36 بلداً تواجه أزمة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية

36 بلداً تواجه أزمة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية

في مدينة مكسيكو سيتي، اندلعت احتجاجات جماهيرية على ارتفاع تكلفة خبز الترتيه. وشهد غرب البنجال اندلاع نزاعات حول ترشيد حصص المواد الغذائية. ولم تكن السنغال وموريتانيا وأجزاء أخرى من إفريقيا بمنأى عن ذلك حيث شهدت أعمال شغب نتيجة لارتفاع أسعار الحبوب. أما في اليمن، فقد خرج الأطفال في مسيرات حاشدة للفت الانتباه إلى ضرورة القضاء على جوع الأطفال. 
هذه السلسلة من الأحداث تقف على طرفي نقيض مع انخفاض أسعار المواد الغذائية الذي توقعه المستهلكون خلال العقود العديدة الماضية.
في 13 شباط (فبراير)، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة أن 36 بلداً من بلدان العالم تواجه أزمة حالية نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأن الوضع سيستلزم تقديم مساعدات خارجية إليها. وقد تفاقم انعدام الأمن الغذائي ـ في العديد من تلك البلدان ـ نتيجة للصراعات والفيضانات أو الظروف المناخية البالغة الشدة. 
وفي الشهر الماضي، دعا السيد روبرت زوليك أثناء وجوده في دافوس وأديس أبابا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الجوع وسوء التغذية في عالم يشهد ارتفاعاً مطرداً في أسعار المواد الغذائية. حيث قال، "إن الجوع وسوء التغذية يشكلان ذلك الهدف المنسي من الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة. إننا لم نعط هذا الهدف سوى النزر اليسير من الاهتمام، ولكن زيادة أسعار المواد الغذائية والمخاطر التي تنطوي عليها ـ ليس فقط بالنسبة للناس ولكن أيضاً بالنسبة للاستقرار السياسي ـ قد جعلت هذا الأمر مسألة ملحة للغاية لاسترعاء الانتباه الذي تقتضيه".

تصاعد أسعار المعادن والطاقة

بينما يُنظر إلى تصدّر ارتفاع أسعار المواد الغذائية عناوين الأخبار الرئيسية على أنه ظاهرة حديثة نسبياً، فإن التصاعد الأوسع نطاقاً في أسعار السلع الأولية لم يكن وليد اللحظة بل إنه قد بدأ في عام2001 ، وقد تجلت التحولات الهيكلية الكبيرة في الاقتصاد العالمي ـ بما في ذلك نمو الطلب في الصين والهند ـ بصورة مطردة في الزيادات التي تشهدها أسعار السلع الأولية، وبخاصة أسعار المعادن والطاقة، والمواد الغذائية بصفة عامة بنحو 75 في المائة منذ بداية هذا القرن. ومن شأن تعديل الأسعار وفقاً لأسعار الصرف ومعدلات التضخم أن يؤدي إلى تخفيض الزيادات في الأسعار التي تواجهها البلدان النامية ـ ولكن تلك الزيادات مازالت شديدة الوطأة على ملايين المستهلكين من الفقراء. قال دون ميتشل، كبير الخبراء الاقتصاديين بمجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي، "لا يعود السبب في زيادة أسعار الحبوب إلى حدوث انقطاع في الإمدادات على الأمد القصير، كما هو الحال في الظروف العادية، ولذلك، فمن المرجح أن يستغرق الأمر عدة سنوات حتى تزداد الإمدادات إلى درجة تكفي لإعادة تكوين المخزونات، ومن ثم السماح بانخفاض الأسعار إذا كنت تعيش على أقل من دولار أمريكي واحد في اليوم لا يلوح أي انفراج في الأفق من المرجح أن تستمر الأسباب الجذرية لظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ـ بسبب ارتفاع أسعار منتجات الطاقة والأسمدة، والطلب على المحاصيل الغذائية في إنتاج الوقود الحيوي، وانخفاض المخزون العالمي من الغذاء ـ في الأمد المتوسط.
ومن المتوقع كذلك أن تبقى أسعار منتجات الطاقة والأسمدة مرتفعة دون انخفاض. وقد ارتفعت أسعار الأسمدة بالفعل بواقع 150 في المائة في السنوات الخمس الماضية. وهذه الزيادة كبيرة للغاية، ويرجع ذلك إلى أن تكلفة الأسمدة تشكل ما نسبته 25 إلى 30 في المائة من إجمالي تكلفة إنتاج الحبوب في الولايات المتحدة (التي توفر 40 في المائة من إجمالي صادرات الحبوب على مستوى العالم).
ومن المحتمل أيضاً أن يرتفع الطلب على أنواع الوقود الحيوي، حيث جرى هذا العام تخصيص 25 في المائة من محصول الذرة في الولايات المتحدة (11 في المائة من مجمل المحصول العالمي) لأغراض إنتاج الوقود الحيوي، علماً بأن الولايات المتحدة توفر أكثر من 60 في المائة من صادرات الذرة في العالم. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ـ وهي واحدة من بين أكثر من 20 دولة تفرض استخدام أنواع الوقود الحيوي ـ قد قامت لتوها برفع سقف التفويض المتعلق باستخدام الوقود الحيوي بواقع الضعف بحلول عام 2015.

من أرض الواقع

 تخيّلوا إحدى الأسر المنخفضة الدخل، لنقل في بنجلادش مثلاً، تدفع 20 سنتاً للحصول على كيلو جرام واحد من الأرز في أحد الأعوام، ثم تجد نفسها فجأة مضطرة في العام التالي إلى دفع 30 سنتاً. بالنسبة للفقراء الذين ينفقون في الغالب أكثر من نصف دخولهم على الغذاء، فإن الزيادات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية الأساسية يمكن أن يكون لها تأثير مدمر.
فاليمن الذي يستورد نحو مليوني طن متري من القمح سنوياً يشكل مثالاً على كيف يمكن لارتفاع أسعار المواد الغذائية أن يؤدي إلى ازدياد معدلات الفقر. فبعد عام من التضخم القياسي، من الممكن أن يؤدي ارتفاع أسعار القمح ومنتجاته بواقع الضعف إلى ازدياد عدد الفقراء في عمومه بما نسبته ست نقاط مئوية.
يقول تيروملاي سرينيفاسان، وهو خبير اقتصادي أول في البنك الدولي ـ اليمن، "إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى عكس مسار المكاسب التي تحققت أخيرا في هذا البلد بشكل كامل في مجال الحد من الفقر الذي شاهدناه خلال فترة السنوات 1998 - 2005".
وبينما يعد الفقراء في المناطق الحضرية أكثر المتضررين من هذه الزيادات، إلا أنه حري بنا أن نتذكر أن معظم سكان المناطق الريفية هم مشترون للمواد الغذائية وليسوا بائعين لها. ويمكن أن تكون لذلك الوضع آثار شديدة على عمال الريف من غير ملاك الأراضي الذين قد لا تواكب زيادة أجورهم المتدنية الزيادة في أسعار المواد الغذائية.

لا يلوح أي انفراج في الأفق

من المرجح أن تستمر الأسباب الجذرية لظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ـ بسبب ارتفاع أسعار منتجات الطاقة والأسمدة، والطلب على المحاصيل الغذائية في إنتاج الوقود الحيوي، وانخفاض المخزون العالمي من الغذاء ـ في الأمد المتوسط.

الأكثر قراءة