أزمة الرهن العقاري تضرب في كافة قطاعات الاقتصاد الأمريكي.. وتمتد للعالم
الولايات المتحدة
ما زالت الأسهم الأمريكية تتداول في أجواء متقلبة وتبحث عن قاع جديد مع استمرار القلق تجاه الكساد وتباطؤ أرباح البنوك. ويبدو أن أزمة الرهن العقاري والائتمان تمكنت من التأثير في مختلف قطاعات الاقتصاد الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى الحاجة إلى مزيد من الوقت لاتضاح اتجاه الاقتصاد على المدى الطويل. لقد انخفض مؤشر ناسداك خلال الأسبوع بنسبة 0.8 في المائة، في حين ارتفع مؤشر كل من داو جونز وستاندرد آند بورز 500 بنسبة طفيفة بلغت 0.3 في المائة و0.2 في المائة على التوالي. وبذلك، بلغت خسائر هذه المؤشرات منذ بداية السنة كالتالي: "داو" 7.4 في المائة، "ستاندرد" 8.5 في المائة، "ناسداك" 13.9 في المائة. وجاء هذا الأداء الأسبوعي في ظل أخبار متضاربة، ففي الجانب السلبي، نصحت مؤسسة "ميريل لينش" المستثمرين ببيع أسهم شركتي تمويل المساكن "فاني مي" و"فريدي ماك". وأعلن بنك "كريديت سويس" شطب 2.85 مليار دولار بعد أن اكتشف أخطاء في التسعير في دفاتره. وما زالت المؤشرات تظهر المزيد من الضعف في قطاع الصناعة، في الوقت الذي واصلت فيه أسعار النفط الارتفاع إلى مستوى قياسي أعلى من 100 دولار وكذلك، ارتفعت أسعار المعادن والسلع إلى مستويات قياسية، مما أدى إلى ارتفاع المخاوف من تسارع التضخم وانخفاض كل من الإنفاق الاستهلاكي وأرباح الشركات. في حين كان لبعض الأخبار تأثير إيجابي، مثل أرباح كل من "هيوليت باكارد" و"وول مارت" القوية التي دعمت الاعتقاد بأن المبيعات الخارجية تدعم أرباح قطاع الكمبيوتر. ومن ناحية أخرى، أظهر مجلس الاحتياطي الفيدرالي اهتمامه بمواصلة خفض الفائدة على الدولار لدعم الاقتصاد رغم مواصلة الضغوط التضخمية التي تحد من اتجاه خفض الفائدة، وأشارت الأخبار إلى أن مجموعة من البنوك الكبيرة على وشك التوصل إلى اتفاق لضمان شركة تأمين السندات "إمباك فاينانشيال". ويتوقع لهذا الاتفاق منع حدوث المزيد من الضرر لقطاع البنوك وسوق الائتمان بعد الإعلان عنه في الأيام القليلة المقبلة.
ومن أبرز البيانات الاقتصادية، ارتفعت أسعار المستهلكين في كانون الثاني (يناير) بأعلى من المتوقع بنسبة بلغت 0.4 في المائة مقارنة بالشهر السابق، وبنسبة 0.3 في المائة دون الطاقة والمواد الغذائية، وتعد هذه النسبة هي الأعلى منذ حزيران (يونيو) 2006م، الأمر الذي قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي للتباطؤ في خفض الفائدة رغم ضعف الاقتصاد. ومن ناحية أخرى، أظهرت بيانات التصنيع لشهر شباط (فبراير) ضعفاً لم تشهده منذ سبع سنوات، وبأسوأ من توقعات "وول ستريت". وانخفض مؤشر بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، الذي يعكس أداء الاقتصاد المستقبلي، للشهر الرابع على التوالي، وبأعلى من المتوقع، ليعكس بذلك تدهور الاقتصاد بوتيرة أسرع مما يعتقد العديد من المحللين. وارتفع مؤشر الثقة بين رجال البناء في شباط (فبراير) للشهر الثاني على التوالي ليصل إلى 20 نقطة مقابل 19 نقطة في الشهر السابق. إن أية قراءة أقل من 50 نقطة تعكس الضعف.
في الأسبوع المقبل، يتوقع أن يتحدد اتجاه السوق في ضوء ما يصدر من بيانات اقتصادية لشهر كانون الثاني (يناير)، من أبرزها أسعار المنتجين ومبيعات المساكن المستخدمة والجديدة والإنفاق الاستهلاكي والسلع المعمرة. كما ستصدر القراءة الثانية لمعدل النمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الرابع.
أوروبا
ارتفع مؤشر كل من فوتسي البريطاني وكاك الفرنسي وميبتل الإيطالي خلال الأسبوع بنسبة 1.7 في المائة و1.1 في المائة و0.2 في المائة، وانخفض مؤشر داكس الألماني 0.4 في المائة. ومن بين الأسواق الأوروبية الأخرى، ارتفعت سوق هولندا 3.9 في المائة، "النمسا" 2.3 في المائة، وكل من "سويسرا" و"السويد" و"فنلندا" 1 في المائة. وجاء هذا الأداء في ظل إعلان الحكومة البريطانية تأميم البنك المتعثر "نورثرن روك"، وإعلان كل من بنك "باركليز" و"لويدز" رفع الأرباح الموزعة، وتحقيق شركتي "نستله" و"ريد إلزيفيير" أرباحاً جيدة، واعتزام دولة قطر شراء أسهم بنوك أوروبية وأمريكية بنحو 15 مليار دولار.
وفي مجال البيانات الاقتصادية، خفضت اللجنة الأوروبية توقعاتها لمعدل النمو إلى 1.8 في المائة في السنة الحالية. وتوقعت تسارع التضخم ليصل إلى 2.6 في المائة. في حين ارتفع مؤشر "بنك أوف رويال" للخدمات في شباط (فبراير) بأعلى من توقعات الاقتصاديين ليصل إلى 52.3 نقطة مقابل 50.6 نقطة في كانون الثاني (يناير)، الأمر الذي قلل من احتمال إقدام البنك المركزي الأوروبي على خفض الفائدة.
وفي فرنسا، تسارع التضخم في كانون الثاني (يناير) بأسرع وتيرة له في 12 سنة ليصل إلى 3.2 في المائة مقابل 2.8 في المائة في كانون الأول (ديسمبر). وانخفضت ثقة رجال الأعمال في شباط (فبراير) بأعلى مستوى لها في 13 شهراً. وانخفض الإنفاق على السلع المصنعة بسبب تسارع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وفي بريطانيا، ارتفعت أسعار المساكن في شباط (فبراير) لأول مرة في أربعة أشهر. وارتفعت مبيعات التجزئة في كانون الثاني (يناير) بأكثر من ضعفي ما كان متوقعاً.
اليابان
انخفض مؤشر نيكاي بنسبة 0.9 في المائة خلال الأسبوع. وبذلك بلغت خسائره 11.8 في المائة في السنة الحالية. في حين ارتفع الين مقابل الدولار بنسبة 4.6 في المائة منذ بداية السنة. وجاء انخفاض "نيكاي" خلال الأسبوع بسبب ضعف عمليات الشراء بعد الإعلان عن تأخر شركة "كي كي آر فاينانشيال هولدنج" تسديد مليارات الدولارات من الديون، وبسبب القلق من تسارع وتيرة التضخم مع ارتفاع أسعار النفط والمعادن والسلع لمستويات قياسية، إضافة إلى استمرار القلق تجاه أزمة الرهن العقاري الأمريكية.
وفي مجال البيانات الاقتصادية، ارتفعت الصادرات في كانون الثاني (يناير) بخلاف المتوقع 7.7 في المائة عن كانون الأول (ديسمبر) عندما ارتفعت 6.9 في المائة. سيعزى ذلك إلى ارتفاع الطلب الصيني والروسي على السيارات والحديد. في حين انخفض المؤشر الثلاثي في كانون الأول (ديسمبر)، الذي يعكس الطلب على الخدمات، بأعلى وتيرة له في ثلاث سنوات، بنسبة بلغت 0.6 في المائة عن الشهر السابق. ويعزى ذلك إلى انخفاض إنفاق الأفراد والشركات نتيجة ارتفاع تكاليف النفط وانخفاض الأسهم اليابانية بحدة. ومن ناحية أخرى، خفضت الحكومة من تقييمها للاقتصاد الياباني لأول مرة في 15 شهراً مع توقعها نموه بتواضع وتباطؤ نمو الصادرات والإنتاج. ومن ناحية أخرى، ارتفع الين مقابل الدولار بنحو 0.5 في المائة خلال الأسبوع. وانخفضت عمليات شراء الين لغرض استثمار حصيلته في أصول أجنبية تدر عائداً أعلى أو ما يطلق عليه عمليات "كاري تريد" في ظل استمرار القلق تجاه الاقتصاد العالمي وهبوط أسواق الأسهم.
آسيا
جاء أداء أسواق الأسهم الآسيوية خلال الأسبوع متبايناً. إذ انخفض سوق كل من "ماليزيا" و"هونج كونج" و"سنغافورة" و"كوريا الجنوبية" بنسبة 4 في المائة و3.5 في المائة و1.3 في المائة و0.5 في المائة على التوالي، في حين ارتفعت سوق كل من "تايوان" وإندونيسيا" و"الصين" بنسبة 2.9 في المائة و2 في المائة و0.9 في المائة على التوالي، ولم يطرأ تغير على سوق تايلاند. وجاء هذا الأداء بتأثير من سوق وول ستريت، وارتفاع أسعار النفط المعادن، والمخاوف من تسارع التضخم رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي وانحدار الاقتصاد الأمريكي تجاه الكساد.
وفي الصين، ارتفع التضخم في كانون الثاني (يناير) إلى أعلى مستوى له في 11 شهراً ليصل إلى 7.1 في المائة عما كان عليه منذ سنة، مقابل ارتفاع بنسبة 6.5 في المائة في كانون الأول (ديسمبر). وارتفعت أسعار المنتجين بأسرع وتيرة لها في ثلاث سنوات لتصل إلى 6.1 في المائة عما كانت عليه منذ سنة، مقابل ارتفاع بنسبة 5.4 في المائة في كانون الأول (ديسمبر). ويعزى ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والعواصف الثلجية التي عطلت إمدادات المواد الغذائية.
وفي تايوان، حقق الاقتصاد في الربع الرابع نموا بمعدل 6.39 في المائة عما كان عليه منذ سنة بدعم من الصادرات.
وفي سنغافورة، ارتفعت الصادرات بخلاف المتوقع في كانون الثاني (يناير)، ولأول مرة في ثلاثة أشهر، بنسبة 2.8 في المائة مقابل انخفاض بنسبة 4.5 في المائة في الشهر الماضي.