"ساب": الاقتصاد القطري الأسرع نموا في منطقة الخليج مع اعتماد قوي على الغاز

"ساب": الاقتصاد القطري الأسرع نموا في منطقة الخليج مع اعتماد قوي على الغاز

يشهد الاقتصاد القطري نمواً متسارعاً مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى حيث من المتوقع أن يحقق إجمالي الناتج المحلي الحقيقي نمواً يصل إلى 14.3 في المائة في عام 2008 مقارنة بمعدل يصل إلى 13.5 في المائة عام 2009. وفي الواقع كان معدل النمو يقترب من 10 في المائة خلال السنوات السبع الماضية. يبلغ عدد السكان في قطر نحو 900 ألف نسمة. وتوقع تقرير صدر أمس عن "ساب" أن يشهد الاقتصاد القطري طفرة كبيرة بفضل صناعة الغاز الطبيعي المسال وزيادة القدرة النفطية مما ينعكس إيجاباً على زيادة الصادرات بما في ذلك إنتاج المكثفات المصاحبة (مكثفات الغاز الطبيعي) والمشاريع الصناعية المعتمدة على الغاز ولاسيما في قطاع البتروكيماويات. ومن المتوقع أن تشهد قطر نمواً اقتصادياً ملحوظاً جراء الزيادة المطردة على صعيد الطلب المحلي جراء التوسع الهائل في قطاع الإنشاءات والخدمات المالية.
ويتوقع أيضاً أن تستمر الزيادة القوية في الإنفاق الحكومي عام 2008 حيث ستسهم البرامج الكبرى في مجال التعليم والصحة والنقل في تعزيز الاقتصاد القطري. الجدير بالذكر أن الإنفاق الحكومي سيؤدي إلى مزيد من استهلاك الأفراد حيث يعمل نحو 96 في المائة من القوى العاملة القطرية في القطاع الحكومي. كما يتوقع أيضاً أن يشهد الاقتصاد نمواً قوياً خلال عام 2012 حيث تتوقع الدراسة أن يصل متوسط إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلى معدل 11 في المائة سنوياً. وعلى الصعيد المالي، من المتوقع أن تسجل قطر فائضاً آخر عام 2008 حتى مع افتراض أن سعر برميل النفط سيتراجع إلى 45 دولاراً فقط, ولكن النجاح له تبعاته وانعكاساته، فنظراً للنمو الكبير الذي شهده الاقتصاد القطري وتفوق الطلب على العرض، أدت القيود والضغوط الهائلة على القدرة الإنتاجية إلى ظهور مخاطر التضخم، وكان السبب الرئيسي وراء ارتفاع معدل التضخم في عام 2007 هو زيادة قيمة الإيجارات بسبب نقص الوحدات السكنية وزيادة الطلب وارتفاع الأجور والرواتب بالنسبة للمواطنين والوافدين, وبالرغم من إمكانية تخفيف وطأة الضغوط الناجمة عن العرض في عام 2008، إلا أنه من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم 11.5 في المائة. أما في عام 2009، فمن المتوقع أن يحقق العرض في الوحدات السكنية نوعاً من التوازن مع الطلب بفضل دخول مزيد من مرافق البنية التحتية إلى حيز التشغيل وسط تنبؤات باقتراب نسبة التضخم من 10 في المائة.
ولمواجهة هذه المشكلة تم وضع حد أقصى لزيادة الإيجارات بنسبة 10 في المائة كل عامين، إلا أن هذا الحل لم يجد نفعاً في تخفيف حدة التضخم في الإيجارات. وتم الانتهاء من جدولة الحد الأقصى لزيادة الإيجارات في شباط (فبراير) 2008. وبالمثل، لم تتمكن دبي وأبو ظبي من السيطرة على معدلات التضخم في قيمة الإيجارات من خلال وضع سقف لزيادتها. وربما أسهم تجميد سعر دقيق القمح والمنتجات المعتمدة على القمح في تفاقم معدلات التضخم، حيث يمكن أن يؤدي تجميد الأسعار إلى زيادة الطلب من جانب المستهلك ولكن في الوقت نفسه يسبب إحباطا لدى المورد والمنتج.
الشعور بالأمن والاستقرار ونظراً لاستمرار مشكلة التضخم، يتعين على السلطات والهيئات المعنية في قطر وفي باقي دول مجلس التعاون الخليجي الحد من زيادة الأجور والرواتب وجدولة تنفيذ المشاريع الكبيرة على المدى المتوسط، وبمقدور قطر الإبطاء في تطوير المشاريع نظراً لأن الهدف الرئيسي لا يتمثل في إيجاد وظائف جديدة ولكن يكمن في إيجاد حوافز لتشغيل المواطنين القطريين في القطاع الخاص. ومع ذلك فما زلنا نتوقع أن تشهد قطر بحلول عام 2010 مشاريع إنشائية تقدر قيمتها بنحو 82.5 مليار دولار، بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة القطرية من أجل تقليل تكاليف المباني من خلال إلغاء الرسوم الجمركية على واردات حديد التسليح والأسمنت ومواد البناء الأخرى من دول مجلس التعاون الخليجي. ونتيجة للطفرة الاقتصادية التي تشهدها قطر، فقد سعى المنتجون في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى إلى تصدير مواد البناء إلى قطر في محاولة لتحقيق هامش ربح أعلى، مما أدى إلى اختلال توازن الأسواق في بلادهم وظهور حالة من العجز في هذه المواد هناك, وعلى غرار دول مجلس التعاون الخليجية الأخرى، يجب ألا تترك حالة الركود الذي يشهده الاقتصاد الأمريكي انعكاسات سلبية على معدل النمو المتوقع في قطر خلال عام 2008، وذلك في ضوء ارتفاع أسعار النفط، مما سيساعد دول الخليج على تصريف أمورها بشكل منفصل خلال عام 2008. ونحن نعتقد أن سياسة ربط قيمة الريال القطري بالدولار الأمريكي ستستمر خلال الفترة التي ستسبق قيام الوحدة النقدية لدول مجلس التعاون الخليجي. أما بالنسبة لمعدل صرف العملة، فنحن لا نتوقع حدوث أي تغيير خلال عام 2008 بالرغم من أن سعر الصرف الآجل يشير إلى عكس ذلك. ولا شك أن الاعتماد على مصادر أخرى بخلاف النفط ومشتقاته والتحولات في ميزان القوى الخاص بالعملات وبيع الأصول المالية للأفراد والمستجدات الأمنية والجيوسياسية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي سيقلل من الحاجة إلى استمرار التركيز على التعامل بالدولار الأمريكي. تجدر الإشارة إلى أن الصادرات القطرية تعتمد إلى حد كبير على النفط ومشتقاته، مما يجعل مسألة إعادة تقييم العملة أمراً غير محتمل، إذ شكلت صادرات النفط ومشتقاته في عام 2006 نحو 89 في المائة من إجمالي الصادرات القطرية في حين بلغت عائداتها 64 في المائة من إجمالي العائدات. وربما ينطوي النمو الاقتصادي القوي في عام 2008 على مخاطر كبيرة مثل انخفاض أسعار النفط والغاز أو تدهور الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الخليج. زيادة الطلب على الوقود الملائم للبيئة تمتلك قطر نحو 14 في المائة من احتياطي الغاز على مستوى العالم، مما يجعلها تحتل المرتبة الثالثة عالمياً من حيث احتياطي الغاز الطبيعي بعد روسيا وإيران. تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، ويتم تصدير معظمه في شكل غاز طبيعي مسال. ويتم تصدير معظم الغاز الطبيعي القطري في صورة غاز طبيعي مسال إلى الصين والهند وكوريا واليابان. ومن المتوقع أن تقوم قطر باستثمار ما يزيد على 90 مليار دولار بحلول عام 2012 في قطاع الغاز، مما سيؤدي إلى زيارة صادرات الغاز الطبيعي المسال ثلاثة أضعاف. