رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ثقافة الحياة في الضواحي والتطوير الشامل والمتكامل للأحياء

لا شك أن مستقبل المدن وحلول الإسكان رهينا التطوير الشامل للأحياء والضواحي. واليوم نحن نعيش مشاريع جبارة وضخمة في شمال وشرق وغرب مدينة الرياض وكذلك في جدة والخبر. إضافة إلى سابقتها من المدن الاقتصادية والمعرفية. وقد لا يختلف اثنان في أن مستقبل المدن السعودية ونهضتها العقارية والعمرانية لن يتحقق من دون المضي قدما في مبدأ ونظرية التطوير الشامل والمتكامل للأحياء العمرانية سواء السكنية أو خلافها وكذلك مواقع الضواحي العمرانية سواء سكنية أو مكتبية أو تجارية أو صناعية تقنية. وحلول الإسكان جزء من ذلك التطوير بحيث يتم تطوير الأراضي وتجهيزها بالبنية التحتية ومن ثم بناء أعداد كبيرة من الوحدات السكنية مما يخفض التكلفة ويوفر على المواطن بعض المال فيتفرغ لعمله اليومي بدلاً من مقابلة البناء والدخول في مشكلات مع العمالة والمقاولين والموردين. حيث إن هذا النوع من التطوير يحقق العديد من المكاسب والتوفير للمواطنين ويساعدهم على تملك وحدات سكنية بتكلفة مخفضة مع عدم التقليل من متانتها. ولكن ذلك لن يتحقق من دون أن يواكب ذلك وعي ونضج لمؤسسات القطاع العقاري والبنية القانونية وكذلك مساهمة البنوك والصناديق الاستثمارية في طريقة التمويل وولادة نظام الرهن العقاري. ولكن الأهم هو التوعية بأهمية الإحساس والتفاعل مع هذه الأحياء والضواحي كظاهرة حديثة علينا. وأهمية التفكير في مبدأ إدارة الحي أو الضاحية ومساهمة السكان في حل مشكلاتهم. وهناك عدة محاور يجب التطرق إليها للتوعية بأهمية التطوير لهذين النوعين من الأحياء السكنية أهمها عملية التفريق بين مفهوم الحي السكني والضاحية. والطرق المتبعة عادة لتطوير كل منهما.
الحي يعد جزءا من الضاحية بمعنى أن الضاحية السكنية هي عبارة عن مجموعة من الأحياء سواء سكنية أو تجارية أو مكتبية. وكلاهما له مواصفات ومقاييس مختلفة للتخطيط والتنفيذ. وما يهمنا هنا هو أن الضواحي لا بد أن تكون لها دراسة جيدة لاختيار مواقعها خارج المدن بحيث يكون لها مداخل ومخارج محددة وتكون معزولة عن الإزعاج والتلوث والحركة التي تخترقها. ويكون لها صبغة غالبة سواء سكنية أو تجارية مع وجود وظائف أو أحياء خدمية تتوسطها.
وإدارة الحي أو المجاورة السكنية عنصر مهم لجعل المجاورة السكنية أكثر أمانا ونظافة وخضارا مع إعطاء الساكنين قدرة أكبر على الحصول على الخدمات الحضرية وطريقة توفيرها وصيانتها. مع خلق طابع الحياة الاجتماعية الحضري والإحساس الإنساني والتلاحم الاجتماعي. ومراقبة الأطفال والمراهقين وتقويم سلوكياتهم. لتكون المجاورة إحدى اللبنات التي تشكل المدينة كجزء من المنطقة ثم الوطن ككل. كما أن مجلس الحي هو حلقة الاتصال بين المجلس البلدي وأمانة المنطقة ثم مجلس المنطقة والإمارة.
المجاورة السكنية عالميا تحتوي عادة على ألفي إلى عشرة آلاف عائلة (خمسين ألف شخص). وبداخلها مجموعات أصغر في حدود 100- 600 عائلة. وفي أمريكا وكندا تعطى المجاورة السكنية اسما رسميا من قبل منظمات المجاورة السكنية neighbourhood associations, neighbourhood watches, or block watches, أو مراقبة المجاورة. وهم يراقبون الأمن والجريمة في الحي ويديرون وينظمون الحفلات الاجتماعية وارتفاع الأسوار وقص الأعشاب أمام المنازل.
لذلك فإن المجاورة السكنية هي ظاهرة أو مصطلح دولي معترف به في معظم الدول ولها أهميتها سواء في البعد الإنساني للمدن أو التلاحم الاجتماعي. كما أن لها أهميتها أيضا في البحث العلمي للمدن والعمران للأسباب التالية:
1. المجاورة السكنية عرف دولي.
2. العمل الاجتماعي في المجاورة السكنية عادة لا يحتاج إلى الكثير من المهنية أو المال.
