الفجوة تتسع بين الرواتب وتكاليف المعيشة في دول مجلس التعاون

الفجوة تتسع بين الرواتب وتكاليف المعيشة في دول مجلس التعاون

كشفت دراسة حديثة أن ارتفاع تكاليف المعيشة في دول الخليج وهبوط الدولار قد أديا إلى حدوث مستويات غير مسبوقة من الشعور بعدم الرضا بين الموظفين في المنطقة، ما أدى إلى أن يفكر كثير منهم في تغيير شركاتهم واستكشاف فرص عمل جديدة في قطاعات وبلدان أخرى في المنطقة وخارجها.
وفاق كثيراً الارتفاع الملحوظ في تكاليف المعيشة زيادة الرواتب في دول الخليج في القطاعات المختلفة, وكان التفاوت واضحاً بصورة أكبر في قطر بمتوسط ارتفاع ملحوظ في تكاليف المعيشة قدره 38 في المائة أي بنسبة أعلى من زيادة الرواتب وقدرها 22 في المائة، بينما ارتفعت تكاليف المعيشة الملحوظة في دبي بنسبة 37 في المائة ما يمثل فجوة قدرها 20 في المائة.
جاء ذلك في الدراسة التي أجراها "بيت دوت كوم" أكبر موقع للتوظيف في الشرق الأوسط بالتعاون مع شركة "يوغوف سيراج" المتخصصة في أبحاث السوق. واستطلعت الدراسة التي أجريت عبر الإنترنت آراء عينة من الموظفين بلغ عددها 15 ألف موظف في دول الخليج الست عبر 20 قطاعاً مختلفاً بما فيها السيارات، المالية، الإعلان، تقنية المعلومات، والأدوية.
وأظهرت الدراسة أن الموظفين في الإمارات وقطر كانوا الأعلى رواتب في العام الماضي، كما حظيت كل من قطر، الإمارات، والبحرين بأعلى زيادة سنوية في الرواتب في المنطقة بمتوسط زيادة قدره 16 في المائة في قطر و17 في المائة في كل من الإمارات والبحرين، بينما جاءت السعودية بأقل متوسط زيادة في المنطقة بنسبة 12 في المائة.
وأدى اتساع الفجوة بين الزيادة في الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة إلى تفكير العديد من الأفراد في اتخاذ خطوات حاسمة في قطر، إذ قال 50 في المائة من المشاركين في الدراسة إن الزيادة في النفقات المنزلية قد أدت بهم إلى التفكير في الانتقال إلى بلد آخر أو العودة إلى الوطن وجاءت عمان في المركز الثاني بنسبة 47 في المائة، بينما شهدت الكويت أقل معدل بين الاحترافيين الذين يفكرون في مغادرة البلد بنسبة 32 في المائة، في حين يفكر 37 في المائة في الإمارات في الانتقال إلى بلد آخر.
وتأخذ الشركات وأصحاب الأعمال في الإمارات على عواتقهم تحمل عبء هذا النقص أو الفجوة الاقتصادية من خلال تفكير العديد من الموظفين في الانتقال إلى وظائف أخرى لتحسين أوضاعهم المالية، حيث قال 40 في المائة من العاملين في الإمارات إن ارتفاع النفقات قد يجبرهم على البحث عن وظيفة أفضل في القطاع نفسه، بينما قال 24 في المائة إنهم سيفكرون في الانتقال إلى قطاع آخر، وبالمقابل جاءت الأرقام في السعودية 45 و19 في المائة على التوالي.
وقال 15 في المائة فقط من المشاركين في الدراسة في قطر و20 في المائة في عمان إنهم سيفكرون في تغيير القطاعات.
وبين ربيع عطايا، الرئيس التنفيذي لموقع "بيت دوت كوم"، أنه من حيث الارتفاع الملحوظ في تكاليف المعيشة وما يفعله ذلك حيال معدلات الاحتفاظ بالموظفين في الشركات فقد كانت الأرقام سبباً يدعو إلى القلق، لقد قال نحو 70 في المائة من المشاركين في الدراسة إنهم التحقوا بالعمل في وظيفتين أو أكثر في الأعوام الخمسة الأخيرة.
وفي المتوسط يغير الناس وظائفهم نحو مرة كل عامين، وأظهرت الدراسة أن مبدأ الولاء للعمل قد تحسن كلما زادت الرواتب، وأن الشركات وأصحاب الأعمال الذين لا يسدون الفجوة بين الدخول ونفقات المعيشة سيجدون صعوبة في استقطاب الكوادر الوظيفية المناسبة والاحتفاظ بها.
وكشفت الدراسة أيضاً عن إحدى النقاط الإيجابية، التي تمثلت في ميل عدد كبير من الناس إلى رؤية أوضاعهم المعيشية أفضل من أقرانهم، حيث قال 40 في المائة من الناس في الإمارات إنهم مقتنعون بهذا المبدأ، بينما كانت النسبة في قطر 46 في المائة، وفي السعودية 38 في المائة، إن الناس بشكل عام يكونوا راضين عندما يشعروا بأن مستوى حياتهم المعيشية يكون موازياً لأقرانهم، لذا فإن كيفية مكافأة الشركات الموظفين بالنسبة لبعضهم بعضا يمكن أن تكون لها التأثير نفسه الكبير تقريباً مثل تأثير معدلات الرواتب عموماً، كما أن كثيرا من إدارة الموارد البشرية يدور حول عدد من المفاهيم.
من جانبه أوضح نسيم غريِّب الرئيس التنفيذي لشركة "يوغوف سيراج"، أن مثل هذه البيانات تؤكد أهمية توفير مؤشرات اقتصادية واسعة مع استطلاعات الرأي الفردية، وأضاف: "تكمن قيمة دراسة كهذه في أنها تدخل مباشرة في صميم ما يفكر فيه الناس ويشعرون به حيال أوضاعهم الوظيفية والمالية، الأمر الذي يوفر تفهماً عاماً لقناعات الناس وما يساورهم من قلق ومخاوف، مما يسمح للشركات وأصحاب الأعمال بالتصرف واتخاذ الإجراءات المناسبة.
والموضوع هنا لا يتركز على الموظفين فقط، حيث تشعر الشركات أيضاً بهذا المأزق من خلال العديد من العاملين الذين يخططون للانتقال، كما تكشف نتائج هذه الدراسة مدى المشكلة الكبيرة التي يسببها ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف سعر صرف الدولار للشركات وأصحاب الأعمال، الذين يحتاجون أيضاً إلى التفكير في هوامش الربح التي يحققونها.

الأكثر قراءة