الأسواق الشعبية : علامات مقلدة .. وأسعار خيالية .. و "مكاسر" بالطريقة العربية

الأسواق الشعبية : علامات مقلدة .. وأسعار خيالية .. و "مكاسر" بالطريقة العربية

البائع: 860 يوان هو سعر هذا القميص .. الزبون: ولكنه مبالغ فيه.. البائع: حسنا سأبيعك إياه بـ 40 يوانا .. الزبون: وأنا قبلت الثمن..
هذا باختصار هو الحديث الذي يتكرر في الأسواق الشعبية الصينية، حيث يعمد الباعة إلى عرض سلعهم التي عادة ما تحمل أسماء لعلامات عالمية مقلدة، بأسعار تحمل أرقاما من ثلاث خانات، وبعد "المكاسر" على الطريقة العربية، يقبل البائع بسعر رقمه من خانتين فقط.
إليكم هذا المشهد الذي حدث لنا في سوق "السلك ماركت" وهي إحدى الأسواق الشعبية في بكين التي زرتها مع زملائي في لجنة شباب الأعمال خلال رحلتنا إلى الصين، ورأينا كيف يتعامل التجار هنا مع الزبائن من الجنسيات المختلفة غير الصينيين، ولحسن الحظ أنه كان معنا خلال هذه الزيارة ياسر القحطاني رئيس وحدة مجالس الأعمال المشتركة في مجلس الغرف السعودية الذي زار الصين سابقا، وعرف التعامل مع التجار في الأسواق الشعبية مسبقا.
عندما دلفنا أول محل لبيع المستلزمات الرجالية سألت عن قميص رجالي، فقالت فتاة تعمل في المحل إن ثمنه 860 يوانا - اسم العملة الصينية، هنا ربّت على كتفي زميلي ياسر وقال: احذف الصفر من خانة الآحاد واقسم على اثنين، فقلت لها سأشتريه بـ 40 يوانا فقط، وهنا استشاطت الفتاة غضبا وقالت 200 يوانا فقط هو أقل سعر يمكن أن أبيعك هذا القميص، التفت إلى زملائي مستغربا القفزة السعرية إلى أسفل، وكيف أن تلك الفتاة تنازلت عن 660 يوانا دفعة واحدة، فقال زميلي ياسر فقط هي 40 يوانا يا فهد وستبيعك الفتاة القميص ولا تبالي لغضبها المصطنع. وبعد جدال لم يستمر طولا نطقت الفتاة بلكنة عربية مكسرة كلمة 50 وقالت سأبيعك القميص بـ 50 دولارا، عندها تعالت ضحكاتنا وكأنها تحسبنا نجهل العملات، وهنا عادت الفتاة وطلبت الثمن نفسه بالعملة المحلية.
أدركت حينها أنها ستبيع بسعر لا يزيد على 40 يوانا، وحينما هممنا بمغادرة ذلك المتجر الصغير، عادت الفتاة لتجذب قميصي وبقوة وتعيدني إلى متجرها وسط ضحكات زملائي وهي تقول سأبيعك القميص بـ 40 يوانا، فتحققت المعادلة الصعبة، وقبلت الصفقة، وتأكدت لي مقولة صديقي ياسر القحطاني، أننا مستهدفون في هذه السوق ويجب أن نحرص على ألا يغشنا البائعون.
مشهد آخر هذه المرة حدث مع ياسر نفسه، حيث اتجه إلى متجر صغير لبيع الأجهزة الإلكترونية، وسأل عن جهاز موبايل يشبه إلى حد كبير جهازا يحمله هو من إنتاج شركة فنلندية مشهورة، فقالت له البائعة إنه بـ 3500 يوان، وبعد أخذ ورد، خفضت السعر إلى 1500 يوان، فسأسلها ياسر هل الجهاز أصلي، فقالت نعم، فأخرج من جيبه جهازه الأصلي وقال: هل هو مثل هذا؟ عندها جذبت الفتاة جهازها المقلد، وتمتمت بكلمات صينية غير مفهومة، مدركة أنه لن يشتري جهازها المقلد أبدا.
هذه بعض المشاهد من السوق الصينية التي تعج بالبضائع المقلدة وأسماء العلامات العالمية التي تجدها على كل المنتجات سواء الملابس أو الأحذية أو الشنط وحتى الإكسسوارات، فلا قانون يمنع من بيع البضائع المقلدة. لكن ما يميز تلك الأسواق التحف والهدايا والحرفيات المصنوعة محليا في الصين، وهي بالطبع ليست مقلدة، ولكنها تباع بأسعار مرتفعة بعض الشيء.
في المقابل فإن الأسواق الصينية الراقية، تزخر بالبضائع عالية الجودة سواء المصنوعة محليا في الصين، أو المستورة من اليابان وأوروبا وأمريكا، حيث تنتشر فروع الوكالات والعلامات العالمية، ولكن ما يعاب على تلك الوكالات هو مغالاتها في الأسعار، فتجد أن أسعارها هنا في السعودية أقل منها في الصين. وعند سؤالي أحد التجار عن السبب في ارتفاع الأسعار على الرغم من أن الصين معروفة بأن منتجاتها الأقل سعرا بين نظرائها الآسيويين والأوروبيين، قال إن التضخم الذي ارتفع معدله في البلاد هو السبب في ارتفاع الأسعار هنا، إلا أنه استدرك قائلا إن أردت أسعارا أقل فاذهب إلى المصانع التي تبيع لك كميات كبيرة من المنتجات وبأسعار منافسة.
وكان المكتب الوطني للإحصائيات في الصين قد أعلن الأسبوع الماضي أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في الصين قفز إلى 8.7 في المائة في شباط (فبراير) مسجلا أعلى مستوى له في أكثر من 11 عاما من 7.1 في المائة في كانون الثاني (يناير). ووفقا للمكتب فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية التي تؤلف ثلث سلة المستهلكين 23.3 في المائة في شباط (فبراير) عما كانت عليه منذ عام مقارنة بزيادة قدرها 18.2 في المائة في الاثني عشر شهرا حتى كانون الثاني (يناير).

الأكثر قراءة