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط إلى 1.1 مليون برميل يومياً بحلول عام 2010 نتيجة استثمارات بقيمة 5.5 مليار دولار في حقل الشاهين. وتذهب صادرات النفط القطري الخام بشكل رئيسي إلى دول آسيا (97 في المائة في عام 2006). ومن المتوقع أن ينخفض اعتماد قطر على النفط الخام وسط تنبؤات بوصول إنتاج النفط إلى ذروته خلال عام 2010، مما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في صادرات المكثفات النفطية ووصول إنتاج وقود الديزل منخفض الكبريت، الذي يعتمد على تقنيات إسالة الغاز، إلى الذروة. ونحن نتوقع أنه بحلول عام 2012 سيمثل النفط الخام 24 في المائة من صادرات النفط ومشتقاته مقابل 54 في المائة للغاز الطبيعي المسال والمكثفات المصاحبة له, ومن المرجح إنشاء شبكة غاز لدول مجلس التعاون الخليجي تنطلق من قطر وستكون المملكة أحد المستفيدين الرئيسين، حيث يتم تشغيل مشاريع الدلفين لخط أنابيب الغاز الطبيعي البحري في الوقت الحالي، ويربط بين خطوط الغاز الطبيعي في عمان والإمارات وقطر. وتضم المرحلة التالية من المشاريع زيادة كمية الغاز الذي يتم ضخه عبر الأنابيب إلى الإمارات. ويتوقع أن تقوم قطر بتزويد وجهات أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي بالغاز في المستقبل مما قد يسهم في تلبية جزء من طلب المنطقة على الغاز في ضوء تزايد الطلب على الكهرباء والصناعات الأخرى.
ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بحلول عام 2010 بإنهاء التعليق الذي فرضته في عام 2005 على مشاريع غاز الحقول الخضراء الجديدة، مما يمهد الطريق أمام تنفيذ برامج الغاز الطبيعي المسال وربما تقنيات إسالة الغاز. ومع ذلك، أكدت شركة قطر للنفط الحكومية التزامها بضمان إدارة احتياطي الغاز في حقل الشمال بعناية كبيرة وتدل أحدث المؤشرات على اقتراب مستوى الإنتاج من المعدل الأمثل حسب الخطط الموضوعة في هذا الإطار.
ومن المتوقع أن يتم تعزيز مكانة قطر في أسواق الغاز العالمية في ضوء زيادة الطلب العالمي على أشكال طاقة أكثر رفقاً بالبيئة، لذا فمن المتوقع أن تزيد شهرة الغاز القطري المسال نظراً لإمكاناته المتوافقة مع الاستخدامات البيئية. ومن المرجح أن تسهم صادرات الغاز القطري إلى أوروبا في تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.
ومن الجدير بالذكر أن استخدام الغاز الطبيعي كمادة خام من أجل تعزيز التنمية الصناعية يعد أمراً ذا جدوى اقتصادية وهذا بخلاف النفط الخام أو وقود النفط الذي يعتمد عليه كثير من المصانع. ويجري العمل حالياً في إنشاء مصنع ألمنيوم بقدرة إنتاجية تبلغ 1.2 مليون طن سنوياً وتكلفة إجمالية تقدر بنحو ستة مليارات دولار ومن المتوقع أن يتم تشغيل المصنع جزئياً في عام 2009 ثم تشغيله بكامل طاقته اعتباراًً من العام التالي.
البنية التحتية والمشاريع العقارية وستظل مشاريع البنية التحتية سلاحاً ذا حدين إذ تعمل على تلبية الطلب المحلي الكبير ولكنها في الوقت نفسه ستضع ضغوطاً على قدرة الاقتصاد القطري. فعلى سبيل المثال من المتوقع أن يستوعب مطار الدوحة الدولي الجديد نحو 50 مليون مسافر بحلول عام 2015، إذ سيتم إنجاز المرحلة الأولى منه بحلول عام 2009 عبر استثمارات تقدر بنحو ملياري دولار.

الأكثر قراءة