العالم يحتاج آلية تضمن سلامة مكامن النفط واحتياطيات الحقول

العالم يحتاج آلية تضمن سلامة مكامن النفط واحتياطيات الحقول

منذ بداية العقد الماضي وحتى الآن أصبح تقدير إمكانات نمو الاحتياطي النفطي من حقول مكتشفة سابقا من العناصر المهمة في تقييم الموارد النفطية في الولايات المتحدة والعالم بدلا من الاكتشافات الجديدة، كما كان يحدث في السابق. على سبيل المثال خلال الفترة من 1995م إلى 2003م نمت الاحتياطيات النفطية للحقول المكتشفة والمنتجة حول العالم للنفط التقليدي ثلاث مرات أكثر من تقديرات الاحتياطي المكتشف للحقول الجديدة، لهذا يؤكد العديد من المهتمين بظاهرة نمو الاحتياطيات على أهمية الحاجة إلى المزيد من البحث والتطوير لمعرفة تلك الظاهرة وتبني أساليب أكثر دقة لتقدير الاحتياطيات OOIP ونموها بما يتناسب مع أهميتها، كما في نموذج أتناسي وروت Attanasi & Root بعنوان "لغز نمو حقول الغاز والنفط" على سبيل المثال، ومن المخرجات لتلك الدراسة أن حجم التقديرات للحقول لم تكن موثقة بما فيه الكفاية لتطوير وظائف نمو الاحتياطيات حول العالم. وأكد (أتناسي وروت) على أهمية نمو الاحتياطيات لضمان استمرار إمدادات النفط والغاز للولايات المتحدة والعالم.
ويقول الدكتور دان جوتير Gautier من دائرة المسح الجيولوجي الأمريكية، وهو الأوائل الذين استخدموا مصطلح "ظاهرة" لوصف نمو الاحتياطيات النفطية، إن تقييم احتياطيات النفط والغاز في المستقبل سيعتمد بشكل متزايد على قدرتنا في توقع ومعرفة تلك الظاهرة. أما "بريتيش بتروليوم" في إصدارها عن إمكانات نمو احتياطيات النفط عام 2004م، فتؤكد أن نمو الاحتياطيات يمثل عنصرا مهما للمصادر النفطية ولكن معرفة أهميتها الضخمة تعد ضعيفة حتى الآن.
ولم يؤد تخفيض ما نسبة 23 في المائة من الاحتياطيات النفطية التي تديرها مجموعة رويال دوتش وشيل (أكثر من أربعة مليارات برميل يوميا) عام 2004م، إلى إقالة العديد من المسؤولين في المجموعة فقط، ولكن أظهرت دلائل ومؤشرات على أهمية النظر بعمق أكبر لآلية نمو الاحتياطات، التي تعتمد بشكل أساسي على تقديرات موثقة لحجم الاحتياطيات المثبتة، التي قال عنها والس برأت نائب رئيس شركة ستاندر أويل عام 1944م (قبل أكثر من 60 سنة) إنه (من "الخطأ الاستشهاد بأن الاحتياطيات النفطية "المثبتة" مقياس لإمدادات نفط متوافرة مستقبلا). مقولة والس ربما تكون غير دقيقة في الوقت الحالي بسبب التقدم التقني، لكن بشكل عام تصنيف الاحتياطيات المثبتة التي تتجاوز نسبتها 90 في المائة ليست دليلا أو ضمانا لوجود مخزون متوافر من النفط والغاز مستقبلا. لهذا تقديرات نمو الاحتياطيات النفطية قائمة على احتمالات لنسبة نمو سنوي للحقل، لكن هذا لا يعني توافرها مستقبلا بشكل قاطع.
