رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


فتح إداري جديد

[email protected]

جاء الإعلان عن توقيع مذكرتي التفاهم بين الغرفة التجارية والصناعية في جدة وكل من مقام وزارة العمل من جهة، ومجلس التدريب التقني والمهني في محافظة جدة من جهة أخرى، مدهشا ومفاجئا. ولو كتب لهذا التفاهم النجاح، فسيكون بمثابة فتح جديد في التنظيم الإداري في مجتمعنا، ومنعطف تاريخي وقفزة متقدمة في أسلوب تنظيم التعاون بين القطاعين العام والخاص للتصدي لواحدة من أخطر مشكلاتنا الاقتصادية. ويحق لرئيس مجلس إدارة غرفة جدة وزملائه من أعضاء مجلس الإدارة والعاملين أن يفخروا بهذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق على مستوى البلاد.
يوم الأحد الماضي، حضرت مع ثلة من رجال الأعمال والمهتمين اللقاء الذي دعانا إليه الأستاذ صالح التركي رئيس غرفة جدة، وقدم فيه سعادته مع الدكتورة لمى السليمان، عرضا تعريفيا عن مضمون هاتين المذكرتين، وعن آلية تطبيقهما وكيفية استفادة أصحاب الأعمال منهم. وعلمت من أخي صالح التركي أن العمل على هذه الاتفاقية كان قد بدأ قبل أكثر من سنة، وأنهم كانوا حريصين على أن تجرى هذه الاتصالات والمفاهمات بعيدة عن العلن حتى آخر ليلة. بل أشار من طرف خفي إلى أن هناك مفاهمات تجرى مع جهات حكومية أخرى لا يود أن يفصح عنها الآن.
إن حل مشكلة البطالة مسؤولية يشترك فيها الجميع: العاطلون أنفسهم، والحكومة وهي التي يقع عليها العبء الأكبر، كما يتحمل القطاع الخاص جزءا من المسؤولية، لأن إهمال هذه الظاهرة سيولد آثارا اقتصادية واجتماعية سلبية قاسية سيعانيها الجميع.
في عام 2005م، كتبت متمنيا على وزارة العمل أن تراجع سياستها القائمة على فكرة فرض نسب سعودة على مؤسسات وشركات القطاع الخاص. وكان رأيي أن هذه السياسة، إن كان لها أن تطبق، فلتكن بدايتها مع الشركات الكبرى (كشركات أرامكو، سابك، والكهرباء، والاتصالات، والخطوط السعودية، ونحوها)، فلهذه الشركات نفس طويل وقدرة أكبر على تحمل تكاليف التوظيف والتدريب. أما تطبيقها على المؤسسات المتوسطة والصغيرة فسيلحق بأصحابها ضررا بالغا، يدفعهم للخروج من السوق لينضموا إلى قافلة العاطلين. إن حل مشكلة البطالة يقتضي العمل على جبهتين: تبني استثمارات مولدة لفرص عمل لها حوافر معقولة تلائم تكاليف المعيشة، وبرامج تدريب مكثف وسريع لإعادة تأهيل العاطلين.
كما دعوت آنذاك لإعادة فتح باب التوظيف الحكومي في المجالين المدني والعسكري. وناشدت وزارة المالية أن تتخلى عن هاجسها القائم على احتمال تكرار عدم كفاية الموارد. لأن هذه مبالغة في المخاوف لا مبرر لها، وإسقاط غير صحيح لظروف الماضي على الحاضر لسببين على الأقل. الأول، أن عوائد النفط بدأت في التحسن منذ عام 2003م، والمؤشرات تشير إلى استمرار هذا التحسن، وهو ما حدث بالفعل منذئذ. والثاني، أنه مهما تغيرت استراتيجية سياسة التوظيف في اقتصادنا، فإن إقفال باب التوظيف الحكومي كلية، هو هروب عن مواجهة واقع نلمس فيه نمو السكان وزيادة حاجة البلاد لتوسيع الخدمات الحكومية. وما الاختناقات التي نعانيها اليوم في مجال الخدمات البلدية والتعليمية والصحية وخدمات المنافع العامة، إلا بسبب هذه المخاوف المبالغ فيها.
ما توصلت إليه غرفة جدة كان يعد ضربا من ضروب الخيال، وبابا من أبواب المحال. أصبح اليوم واقعا ماثلا للعيان، علينا حمايته من الفشل والزوال. وللحديث صلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي