الخطوط السعودية.. وضياع الهوية!
تتمتــع الخطوط السعودية بوضع فريد وجماهيرية عالية وتشجيع خاص من جميع المتعاملين معها والراغبين في خدماتها ودون دعاية أو ضجة إعلامية تمتلك الخطوط السعودية هذا الرصيد الهائل من الزبائن ولكنها في المقابل لا تبادلهم المشاعر نفسها وتقدم لهم الخدمة بيسر وسهولة ومرونة وتمن عليهم أن تم تقديمها – في الحجوزات والخدمات الأرضية وهي لم تتعلم من تكرار الفصول وتنوع الخبرات في المواسم حتى أصبح من ثامن المستحيلات أن تجد حجزاً في اتصالك بمكاتب الحجز، كما أن ما يشاهده البعض في مكاتب الخطوط من زحام وفوضى يبدأ من ساعات الصباح الأولى يدعو للتعجب فقد تعاملت شخصياً مع كثير من الخطوط العالمية في الداخل والخارج وكلمة "لا" لا توجد على قواميس الخطوط الأخرى، كما أنه بالإمكان أن يساعدك موظف الخطوط بكل ثقة في إيجاد مقعد لك وتيسير أسباب سفرك وإن تعذر ذلك لأي سبب فإن خطوط البلدة الجوية المتوافرة في أوروبا مثل "ريان" و"بدجت" تجد فيهما المقعد المناسب في الوقت المناسب وبالسعر المناسب وهو ما تحاول "ناس" و"سما" أن تشاركا فيه – يدعي موظفي الخطوط أن المواطن السعودي لا يخطط للسفر إلا في وقت متأخر ويلح على إجابة طلبه وسرعة سفره وإن ثقافة التخطيط المتأخر أو قرار آخر اللحظات في الحجوزات أو تأشيرة العمل وحتى التسوق الرمضاني والاستعداد للعمرة والحج تأتي في أوقات متأخرة وحرجة فقد اقتنعت الخطوط السعودية نفسها أن المواطن لا يخطط لسفره إلا في أحرج اللحظات ولذلك فهو يستحق التجاهل من الخطوط وإدخاله في دوامة الزحمة في مكاتب الخطوط المنتشرة وقد علمت أن الكثير من الناس يقفون في صفوف وطوابير طويلة أمام مكاتب السعودية في الرياض من بعد صلاة الفجر وأن هناك معاناة شديدة وسوء معاملة من الموظفين يجعلهم يخرجون من هذه التجربة بالكثير من عدم الرضا للخدمة المقدمة، كما أن ما يشعر به الراكب العادي من ادعاء المحسوبية والواسطة وعدم كفاءة الموظفين خاصة الذين التحقوا أخيرا بالخدمة بعد خروج الكثير من الكفاءات التي تم تشجيعها على ترك الخدمة بتعويض مناسب وفي حالة ثبوت خروج الكثير من الكفاءات الفنية والإدارية والمهنية من الخطوط فإن صعوبة تعويض هذه الكفاءات ليست عنها ببعيد – إن السعودية ناقلنا الوطني الوحيد وإن الكثيرين يودون أن يسافروا مع طيرانهم الوطني ومع ذلك فإن هذا الولاء المطلق لا يستفيد منه ناقلنا الوطني إننا نذكر منجزات الخطوط السعودية كطيران عربي ووجودها لسنوات على رأس القائمة بأسطول حديث وفنيين ماهرين وكفاءة تشغيلية وفنية عالية في الماضي، إن التراجع الكبير خلال الـ 20 سنة الماضية وعدم استخدام التخطيط المستقبلي المناسب والتراجع المريع في كوادر وكفاءة ومهنية موظفيها أدى بها إلى الوقوع في قاع المنافسة. والمسافر يرى الخدمات وعدد الطائرات وتنوع أماكن السفر وارتفاع مستوى الخدمة التي تتمتع بها شركات مجاورة أخرى لم تدخل في هذا المجال إلا قبل سنوات وليس لديها زبائن وإمكانيات الخطوط السعودية وإن الارتفاع والإقبال على السفر في أماكن كثيرة من العالم أدى إلى التأخير في تسليم الطائرات المطلوبة من المصنعين الرئيسيين (البوينج، وإيرباص)، وما على الخطوط السعودية للتغلب على هذا العجز إلا الاندماج مع أحد الخطوط الإقليمية القريبة أو النظر في شراء بعض الطائرات من الشركات التي تدخل في دائرة الإفلاس في أمريكا وأوروبا، فالكل يذكر الصعوبات التي عانتها خطوط الطيران البلجيكية وكيف انهارت السويسرية الخطوط العملاقة وأصبحت أثر بعد عين وسبقتها خطوط سابينا وتترنح الآن الخطوط الإيطالية فكان اندماج خطوط كي إل إم، وإير فرانس سبباً لمواصلة نجاح هذه الخطوط كما أن شركة لوفت – هانزا تشترك في إدارة الخطوط السويسرية وهي شركة جديدة مغايرة لتلك التي انهارت سابقاً.
إننا نتمنى أن تعود الخطوط الوطنية إلى سابق عهدها في الريادة والقيادة وأن تستطيع بامتياز تلبية الطلب المتزايد على السفر محلياً ودولياً في أقرب وقت ممكن قبل أن تطير الطيور بأرزاقها وتفتح أبواب السماء المغلقة ويتخاطف الجيران وغيرهم الراكب السعودي وعندئذ ستشعر الخطوط بأهمية الارتقاء بالخدمة وصعوبة المنافسة وضياع حصتها السوقية بعد أن اتكأت طويلاً على جدار الإخفاق. إن تعويض المسافر على خطوطنا فقط يتم من خلال التعامل الراقي الذي يلقاه الراكب من بعض رجال الخطوط على الأرض وفي السماء وهناك أسماء مضيئة تؤدي الخدمة بكل مهنية من أمثال الروضان والشبيلي وعبد العزيز الخليفي وخالد القحطاني وعبد الكريم المسفر وخالد البلاع وآخرون وهم العوض والرصيد للراكب المتأزم دائماً والمتطلع لوجود مقعد لجهة السفر.
والله الموفق ،،،