العالم يتجه إلى السيارات الهجين
تستهلك الأسواق الآسيوية حاليا 24 في المائة من مجموع طاقة العالم. ومع الازدياد المطرد في حاجة آسيا إلى الطاقة، المتوقع أن تتضاعف نسبتها خلال الـ 20 عاما المقبلة، بدأت الحكومات والمستهلكون أيضا يتحولون باطراد نحو السيارات الهجين.
ورغم أن اليابان لا تزال في طليعة الدول الآسيوية على صعيدي إنتاج واستعمال السيارات الهجين، فإن الصين والهند وكوريا الجنوبية تلحق بها وتسير على الطريق نفسه.
وتعد شركة تويوتا اليابانية رائدة في صناعة هذه السيارات، فإنتاجها يستأثر بـ 80 في المائة من الأسواق العالمية للسيارات الهجين عالميا بعد أن توصلت إلى بيع الملايين منها عام 2006 في الصين والهند إثر تجربة تسويقها الناجحة في أمريكا الشمالية وأوروبا.
وكانت تويوتا أول شركة باعت سيارات هجين من طراز "بريوس" إلى الصين، في أواخر عام 2005، بأسعار تراوحت بين 288 ألفا و 302 ألف يوان (37400 إلى 39200 دولار أمريكي).
وتعد الصين أكبر "مساهم" في تلويث البيئة وتعتمد على البلدان الأجنبية لتغطية 70 في المائة من وقودها، لذلك تتطلع الحكومة الصينية إلى سيارات أكثر كفاءة من حيث استهلاك الوقود للمساعدة على حل مشكلة التلوث المتفاقمة في مدنها الكبرى وتشجيع الشركات على إنتاج وقود وسيارات أقل إيذاء للبيئة.
وجاء أول اتفاق لإنتاج سيارات هجين صينية بين شركة سيارات هوندا اليابانية وشركة سيارات دونفينج الصينية وبموجبه سيتم إنتاج موديل: "دونفينج هوندا" في أواخر هذا العام.
ومن المتوقع أن تنتهي شركة جيلي أوتومابايل هولدنج كورب الصينية من إنتاج أول سيارة هجين لها هذا العام. وتبلغ سعة إنتاج هذه السيارة المتوقع سنويا 50 ألف وحدة وتصل قبل انتهاء عام 2010 إلى 100 ألف وحدة حسب تقرير صدر في صحيفة "تشاينا ديلي".
كما أعلنت شركة سيارات "تشانجان" الصينية شريكة "فورد موتور" و"سوزوكي موتور"، السنة الماضية، أنها ستبدأ في إنتاج سيارات هجين بشكل تجاري ابتداء من عام 2008.
كذلك هو الحال مع شركة شيري الحكومية التي ستبدأ بإنتاج هذا النمط من السيارات ذات المحرك المزود بأربعة سلندرات، لسعة 1.3 لتر، إضافة إلى محرك كهربائي، في هذه السنة.
كذلك ستبدأ شركة فولكسفاجن الألمانية بصناعة السيارات الهجين للصين قبل انتهاء عام 2008 مع شريكها الصيني: شركة شنغهاي أوتوماتيف، ولعلها تتمكن من طرح وحداتها بإنتاج واسع في السوق قبل انتهاء عام 2010. لكن خلال عام 2008 تنوي الشركتان إنتاج 500 سيارة موديل توران لاستخدامها خلال البطولة الأولمبية في بكين عام 2008. حسبما صرحت شركة شنغهاي أوتو التي تعد من أكبر شركات السيارات في الصين.
كذلك تعمل شركة شنغهاي أوتو مع شركة جنرال موتورز كورب الأمريكية على تكنولوجيا مماثلة حسبما ذكرت الشركة.
ويعد خبير السيارات مراد علي بيج أن "للسيارات الهجين مستقبلاً جيداً في آسيا بسبب كفاءتها العالية في استخدام الوقود ولطبيعتها المحابية للبيئة. علينا نحن في الهند أن نركز على البحوث التي تساعد على تطوير أنواع وقود بديلة".
والواقع أن هناك نحو 30 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون يتم نفثها في الجو كل عام. ووجدت تويوتا أنه منذ عام 1997 شارك إنتاج هذا النوع من السيارات في تقليص انبعاث ثاني أوكسيد الكربون إلى الجو على المستوى العالمي بمقدار 3.5 مليون طن من هذا الغاز.
كذلك تشهد سوق الهند انتشارا مطردا للسيارات الهجين المنتجة من قبل شركات أجنبية ومحلية، حيث تعمل هذه الشركات معا على تكنولوجيا تهدف إلى تطوير السيارات الهجين في الهند.
وتجري "تويوتا موتورز" بالاشتراك مع "كيلوسركارز" في الهند تجارب على السيارة "بريوس" في جمعية أبحاث السيارات الهندية لاختبار إمكانية طرح سيارات تعمل بوقود مزدوج في العام المقبل.
وفي الوقت ذاته طورت شركة ماهندرا آند ماهندرا للسيارات الرياضية متعددة الأغراض سيارة هجين من سياراتها النفعية سكوربيو، حيث تجري عليها الآن تجارب لإقرارها في تسهيلات جمعية أبحاث السيارات. والسيارة التي تعمل بمحركين "ديزل وكهربائي"، تستهلك ما يتراوح بين 15 إلى 16 كيلومترا في اللتر الواحد. وقال باوان جونكا رئيس قطاع السيارات في "ماهندرا آند ماهندرا" أنهم يستعدون لإطلاق النموذج الهجين من سكوربيو في النصف الثاني من العام المقبل. وفي كانون الثاني (يناير) الماضي طرحت ماهندرا جرارا زراعيا يعمل بالوقود الحيوي من طرازي أرجون وبوليرو.
تجدر الإشارة إلى أن السيارات الهجين تستفيد من المحركات التي تعمل بالديزل أو البنزين والمحركات الكهربائية لتحسين استهلاك الوقود. ويقدم المحرك معظم الطاقة التي تتطلبها السيارة، بينما يقدم المحرك الكهربائي قوة إضافية، عندما يتطلب الأمر ذلك. وهو يسمح باستهلاك أقل وأكثر كفاءة للمحرك. ويستمد المحرك الكهربائي طاقته من استخدام الفرامل في المدن ومن المحرك الذي يعمل بالوقود. والأكثر من ذلك تتعاون شركة تاتا موتورز الهندية العملاقة للسيارات مع شركة بلارد بور سيستمز الكندية للبطاريات وشركات صناعة السيارات في الهند وأوروبا، بما في ذلك شركة فيات التي تصنع معدات تستخدم البنزين والإيثانول. كما وقعت مؤسسة موتر ديفلوبمون انترناسونال ترخيصا باستخدام التكنولوجيا وللتعاون المشترك مع تاتا موتورز لتطوير محرك هوائي للسيارات وغيرها من السيارات النفعية في الهند. كما وقعت شركة صناعة الحافلات الهندية "أشوك ليلاند" وهي شركة رئيسة في صناعة السيارات التجارية والمحركات اتفاقية مع شركة ايدن انرجي الاسترالية التي تملك رخصة الوقود المعروف باسم وهو مزيج من الهيدروجين والغاز الطبيعي المضغوط لتعديل الحافلات الهندية التي تعمل بالغاز الطبيعي لكي تستخدم وقود الهياثين. وتصنع شركة أشوك ليلاند ما يقرب من 80 ألف سيارة في العام، من بينها ما يتراوح بين 11 إلى 14 ألف حافلة. وهي تصنع أغلبية الحافلات المستخدمة في المواصلات في المدن الهندية، وتحمل 60 مليون راكب في اليوم الواحد.
وتشير الشركات الأجنبية إلى أن الضرائب على السيارات في الهند مرتفعة للغاية. فسيارة تويوتا بيرول التي يصل ثمنها إلى 22 ألف دولار في الولايات المتحدة يصل سعرها إلى 53 ألف دولار في الهند. وأوضح بانكاج جوبتا نائب المدير العام للتخطيط في تويوتا كيرلوسكار: "إذا ما أجرت الحكومة خفضا على الجمارك أو الضرائب، كما يحدث في اليابان، فإن السيارات الهجين ستصبح أرخص. وحتى إذا ما كانت السيارات الهجين أغلى بـ 15 في المائة من السيارات التقليدية فسيشتريها الناس".
تجدر الإشارة إلى أن حجم قطاع السيارات الهندي يصل إلى 45 مليار دولار. والمفارقة أن قطاع السيارات يستهلك 35 مليار دولار من العملات الأجنبية لاستيراد النفط الخاص.
وتستعد كوريا الجنوبية أيضا لعهد السيارات الهجين. فشركة "هايونوداي موتورز"، تنوي تقديم سيارة "أفنتي" تعمل بالغاز المسال في عام 2009، تتبعها سيارة هجين تعمل بالنفط في عام 2010 طبقا لما ذكرته صحيفة "جوسون أيلبو". وذكرت الصحيفة أن السيارة "أفنتي" التي تعمل بالغاز المسال هي أول سيارة هجين كورية. والسيارات "أفنتي" تباع في الأسواق الخارجية باسم "الينترا".
وتعتمد خطة هايونداي بطرح سيارات هجين تعمل بالغاز الطبيعي لأن ثمنه يصل إلى نصف ثمن البنزين ولأن هناك محطات غاز كافية في سيئول وغيرها من المدن الكبرى. وفي أيار (مايو) من العام الحالي أعلنت الحكومة الكورية أنها ستبدأ في منح حوافز ضريبية يمكن أن تؤدي إلى تخفيض أثمان السيارات الهجين المحلية والأجنبية بنسبة 10 في المائة.
ويوضح موهيت أرورا مدير شركة جا دي باور آسيا - باسفيك "تعلم الشركات الأجنبية أن أسواق المستقبل ليست في الولايات المتحدة، لكنها في أماكن مثل الهند". وأشار إلى أن مستقبل السيارات الهجين يبشر بالخير, ومن المتوقع أن يسيطر على 50 في المائة من مبيعات السيارات خلال عشر سنوات.
ومن ناحية أخرى تعمل شركة سيارات "بروتون" الماليزية على تطوير سيارة هجين باستخدام محرك كهربائي وتأمل في طرحها في أقل من خمس سنوات، طبقا لما ذكره مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق ومستشار شركة بروتون.
وعلى الرغم من أن ملكية السيارات في سنغافورة لا تحظى بالتشجيع لعدم توافر العديد من الطرق، فقد قررت الحكومة رد ما يقرب من 40 في المائة من القيمة السوقية للسيارات الهجين بين الفترة ما بين كانون الثاني (يناير) 2006 و31 كانون الأول (ديسمبر) من العام الحالي لتشجيع مبيعات السيارات الهجين.
كما تعمل شركة هوندا اليابانية على تصنيع سيارة هجين جديدة ستصبح أرخص من سيارتها من طراز سيفيك. والسيارة الجديدة ستخصص لسوق تايلاند، حيث تؤسس الحكومة مصنعا جديدا يعقبه مصنع آخر في الهند لإنتاج السيارات البيئية. كما أجرت مرسيدس الهند تجارب على سياراتها البيوديزل.