الترجيح

 الترجيح

تقرأ هذا المصطلح في جملة من أسماء العلوم ويتداول أكثر النتائج الفقهية ليكون تمييزاً لما يراه الناظر أو الباحث من اختيار بين الأقوال المختلفة، وهو مصطلح دلالته اللغوية والاصطلاحية تعني نوعا من الميل الفاضل لأحد الأقوال لقوة دليله في نظر الفقيه أو الباحث، وهذا المعنى يفترض أن يكون حتى عند آحاد طلبة العلم والناظرين فيه؛ لأنك تقرأ في واقع البعض من طلبة العلم فرض الترجيح على معنى القطع، حتى صار تمانع بين أقوال أئمة الفقهاء في فهم بعض المبتدئة في العلم، وربما أن مناهج البحث المعاصر صار في بعض طرقها مبالغة في تحصيل الترجيح الفقهي بلزوم الرد والمنع لكل أدلة الأقوال التي صارت مرجوحة، وهذا في الحقيقة العلمية ليس بلازم في مثل هذا النوع من مسائل الشريعة، بل لا تتصور في الأقوال المعروفة عن جملة من كبار الأئمة كالأئمة الأربعة حتى يكون القول ممنوع الدليل منعا منضبطا، بل يكون وجه من الدليل غيره أقوى منه إلا في شاذ الأقوال فهذا مقام آخر، وجملة المقصود أن الأقوال الفقهية المعروفة عند كبار الأئمة يجب توقيرها في نظام البحث العلمي المعتدل، وأنت ترى أحمد وأمثاله من الأئمة تتعدد الرواية عنهم، وترى الشافعي واختلاف كثير من اجتهاده، وهذا المعنى لا يخفى على فقيه، لكن يبقى مورد الإشكال في بعض الابتداء الذي لا يحاط بفقه علمي، وهذا ربما يعرض لبعض الباحثين في التكلف في الجواب والمناقشة لأقوال المذاهب الفقهية التي مال عنها، وربما من مستدعي ذلك إلحاح بعض طرق البحث العلمي على ما يسمى (ظهور شخصية الباحث)، وهذا المعنى صادق بذاته لكن تطبيقه بهذا الاختصار يعد نوعا من الوهم الذي عرض لبعض الباحثين، وفي الجملة فالعلم له أخلاق صادقة يجب أن يصار إليها، وأن يحاط طلبة العلم به، وهذا من معنى الحكمة الذي جاءت بها الشريعة، وقد قال صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) والله الهادي.

الأكثر قراءة