الصناعة النفطية تواجه التحديات رغم ارتفاع الأسعار

الصناعة النفطية تواجه التحديات رغم ارتفاع الأسعار

أسعار الوقود بدأت في التصاعد بالنسبة للمستهلكين بعد أن أمضت فترة وهي تتخلف عن سعر الخام، وقد تصل إلى أربعة دولارات للجالون بحلول فصل الربيع.
ويرى كثير من المحللين أن ارتفاع سعر البرميل الخام خلال الفترة السابقة لم يؤثر بصورة كبيرة في النشاط الاقتصادي وذلك بسبب سهولة الاقتراض من ناحية في الدول الغربية، كما أن الدعم الحكومي وتحمل جزء من العبء عن المستهلكين أسهم في هذا الوضع رغم أن سعر البرميل الخام تضاعف أربع مرات خلال فترة ست سنوات.
على أن السوق الأمريكية استجابت من ناحية إلى ارتفاع الأسعار من خلال تقليص في الطلب، الذي بلغ العام معدل نمو 0.4 في المائة فقط، ويتوقع ألا يكون معدل النمو لهذا العام صفرا. لكن بالنسبة لبقية العالم، فإن الطلب لا يزال في حالة نمو ويتوقع له أن يضيف 1.4 مليون برميل يوميا جديدة إلى الاستهلاك العادي، الأمر الذي سيبقي سعر الجالون بالنسبة للمستهلك مرتفعا وذلك للطبيعة الدولية لتجارة النفط، التي تجعل السعر موحدا بصورة عامة بالنسبة للمستهلكين في كل مكان.
سعر جالون الوقود يعكس سعر برميل النفط المرتفع الذي يجد طريقه بدوره إلى عائدات الدول المنتجة والشركات النفطية. ووفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) يتوقع لها أن تحقق هذا العام دخلا يصل إلى 675 مليار دولار، كما أن الشركات تحقق أرباحا قياسية وتأتي على رأسها "إكسون موبيل"، التي حققت ربحا صافيا مقداره 40.6 مليار دولار، إلا أن هذه الأرباح الضخمة لا تخفي طبيعة المشاكل التي تواجه الصناعة وتضع الشركات تحديدا في موقف صعب، على المستويين القصير والبعيد الأمد.
فهناك تضاؤل الهامش الربحي للمصافي، الأمر الذي يجعل من الاستثمار في هذا الجانب أمرا قليل الجاذبية ففي كانون الأول (ديسمبر) الماضي تراجع هذا الهامش في الولايات المتحدة بمقدار الثلث من القمة التي وصل إليها في منتصف العام، وأعلنت شركة "بي. بي" أن تراجع الهامش الربحي بالنسبة لعمليات التكرير أدى إلى خسارتها في الربع الأخير من العام نحو 1.8 مليار دولار، وهو الوضع نفسه الذي اشتكت منه شركتا "إكسون موبيل" و"شيفرون تكساكو"، إذ إن هذا الهامش الربحي بدأ في التراجع منذ العام ولم يستطع مواكبة التصاعد في سعر النفط الخام. ويرى بعض المحللين أن الوضع يمكن أن يتحسن إذا نجحت الشركات في تنشيط فاعليتها التشغيلية أو بحدوث تراجع ملحوظ في سعر البرميل.
التحدي الثاني يتمثل في تصاعد في تكلفة القيام بمشاريع جديدة وذلك مع ارتفاع تكلفة العمالة والمواد سواء في استكشاف واستخراج النفط أو في مجال العمليات النهائية مثل إقامة المصافي ومد خطوط الأنابيب فالارتفاع في سعر البرميل سحب معه إلى أعلى حجم الاستثمارات المطلوبة لهذه المشاريع. ويظهر هذا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثلا، حيث إن 12 فقط من جملة 43 مشروعا، أو 28 في المائة، من مشاريع المصافي التي كان يفترض أن تقام في المنطقة لإضافة 3.1 مليون برميل يوميا جديدة هي التي سيتم إنجازها بحلول عام 2012 متأخرة عن مواعيدها الأساسية. وقامت إحدى الشركات الاستشارية بتحديد 45 مشروعا يفترض أن تكتمل في غضون سبع سنوات، لكن هذا لن يحدث لأنها معرضة للتأخير بصورة أو أخرى وفق بضعة سيناريوهات متوقعة.
وإذا كانت مثل هذه قضايا عامة للصناعة ككل، فهناك ما يمس الشركات النفطية تحديدا، التي أصبحت تعاني مما يطلق عليه نمو الوطنية النفطية فدول مثل روسيا وفنزويلا وأذربيجان أصبحت تطالب الشركات الأجنبية العاملة في بلادها بدفع حصص أكبر إذا كانت تود الحصول على النصيب الأكبر من كعكة الأسعار المرتفعة هذه.
كذلك تعاني الشركات تحديا يتمثل في أن الأرباح القياسية التي تحققها تفرض عليها من ناحية العمل بهمة أكبر للحافظ على المعدل الربحي ذاته إن لم تتفوق عليه وذلك لإبقاء حملة الأسهم سعداء، وهو ما يتطلب الوصول إلى احتياطيات جديدة، لكن يلاحظ أن كلا من "إكسون موبيل" و"رويال داتش شل" لم تعلنا في الفترة الأخيرة الأرقام والنسب الخاصة بوضع احتياطياتهما، الأمر الذي أعطى الانطباع بأنها في حالة تراجع. فهذه النسب تعطي فكرة عن القدرة على التعويض عما تم إنتاجه فعلا وتوجهات العمل المستقبلية.

الأكثر قراءة