المصرفية الإسلامية والمسؤولية الاجتماعية

المصرفية الإسلامية والمسؤولية الاجتماعية

توسعت في الفترة الأخيرة أعمال المصرفية الإسلامية وأصبحت رقما لا يستهان به في الاقتصاد العالمي، ولم تقتصر رقعتها الجغرافية على البلاد الإسلامية بل تجاوزته لتوجد لها موطئ قدم في دول تقود اقتصاديات العالم اليوم، بطبيعة الحال هذا الانتشار جعل من هذه المؤسسات محل اهتمام الكثير من فئات المجتمعات سواء المتخصصين في الاقتصاد والمصرفية، أو من عامة أفراد المجتمعات ذلك لما لها من بعد ديني، حيث إنه يفترض أن يكون عملها وفق الشريعة الإسلامية، لتكتسب صفة الإسلامية أو التوافق مع الشريعة.
ومن خلال قراءة لنقاشات كثير من فئات المجتمع نجد أن هناك حديثا عن دور المؤسسات المالية المتوافقة مع الشريعة غير الربحي، بمعنى أن وصف المصارف بأنها إسلامية يعطي انطباعا لدى الكثير أنه أحد أهم أهدافها وأدوارها الجانب الخيري، مع العلم أن هذه المصارف هي لا تتعدى أن تكون مصارف تبحث عن الربحية، ولكن تلتزم في ذلك بالمعاملات غير المحرمة في الشريعة الإسلامية، ويمثل الربح أولوية لديها، حيث إنها مصارف مملوكة بشكل كامل أو جزئي للأفراد بهدف تحقيق عوائد، أما بالنسبة للأمور الأخرى فقد تكون ضمن أجندتها ولكن ليس بشكل رئيس.
كوننا نتفق أن هذه المؤسسات مؤسسات ربحية في الدرجة الأولى, فهذا لا يعفيها بشكل كامل عن المسؤولية الاجتماعية وذلك لأنه قد يكون ذلك له دور في رضا المجتمع عن تلك المؤسسات مما ينعكس بشكل أكبر على نموها وزيادة ثقة الأفراد بها، وذلك أن المؤسسات المالية قد تختلف نوعا عن المؤسسات التجارية الأخرى, إذ إنها أكثر ارتباطا بأفراد المجتمع مقارنة بالمؤسسات التجارية الأخرى، ويعد الأفراد من خلال تعاملاتهم مع تلك المؤسسات مؤثرا كبيرا في نموها وزيادة عوائدها.
ولذلك لعل دخولها في أنشطة اجتماعية تهم الأفراد يسهم في ارتفاع مستوى الرضى عنها وبالتالي زيادة عوائدها، إضافة إلى أن نجاح مثل هذه الأنشطة قد يؤثر بشكل مباشر في تحقيق فوائد للمؤسسات المالية المتوافقة مع الشريعة، ولعله من المناسب الإشارة إلى مسؤولية تلك المؤسسات فيما يتعلق بالتعليم والتدريب، حيث إن اهتمام المؤسسات المالية المتوافقة مع الشريعة بالتعليم خصوصا فيما يتعلق بمجال المصرفية والتأمين المتوافق مع الشريعة يسهم في نمو هذا القطاع.
ولعل من أهم الأدوار التي يمكن أن تمارسها تلك المؤسسات، توفير فرص ابتعاث للشباب للدراسات التي تهتم بها المؤسسات المالية بشكل عام والمؤسسات المالية الإسلامية بشكل خاص، سواء كان الابتعاث داخليا أو خارجيا.
ومن ذلك أيضا دعم الدراسات المتخصصة والتي تهتم بالمصرفية الإسلامية ونموها وإيجاد فرص أكبر لها من خلال دراسات تتعلق بالمنتجات المتوافقة مع الشريعة، والفرص الاستثمارية، وهذه الدراسات قد تأخذ الطابع المالي وعن جدوى الدخول في مثل بعض المشاريع الاستثمارية، أو قد تأخذ الطابع التشريعي من خلال النظر في شرعية بعض المعاملات، ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.
يضاف إلى ذلك الاهتمام بالمؤسسات التعليمية والمنظمات الخيرية التي تهتم بالمصرفية الإسلامية بشكل عام، بل من الممكن أن تتبنى بعض المؤسسات المالية مراكز ومعاهد تهتم بالمصرفية الإسلامية، وتؤهل الكفاءات لتستفيد منها بالتالي للعمل.
وهنا نلاحظ حجم الدور الكبير الذي قد تؤديه تلك المؤسسات للمجتمع وبالتالي يعود عليها هي بالفائدة ناهيك عن زيادة الرضى والثقة التي تنالها من المجتمع، ونحن عندما ننظر إلى المؤسسات الكبرى في العالم بشكل عام والمؤسسات المالية بشكل خاص، سنجد أنها تؤدي دورا مهما فيما يتعلق بهذا النوع من الأنشطة، ولن يتم هذا دون إدراك تلك المؤسسات أن هذا سيعود عليها بالفائدة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

الأكثر قراءة