مسار الأسعار الحالي دون شك يجعل من المجدي اقتصاديا إنتاج نفط غير تقليدي مثل الموجود في الولايات المتحدة، كندا، وفنزويلا لكن في حالة الاعتماد على دفع "أوبك" لزيادة إنتاجها من النفط التقليدي سيجعل من الصعب على تلك الدول أن تجازف بتطوير الاحتياطي النفطي الذي لديها (نفط غير تقليدي) على الأقل في الوقت الحالي، لأن ذلك سيؤدي بطبيعة الحال إلى إغراق الأسواق وبالتالي انخفاض الأسعار مع مرور الوقت، لكن على المدى الطويل (من 10 إلى 20 سنة تقريبا) في حالة نضوب أو تعرض مخزون النفط في منطقة الشرق الأوسط، سيؤدي إلى مشاكل فنية يقلل من إنتاجها وسيصبح من المجدي اقتصاديا استخراج النفط غير التقليدي من تلك الدول (الولايات المتحدة، كندا وفنزويلا).
على دول المنطقة في المستقبل القريب (إن لم تكن قد بدأت بالاعتماد على عامل نمو الاحتياطيات بشكل كامل في تقديراتها السنوية للنفط والغاز، خاصة أن أكثر من 90 في المائة من إنتاج دول المنطقة في الوقت الحالي يأتي من حقول مكتشفة قبل أكثر من 50 سنة على الأقل)، تطوير وتبني آلية لتقدير نمو الاحتياطيات لمخزون النفط والغاز بما يتناسب مع استراتيجياتها المستقبلية كدول نامية ليس من مبدأ حسابي، حصص إنتاجية أو لإعداد قوائم مالية، ولكن كمخزون يحتوي على ثروة نادرة غير متجددة ناضبة في يوم ما تكمن في مناطق مازالت تعيش مراحل التطور الأولى مقارنة بالآخرين، وذلك بالاستعانة بمعلومات من دائرة المسح الجيولوجي الأمريكية USGS وخدمة إدارة المعادن MMS التابعة لوزارة الداخلية الأمريكية والجمعية الأمريكية لجيولوجيا البترول AAPG "الملف الميداني المتكامل للنفط والغاز" OGIFF، إضافة إلى إصدارات وزارة الطاقة الأمريكية وإدارة معلومات الطاقة EIA وخدمة معالجة البيانات Information Handling Services IHS ومقرها ينجلوود كلورادو في الولايات المتحدة، وهي أضخم قاعدة بيانات للطاقة تحتوي على حجم الاحتياطيات ومعدل الإنتاج لأكثر من 18 ألف حقل حول العالم، أسسها هاري وسال Wassall Harry، وهو جيولوجي كان يعمل مع شركة شل في نهاية الخمسينيات الميلادية تحت اسم وسال وشركاه Wassal & associates لتغطي كوبا وأمريكا الجنوبية. وفي بداية الستينيات الميلادية (1962م) توسعت أعمالها بعد أن انتقل هاري وسال إلى مدريد ومن ثم إلى جنيف سويسرا وأطلق عليها اسم استشارات بترولية Petroconsultants قبل أن تنتقل ملكيتها إلى IHS عام 1996م.
تلك المصادر تعد من أهم المراجع للأساليب الفنية والتقنية لنمو الاحتياطيات في العالم، والاستفادة أيضا من تجارب ودراسات الدول الأخرى بجانب الولايات المتحدة مثل روسيا وكندا في مجال نمو الاحتياطيات، مع الأخذ بما قدمه الأوائل في هذا المجال (نمو الاحتياطيات) من بداية الستينيات الميلادية مثل أرينجتون (1960م)، مارش (1971م) مرورا باتناسي وروت، ماهندرا فيرما، ميكيل ووتكنيس، كروفالي وشوماكر (احتمالات تقديرية مستقبلية لنمو الاحتياطيات)، PREGS، وغيرهم لتحديد آلية تحافظ وتضمن على المدى البعيد سلامة المكامن والاحتياطيات للآبار وللحقول.

[email protected]

الأكثر قراءة