعدم الإضرار باستثمارات الدولة في الخارج يحتاج إلى شيء من إعادة النظر ، لأن من شان القول بذلك المطالبة بخفض قيمة الريال مقابل الدولار - كأن يكون الدولار بأربعة ريالات مثلا - سيحقق هذا المعنى بشكل أكبر وهذا يحتاج إلى إعادة نظر، إذ إن هذا يحقق نموا اقتصاديا غير حقيقي، والنمو الاقتصادي الحقيقي هو النمو الذي يتحقق ويتناسب مع مستوى أسعار العملات والسلع، ويزيد من مستوى ثقة المستثمر والأسعار في الدولة، يضاف إلى ذلك أن إعادة النظر في تقييم العملة قد يسهم في استفادة عدد أكبر من أفراد المجتمع بدلا من فئة واحدة في المجتمع كالموظفين أو التجار.
فنخلص مما سبق إلى أحد أمرين، وهما أنه من الممكن استمرار الاستثمار في العقار ولكن مع زيادة الأسعار بشكل كبير ، أو عدم إقبال المستثمرين على مثل هذا النوع من الاستثمارات لوجود استثمارات أجدى مثل المتاجرة بالسلع الأساسية والمعادن في الأسواق الدولية ، وهذا بالتالي سينعكس على حركة التمويل التي تنشط فيها المصارف اليوم.

جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
E-mail: [email protected]

الأكثر قراءة