التضخم في مصر يزيد تحرير الاقتصاد صعوبة
من شأن قفزة شهدها معدل التضخم في مصر الشهر الماضي أن تجعل من الأصعب على الحكومة خفض دعم باهظ وقد تعقد المراحل التالية من برنامج تحرير اقتصادي ساعد على تحقيق معدل نمو قوي.
فقد خفضت مصر ضريبة الدخل والتعرفات الجمركية وباعت شركات مملوكة للدولة مما ساعد الاقتصاد في العام الماضي على النمو بأسرع معدل له فيما لا يقل عن 20 عاما، بيد أن زيادة التكامل مع الاقتصاد العالمي أسهمت أيضا في ارتفاع التضخم مما أثار استياء شعبيا من سياسة تحرير الاقتصاد.
وألقت مصر باللوم على ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا عندما قفز معدل التضخم إلى 10.5 في المائة على أساس سنوي في كانون الثاني (يناير) بعد تراجع مطرد منذ أيلول (سبتمبر).
ورفع البنك المركزي في فبراير شباط أسعار الفائدة للمرة الأولى فيما يربو على عام وقالت الحكومة هذا الأسبوع أنها تبلغ البنك المركزي رغبتها في رؤية معدل التضخم يتراجع إلى نطاق مستهدف بين 6 و8 في المائة.
وأكد سايمون كيتشن كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار المجموعة المالية "هيرميس" في القاهرة ارتفاع التضخم يجعل خفض الدعم أكثر خطورة من الناحية السياسية لكن ارتفاع الأسعار العالمية يجعله ضروريا أكثر من أي وقت مضى من الناحية المالية.
ورصدت مصر 80 مليار جنيه (14.6 مليار دولار) للدعم في ميزانية السنة المالية التي تنتهي في حزيران (يونيو) 2008 أي نحو 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للبلاد.
وقد يصرف الدعم الذي يوجه معظمه إلى منتجات الطاقة مثل البنزين والديزل الحكومة عن هدفها لخفض عجز الميزانية إلى 3 في المائة من الناتج المحلي بحلول 2010-2011، لكن خفض الدعم سيثير غضب المصريين العاديين الذين يقول الكثيرون منهم إنهم لم يستفيدوا من نمو الاقتصاد.
وبين ريتشارد فوكس المحلل لدى "فيتش للتصنيفات الائتمانية" بالنظر إلى التكلفة الإجمالية لدعم الطاقة في الميزانية فإن إلغاءه تدريجيا مكون أساسي لسياسة الانضباط المالي في مصر .. من الواضح أن الأمر سيكون أكثر صعوبة إذا كان التضخم مرتفعا.
وأعلنت مصر في آب (أغسطس) زيادات كبيرة في الأسعار التي تدفعها الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مقابل الغاز والكهرباء على مدى ثلاث سنوات لكن خفض دعم الخبز والوقود للمستهلكين سيكون أكثر صعوبة.
وفضت الشرطة المصرية في كانون الثاني (يناير) مظاهرة احتجاج على ارتفاع أسعار مواد مثل السكر وزيت الطعام، ويعتمد الملايين من سكان المدن على الخبز المدعم وكانت أعمال شغب قد اندلعت عام 1977 احتجاجا على رفع سعر الخبز.
وأضافت ريهام الدسوقي كبيرة الاقتصاديين لدى "بلتون المالية" أن الحكومة تحاول إيجاد سبل لمتابعة خفض الدعم دون إثارة غضب الفقراء، وتضيف أنه بدلا من إخراج العملية عن مسارها فإن ارتفاع الأسعار سيضطر الحكومة إلى توخي التوقيت المناسب لخفض الدعم.
وتابعت سيمضون قدما في التخفيضات لكنهم سيكونون أكثر حرصا فحسب
بشأن كيفية قيامهم بذلك، وعلى سبيل المثال لن يخفض الدعم قرب شهر رمضان عندما تميل أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع بسبب زيادة الاستهلاك.
وأوضحت الدسوقي أن الضغط السياسي والاجتماعي سيدفع الحكومة باتجاه تعزيز الدعم للأسر محدودة الدخل من خلال إجراءات مثل زيادة الحصص التموينية مع خفض الدعم لكبار مستهلكي منتجات الطاقة، وقالت يحاولون توجيه رسالة إلى الفقراء بأن الحكومة ستحميهم ولطمأنة الناس.
ويعد رئيس الوزراء أحمد نظيف منذ توليه المنصب عام 2004 بوضع نظام لتوصيل دعم المواد الغذائية إلى محتاجيه لكن السلطات تجد من الصعب أن لم يكن من المستحيل تحديد مستويات الدخل الحقيقية لطالبي الحصول على السلع بأسعار مدعمة، كما أن تسرب الدقيق المدعم إلى السوق يمثل مشكلة حيث يثري حفنة من التجار على حساب دافعي الضرائب.
ولقد أخفق نمو الاقتصاد المصري في تعزيز شعبية الحكومة ومن شأن استمرار ارتفاع التضخم أن يسمم أجواء تحرير الاقتصاد، فقد لجأ آلاف العمال إلى الإضراب عن العمل على مدى العام المنصرم مطالبين غالبا بزيادة الأجور ومحتجين في بعض الأحيان على احتمال فقدان وظائف من جراء التخصيص.
وأوضح كيتشن المضي في برامج مشحونة سياسيا مثل التخصيص ولاسيما إذا كان هذا ينطوي على جعل الناس عاطلين قد يكون أكثر صعوبة إذا كانت الناس غير راضية بسبب ارتفاع التضخم.