3. العمل التطوعي في المجاورة يمكن رؤية نتائجه أسرع من العمل في الوظائف الأخرى.
4. العمل الجماعي يساعد على التواصل مع الآخرين.
5. بعض الأعمال التطوعيه هي في الغالب متعة وإرضاء للنفس.

كما أن البحث العمي يؤكد أن نجاح إدارة المجاورة السكنية أو العمل الاجتماعي فيها يساعد على تقليل الجريمة وزيادة صحة المجتمع عقليا وجسديا. كما أنه يساعد على حياة أفضل لأطفالنا ويساعدهم على الإبداع.
وتطوير الأحياء والضواحي يتم بطريقتين أو مرحلتين من التطوير وهما: الطريقة الأولى التي تركز على تطوير الأرض الخام بعد إنهاء جميع تصاميم الأرض والقطع السكنية والمباني التي ستتم عليها واعتماد مخطط متكامل وموضح عليه جميع عناصر الحي من مدارس ومحطات وقود وصالات احتفالات وغيرها من الخدمات الصحية والتجارية بحيث لا يشتري المواطن أرضه إلا بعد معرفة من هو المجاور له وبذلك لا يفاجأ بوجود جار له يستعمل أرضه لنشاط أو خدمة قد تضايقه أو تؤثر في قيمة أرضه. ولكن المطور يقوم فقط بتوفير أو تنفيذ الخدمات التحتية والأرصفة والإنارة والتوصيلات ومن ثم يقوم المطور بعد ذلك ببيع الأرض للمواطنين أو المستثمرين ليقوموا باستكمال أعمال البناء للأجزاء العلوية سواء مساكن أو خدمات.
الطريقة الأخرى وهي التي تعنينا وهي تشكل التطوير الشامل وتزيد على الطريقة الأولى بأن المطور يقوم إضافة إلى تنفيذ البنية التحتية يقوم ببناء جميع مكونات الحي العمراني من فلل وعمائر ومتاجر وخدمات ثم تتم عملية البيع للمواطنين. وتمتاز هذه الطريقة بكونها تحقق الكثير من التوفير للمواطنين سواء ماديا أو زمنيا. فعملية البناء المتكامل لعدة وحدات يساعد على الحصول على أسعار وتكلفة أقل للبناء فيتم إنهاء وتكامل الحي خلال مدة أقل بدلا من الطريقة التقليدية التي تستمر إلى أكثر من 20 سنة لحين اكتمال الحي ويتم خلالها الحفر والردم سنويا لتوصيل الخدمات لكل مبنى جديد في الحي. وكلا النوعين من التطوير لا يقتصران على الأحياء الجديدة بل يمكن من خلالهما تطوير الأحياء القديمة وإعادة بنائها وتأهيلها. خاصة عندما تتكتل مجموعة كبيرة من الشركات العقارية وبمساعدة تمويل سخي من البنوك.
ثقافة الأحياء السكنية المتكاملة يجب أن نطورها قبل أن يأتي السكان للعيش فيها. وأن نعمل على توعيتهم ووضع الأنظمة والقوانين والاشتراطات التي تحكم تصرفات السكان وتمنعهم من تشويه الحي أو إزعاج الآخرين ببعض العادات القديمة التي عشناها في الأحياء القديمة. وإننا يجب أن نتطور ونتمدن لنكون أكثر حضارة. كما أن هناك حاجة إلى تضافر الجهود والسعي قدما لتحقيق الفائدة المرجوة من مبدأ التطوير الشامل للأحياء الذي لا بد أن يواكبه إضافة إلى ما أشدنا به أعلاه عمل التنسيق والتخطيط بين الجهات الخدمية وتفعيل كود البناء والتشجيع على تكوين قاعدة معلومات دقيقة وموحدة للتقدير الدقيق للاحتياجات الإسكانية المستقبلية وتوفير البنية القانونية ومجالس الأحياء ونظام الرهن والتمويل العقاري ومساهمة البنوك في دفع عجلة التطوير المتكامل وتحقيق المكاسب المرجوة منه. وأن نعي أن مستقبل مدننا مرهون بنجاح نظرية التطوير الشامل والمتكامل للأحياء. إنها دعوة للتوعية العامة للمواطن والمطور والمسؤول إلى أهمية التطوير الشامل والمتكامل، وإلى دور الجميع في تفعيل الحياة الاجتماعية والتلاحم بين الجيران والتعاون في إدارة الحي والعودة إلى التخطيط الإسلامي للحي الذي يجعل المسجد الجامع نواة للحي وتحيط به ساحة عامة للتبادل التجاري البسيط والخدمات الضرورية لسكان الحي مثل بقالة صغيرة وصناديق بريد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي