ارتفاع الأسعار يبتلع زيادة الرواتب في الأردن

ارتفاع الأسعار يبتلع زيادة الرواتب في الأردن

لم يكن ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية والسلع عالميا هو السبب الوحيد الذي أدى إلى الإعلان الحكومي عن زيادة رواتب العاملين في القطاع العام والطلب من القطاع الخاص بأن يجاري الحكومة، فقد أعلنت الحكومة عن زيادة الرواتب بالتزامن مع إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية وبعض السلع الغذائية.
العديد من الخبراء حذروا من انعكاس زيادة الرواتب بنسبة كبيرة سلبا على المواطنين وهذا ما حصل بالفعل، إذ سرعان ما ارتفعت بشكل غير معقول أسعار جميع المواد الاستهلاكية وغيرها من المواد التي لا علاقة لها بارتفاع أسعار المشتقات النفطية وبنسب غير معقولة وصلت إلى 100 في المائة من السعر السابق.
لكن المصادر الحكومية التي فوجئت بحمّى الأسعار تؤكد أنه لم يكن لديها بديل بعد ارتفاع أسعار النفط وارتفاع صرف اليورو وارتفاع الأسعار عالميا، ولم يصل الرد الحكومي على الارتفاع اليومي للأسعار إلى حد اتخاذ إجراءات باستثناء التلويح بإمكانية إعادة الرقابة على الأسواق وتحديد الأسعار.
غرفة تجارة الأردن توقعت في دراسة أن يواجه الاقتصاد الوطني العام الحالي تحديات اقتصادية واجتماعية ضخمة تؤثر في مسيرته من جهة وفي نسيج العلاقات الاجتماعية من جهة أخرى، نتيجة ارتفاعات الأسعار الناجمة عن رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية، إلى جانب عوامل محلية وعالمية أخرى.
وأرجعت الدراسة السبب الرئيس إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية وما أدت إليه من تعويم لأسعار المحروقات محليا، مما أدى إلى الارتفاع الهائل في استعار السلع الاستهلاكية وتكاليف الخدمات وارتفاع معدلات التضخم، إلى جانب تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة وارتفاع حجم العجز التجاري واختلال ميزان المدفوعات.
واعتبرت الدراسة ارتفاع سعر صرف اليورو من العوامل الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع الأسعار محليا، إذ شهد سعر صرف اليورو خلال السنوات الماضية ارتفاعات متواصلة، ما أسهم بصورة مباشرة في ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمحلية.
وحسب الدراسة أسهم ارتفاع سعر صرف اليورو في رفع أسعار تكاليف المستوردات من الدول الأوروبية، وتبعا لذلك زادت تكلفتها الجمركية ما أدى إلى ارتفاع سعر بيعها للمستهلك النهائي، كما أسهم ارتفاع أسعار النقل في رفع تكاليف الإنتاج، والتأثير بصورة مباشرة في القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أشارت إلى أن غالبية دول العالم، وبالأخص دول جنوب شرق آسيا وأستراليا، شهدت عوامل مناخية متغيرة كالجفاف والفيضانات ما لعب دورا في ارتفاع الأسعار العالمية والمحلية.
وقالت الدراسة إنه وعلى الرغم من إعلان الحكومة خططها وبرامجها الاقتصادية المستقبلية عن مواجهة وخفض نسب الفقر والبطالة سواء من خلال شبكة الأمان الاجتماعي أو من خلال زيادة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الاستثمارية أو عن طريق زيادة الرواتب. "إلا أن كل هذه الإجراءات الحكومية لن تؤدي إلى تخفيض نسب الفقر أو البطالة بالمعدل المطلوب".
وبلغ معدل البطالة في الأردن العام الماضي 13 في المائة، وفقا لنتائج مسح العمالة والبطالة لدائرة الإحصاءات العامة، في حين سجل عام 2005 نسبة فقر بلغت 14.7 في المائة مقارنة بـ 14.2 في المائة في عام 2002.
ومن الانعكاسات الأخرى لارتفاع الأسعار بحسب الدراسة نفسها، تراجع أداء القطاع الصناعي، إذ إن الآلات الصناعية تعتمد بشكل رئيسي على الوقود ما يتطلب من هذا القطاع مواجهة التحديات من خلال إيجاد البدائل المناسبة حتى تتمكن الصناعات الوطنية من الاستمرار في نشاطها الاقتصادي والتصدير بتكاليف معقولة ومقبولة في الأسواق المحلية والدولية.
وأضافت الدراسة أن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج سيعمل على زيادة تكاليف الإنتاج المحلي والمستورد وخفض تنافسية وجودة المنتجات المحلية في الأسواق الخارجية، خاصة في الدول المجاورة التي لم تشهد ارتفاعا جوهريا على أسعار المحروقات فيها، في الوقت الذي تتلقى فيه صناعاتها دعما من حكوماتها لتعزيز منتجاتها، وبالتالي منافستها مع صناعات الدول الأخرى.
ولفتت الدراسة إلى أن الأثر الأكبر يتمثل في ارتفاع أسعار مختلف السلع الاستهلاكية، والخدمات كالتعليم، النقل، الصحة والاتصالات، حيث من المرجح أن تشهد أسعار السلع الأساسية في المديين القصير والمتوسط ارتفاعات متتالية وغير ثابته.
وبحسب التقارير الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة فقد ارتفعت الأسعار في سلة المستهلك بنسبة 5.35 في المائة خلال العام الماضي، وكان ارتفاع الأسعار في السلة الغذائية بنسبة 9.27 في المائة أما الملابس والأحذية فقد ارتفعت بنسبة 6 في المائة، في حين ارتفع الإنفاق في المساكن 2 في المائة، أما السلع والخدمات الأخرى فقد ارتفعت بنسبة 2.5 في المائة.
وبلغ معدل التضخم السنوي في أسعار السلع للعام الماضي 5.32 في المائة، إذ تم قياس سلة المستهلك بإنفاق الأسرة على 700 سلعة ومادة غذائية وغير غذائية تتضمن الملابس والأحذية والمساكن والنقل والتعليم والاتصالات.
كما شهد العام الماضي رفع ضريبة المبيعات على عدد من المواد الأساسية من 4 في المائة إلى 16 في المائة مثل المواد الغذائية، الأدوية والخدمات الأساسية ما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة لذوي الدخل المتوسط والمتدني وانخفاض القدرة الشرائية لديهم.

الأكثر قراءة