توقعات بتغييرات اقتصادية طفيفة في كوبا.. ولا إصلاحات بالمقياس الأمريكي
توفر استقالة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو فرصة للولايات المتحدة لإعادة النظر في علاقاتها مع الجزيرة الشيوعية الواقعة على بعد أقل من 200 كيلومتر من حدودها لكن المحللين يشكون في أن إدارة بوش ستتزحزح عن موقفها المتشدد حتى تظهر إشارات إلى وجود تغيير ديمقراطي حقيقي.
وراؤول الشقيق الأصغر لكاسترو الذي يتولى إدارة شؤون البلاد منذ سقوط كاسترو مريضا في تموز (يوليو) عام 2006 هو شيوعي ملتزم وفيما عدا بعض التعديلات الاقتصادية الطفيفة فإنه لن يتخلى على الأرجح عن القسم الأعظم من أجندة شقيقه أو طرح الإصلاحات التي تصر واشنطن على أنها أساسية للتخفيف من حدة العداء الذي شاب العلاقات بين البلدين لنحو خمسة عقود من الزمان.
يقول فيل بيترز المحلل في معهد ليكسنجتون في واشنطن " إن لسان حال موقف إدارة بوش يقول إننا لن نغير أي شيء حتى تتغير كوبا تماما".
قام الرئيس جورج بوش عام 2004 بتشديد العقوبات ضد كوبا لتسريع انهيار نظام كاسترو وشكل فريقا مؤقتا لتحضير الجهد الأمريكي لمساعدة البلاد على السير نحو الديمقراطية وتوفير المساعدات الإنسانية بملايين الدولارات فور زوال النظام.
ولا ترتبط الولايات المتحدة بعلاقات دبلوماسية رسمية مع كوبا منذ أن تحالفت الجزيرة الكاريبية مع الاتحاد السوفياتي بعد ثورة عام 1959 التي جاءت بكاسترو إلى السلطة. وتفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية صارمة على كوبا منذ مطلع الستينيات.
وعقب شون ماكورميك المتحدث باسم الخارجية الأمريكية على إعلان كاسترو قائلا "مازلنا نأمل في أن يتمكن الشعب الكوبي ذات يوم من انتخاب قادته وبناء مؤسساته الديمقراطية التي تقوم على خدمة الشعب وتعكس إرادته". وأضاف ماكورميك "ليس ثمة تغيير في سياساتنا. ولا أعتقد أن هناك من يفكر في هذا الآن".
شهدت العلاقات الأمريكية - الكوبية إبان الحرب الباردة محاولات أمريكية عديدة لاغتيال كاسترو وعملية خليج الخنازير الخرقاء لغزو كوبا عام 1961. وأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 التي دفعت بالولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لحافة حرب نووية وعمليات هجرة جماعية للاجئين الكوبيين إلى الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمان.
يقول محللون إن راؤول كاسترو الذي كان ينظر إليه دائما بوصفه خليفة شقيقه أحكم قبضته منذ أن نقل كاسترو السلطة إليه وهو الذي يدير الحكومة من الناحية الفعلية.
وسيستفيد راؤول من وراء اقتصاد كوبي يحقق نموا بسبب توسع التجارة مع الصين وفنزويلا الأمر الذي يعني أن اقتصاد الجزيرة لن يكون في حالة احتياج شديد تدفعه للإذعان للمطالب الأمريكية على حد قول لاري بيرنز من" مجلس شؤون نصف الكرة الغربي" في واشنطن.
ويضيف بيرنز " راؤول لن يقدم على أية إصلاحات جذرية. انه سيكون مسيراً للأعمال وليس بمبتدع ولا خلاق فقط سيحافظ على الأوضاع القائمة ".
على الجانب الآخر فإن قدرة بوش على تليين مواقفه تجاه كوبا محدودة لأسباب داخلية. فالأمريكيون من أصل كوبي يشكلون كتلة تصويتية كبيرة في فلوريدا وهي واحدة من الولايات المؤثرة في الانتخابات الرئاسية وهي بشكل عام تحرض على اتباع نهج متشدد ضد النظام الكوبي.
لكن المحللين لا يستبعدون إمكانية تحسن العلاقات. فالحزب الديمقراطي يسيطر على الكونجرس منذ كانون الثاني (يناير) من العام الماضي ولأول مرة منذ 12 عاما وهو يتبع عادة نهجا أقل تشددا ضد كوبا مقارنة بالجمهوريين. وقد ذكر البعض بالفعل أنهم سيعملون على استصدار قانون بتخفيف العقوبات ضد كوبا.
ويمكن لبوش أن يستخدم حق النقض (الفيتو) في التصدي لمثل هذا القرار لكن يمكن تحت ضغوط متزايدة أن يغير من نهجه تجاه كوبا الآن بعد تنحي كاسترو.
وقال بيترز "أعتقد أن البلاد ستنظر بجدية في أمر سياساتها تجاه كوبا. فخروج كاسترو من السلطة " حدث شديد الأهمية والناس ستركز على كوبا. الكونجرس سيعيد النظر في تلك السياسات والأمل أن تحذو الإدارة حذوه. لكن لا شيء يسير هنا بشكل آلي".