رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


نظرة على تكاليف المعيشة

[email protected]

اطلعت أخيرا على التقرير الشهري للرقم القياسي لتكاليف المعيشة في المملكة لنيسان (أبريل) 2008، ويحتوي التقرير على معلومات غنية فيما يخص الترتيب العام لها، وكذلك الإطار العام لتلك المعلومات، الذي بلا شك يعد تقريرا مهما جدا فيما يخص الخطط المستقبلية والقرارات التي تهم المشرعين بالدرجة الأولى، وكذلك فإن مثل هذا التقرير يمثل أهمية كبيرة على مستوى قطاع الأعمال وخططهم المستقبلية، وكذلك يمثل مؤشرا مهما على مدى ملاءمة الاقتصاد لجذب الاستثمارات وجذب الكوادر العالمية التي تعتبر تكلفة مستوى المعيشة مؤشرا مهما لقبول العمل في أي اقتصاد.
خلال تصفحي لذلك التقرير لفت انتباهي العديد من الملاحظات التي أرى أنها تمثل لب الحوار فيما يخص تكاليف المعيشة في المملكة، وتمثل نقطة جوهرية للنقاش حول تأثيرات ارتفاع مستويات التضخم في تكلفة المعيشة، وهو ما جعل مؤشرات أسعار السلع والخدمات تزداد شعبية وأهمية، وكذلك فإن مستوى دقة تلك الأرقام في عكس الواقع الحالي لتكاليف المعيشة في المملكة ومدى تطورها لتواكب التغيرات المستقبلية المتوقعة على الأداء الاقتصادي المحلي، وهنا لا أود الدخول في تفاصيل التقرير من الناحية الاقتصادية، ولكن محاولة قراءة بعض التفاصيل الواردة من منظور تحليلي كلي.
ولعل أول الملاحظات التي شدت انتباهي هي في آخر التعديلات التي أجريت على ذلك التقرير بهدف تحسين وتطوير الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، التي بلا شك انعكست على دقة التقرير وأرقامه الحالية، فآخر تعديل أجري على التقرير كان عام 2001، أي قبل أكثر من سبع سنوات وتلك السنوات من 2001 إلى 2008 حملت تغيرات كبيرة جدا على مستوى تكاليف المعيشة بشكل يكاد يلغي جميع الأوزان السابقة، وبالتالي يغير بشكل كبير تطبيقه على أرض الواقع عام 2008. نعم لقد تم تطوير التقرير بزيادة قدرها 100 في المائة على مستوى بنود المختارة والداخلة في الرقم القياسي لتكاليف المعيشة، ونعم تم زيادة نطاق التغطية الجغرافية بزيادة 60 في المائة، وهذا بلا شك يدل على الرغبة في التطوير ومواكبة الاحتياجات المرحلية لمثل هذا التقرير، ولكن تبقى السنوات الخمس الأخيرة تحديدا تاريخا جديدا في التعاطي مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية.
ولكن يبقى التساؤل الأكبر، في مدى دقة هذه الزيادة في عكس الواقع الحالي؟ فهل تمثل الـ 406 بنود أهم البنود في تكاليف المعيشة عام 2008؟ وهل تمثل أثقال تلك البنود البعد الحقيقي لها في تكاليف اليوم؟ فعلى سبيل المثال تمثل الإيجارات ما نسبته 18 في المائة من الوزن الكلي بالرقم القياسي لتكاليف جميع السكان، وهو رقم يعد أقل بكثير من الواقع الحالي للإيجارات وكذلك أقل من العرف العالمي في حساب تكلفة الإيجار الذي يصل إلى 25 في المائة من دخل الفرد.
من جهة أخرى، فإننا نرى أن نسبة التركز السكاني في المملكة قد تقلل بشكل كبير من نسبة مشاركة المناطق الأقل نموا في ثقل المؤشرات، بمعنى أن ارتفاع الإيجارات في المدن الرئيسة هي المؤشر الحقيقي لسبب بسيط وهو أن أغلب سكان المناطق الأخرى يسكنون في بيوت مملوكة بحكم الإقامة الأصلية لهم، بينما نجد أن غالبية سكان المدن الرئيسية يأتون من خارجها. وفي التقرير نجد أن عينة البحث ما يقارب 1030 وحدة سكنية على مستوى المملكة، 36 في المائة منها تأتي من المدن الرئيسة الأربع (الرياض، مكة، جدة، والدمام)، مع العلم أن هذه المدن تمثل أكثر من 50 في المائة من عدد سكان المملكة، فهل تمثل الـ 36 في المائة انعكاسا حقيقيا لتكلفة الإيجارات بشكل يمكن تعميمه على مستوى المملكة.
وللحديث بقية عن أهمية دقة المعلومات وانعكاسها الحقيقي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي