رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


دروس من الفيلة: "فانيماي" و"فريديي ماك"

[email protected]

تأسست المؤسسة الوطنية الاتحادية للقروض العقارية الأمريكية (فانيماي) كمؤسسة حكومية في عام 1938 ميلادية لإعطاء وضمان القروض الممنوحة للقطاع العقاري الأمريكي، أو كالملجأ الأخير لقروض القطاع العقاري بمهمة تماثل نوعاً ما مهمة البنوك المركزية في الإقراض البنكي. ولفتح باب المنافسة في إعطاء وضمان القروض العقارية، تم الترخيص في عام 1968 من قبل الكونجرس الأمريكي بإنشاء الشركة الوطنية للإقراض العقاري (فريدي ماك) كشركة خاصة حكومية توفر الخدمات المقدمة نفسها من الشركة الأم ولكنها تابعة للقطاع الخاص بهدف رفع مستوى المنافسة وتحفيز نمو القطاع العقاري ومستويات الإقراض، ومع ذلك ما زالت هاتان المؤسستان تعتبران كمنظومات شبه حكومية وتتمتعان بالدعم الحكومي لضخامتهما وأهميتهما للاقتصاد الأمريكي.
ويقوم نموذج الأعمال الخاص بهاتين المؤسستين على استيفاء رسوم ضمان الرهون العقارية التي تقوم بمنحها مؤسسات القروض العقارية العاملة في مجال التجزئة بناء على علاقتها بهاتين المؤسستين وتقيمهما لجودة القروض المطلوبة من قبل القطاع الخاص مشتملاً الأفراد والمؤسسات، أي ضمان قيام المقترض المشتري للعقار بدفع متطلباته المالية متمثلة بالمبلغ الأساسي للأصل العقاري والأقساط مع الفوائد. وبعد ذلك، تقوم هاتان المؤسستان بتسنيد القروض التي ضمنتها من خلال تحويلها إلى أسهم مرتبطة بالقروض العقارية التي تضمنها. هذه السندات المرتبطة بالقروض المضمونة من المؤسستين يتم الاحتفاظ بها أو طرحها للمستثمرين كالبنوك وشركات الاستثمار التي تتعامل بها كأصول ترتبط مخاطرتها في نهاية المطاف بالثقة في نمو القطاع العقاري والملاءة المالية للمقترضين وقيمة الأصل المادي الأخير، أي العقار، بجانب أداء القطاع العقاري الأمريكي.
كما تقوم "فانيماي" و "فريدي ماك" الضامنتان لنحو ستة تريليونات دولار من القروض العقارية بمراجعة لوضع السوق والضمانات كعادتها، إلا أن هذه المراجعات في ضمان القروض العقارية وتسويقها تخضع لطرفين مهمين. الطرف الأول المتعلق بالعرض هو توفر القروض المرهونة والتي تنامت في الأعوام العشرة الماضية وإلى صيف 2006 الماضي مدعومة بتطلعات إلى استمرار طفرة القطاع العقاري الأمريكي، أما الطرف الثاني المتعلق بالطلب هو انفتاح شهية البنوك والمتداولين العالميين لشراء المنتجات المالية التي تم تسنيدها بناء على هذه القروض نظراً لاستمرار ارتفاع الطلب على هذه الأدوات المالية لنحو عشر سنوات متتالية وصولاً إلى الصيف ذاته.
آخذا في الحسبان نظام الرهن العقاري السعودي المزمع إشهاره قريباً، من المهم أن يأخذ هذا النظام مختلف السيناريوهات الممكن حدوثها كتوفير مؤسسات الضمان العقاري وضمان توفير الملاءة المالية الكافية للتعامل مع مختلف التقلبات مقارنة بتسهيلات البنوك حالياً. كما يجب أن يتم الفصل بين ضمانات مؤسسات الإقراض العقارية وغيرها أو أن يتم تحديد خط فاصل يميز نوعية الإقراض ويتضمن واجبات المقترضين العقاريين مقارنة بالمقترضين لأغراض أخرى. من هنا، فإن تأسيس مؤسسات مرجعية للإقراض العقاري تضاهي "فانيماي" و"فريدي ماك" يجب أن تخضع لدراسة متعمقة، وخصوصاً أن أزمة الرهن العقاري الأمريكي أثبتت تساهل المؤسسات في متطلبات الإقراض والتمويل. فالآليات التي تم إتباعها للإشراف على قطاع الرهن العقاري أثبتت تضمنها على ثغرات وعيوب هيكلية أدت إلى الأزمة المالية التي تهدد مستقبل القطاع الأمريكي لسنوات مقبلة.
وختاماً، إن الأدوات المالية الاستثمارية المدعومة بالقروض العقارية الأمريكية كانت وما زالت السبب الرئيس لخسائر كبرى المؤسسات المصرفية الغربية، وقد تضرر منها العديد من البنوك الخليجية، كما استفاد منها آخرون. لذلك، فالنتيجة هي التعلم أن الأدوات المالية مهما كان أداؤها اليومي أو الشهري فإن استمراريتها ترتبط في المقام الأول بالأصل العيني والمالي النهائي، فإن كان أصلاً مرتبطاً بفقاعة أصول، ففي النهاية ستنفجر الفقاعة، وإن كان أصلاً معتمداً على الطلب الحقيقي والمتوقع فسيظل حقيقياً ويضمن جودة الأدوات المالية المبنية عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي