الطلب الصيني على النفط مرشح للتراجع هذا العام

الطلب الصيني على النفط مرشح للتراجع هذا العام

مع تتالي التوقعات بخصوص وضع الطلب على النفط خلال العام الحالي واتجاهها إلى أسفل في الغالب، وآخرها التقرير الدوري للوكالة الدولية للطاقة لهذا الشهر، إلا أن الجديد الالتفات إلى وضع الطلب الصيني على النفط ومدى تأثره سواء بالنشاط الاقتصادي العالمي العام أو بما يجري داخل الصين نفسها من عوامل محلية تلقي بظلالها على الطلب بصورة أو أخرى.
وأخيرا فاجأت شركة ليمان براذرز الاستشارية الأمريكية، الأسواق بنشرها تقريرا تتوقع فيه تراجع الطلب الصيني على النفط، من خلال تعديلها تقديراتها لنسبة النمو لهذا العام التي وضعتها في حدود 4.5 في المائة، ما يعني 340 ألف برميل يوميا إضافية، وهو ما يعني تراجعا من النسبة السابقة التي وضعتها الشركة ذاتها للنمو وهي 5.3 في المائة التي كانت تعني إضافة 400 ألف برميل يوميا للطلب الصيني على النفط.
وفصلت الشركة القول إنها قامت بتقليص توقعاتها للربع الأول من هذا العام بنحو 275 ألف برميل يوميا، ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى الطقس السيئ الذي عانت البلاد منه خلال الفترة السابقة، وكان التأثير واضحا في قطاع النقل، الذي تراجعت حركته بنسبة 10 في المائة، كما أن حركة النقل في الطرقات تحديدا والمناطق التي تخدمها السكك الحديدية شهدت تراجعا منذ بداية العام بنحو 20 في المائة.
وشهدت الصين موسم شتاء تميز بالعواصف والأمطار الثلجية وانهمار الأمطار بصورة لم تشهدها البلاد منذ نصف قرن من الزمان، وبنهاية الشهر الماضي وصلت نسبة الطاقة الكهربائية المولدة التي أصبحت خارج نطاق العمل إلى 7 في المائة، كما تأثر إنتاج الألمنيوم وتقلص بنسبة 12 في المائة، ومعروف أن الصين تنتج قرابة ثلث الإنتاج العالمي من الألمنيوم.
ويقدر بصورة عامة أن حجم الخسائر بالحساب الاقتصادي بلغ نحو 7.5 مليار دولار في فترة ثلاثة أسابيع فقط، ولعب انقطاع التيار الكهربائي دورا رئيسا في هذا. وعليه، فإن معدل النمو الاقتصادي الذي بلغ العام الماضي 11.4 في المائة وكان يتوقع له أن يصل هذا العام 10 في المائة يبدو مرشحا أن يتراجع بدرجة مئوية واحدة إلى 9 في المائة بعد هذه التطورات.
من ناحية أخرى، فإن الصين تعد من أكبر مستهلكي الفحم في العالم، والفحم يحتاج بالطبع إلى نقله من مناطق الإنتاج إلى حيث يتم استهلاكه، لكن بسبب ظروف الطقس، فإن السكك الحديدية، وهي الناقل الرئيس للفحم شهدت تعطيلا في أحيان كثيرة أسهم في إضعاف النشاط الاقتصادي.
وتأتي هذه التطورات الصينية في الوقت الذي تشهد فيه السوق تراجعا عاما. فمن جانبها، قامت الوكالة الدولية للطاقة بخفض تقديراتها للطلب على النفط هذا العام، إذ توقعت تصاعد تأثير التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة، الذي بدأ يلقي بظلاله على بقية العالم ومن بينها الصين، التي تعد شريكا اقتصاديا رئيسا تجد في السوق الأمريكية منفذا أساسيا لمنتجاتها.
قلصت الوكالة التي تقدم استشاراتها للأعضاء فيها، وهي 27 دولة مستهلكة رئيسة للنفط في العالم، تقديراتها في الطلب بنحو 310 آلاف برميل يوميا إلى 1.67 مليون. لكن من ناحية أخرى أشارت إلى أن معدلات الأسعار ستظل مرتفعة بصورة ما، ويعود ذلك إلى سببين: تراجع حجم المخزون خاصة في الدول الأعضاء في منظمة التنمية والنمو الاقتصادي، إذ شهد كانون الأول (ديسمبر) وحده تراجعا بنحو 39.5 مليون برميل، كما أن المصافي من ناحية أخرى لا تزال تستشعر ضعف العائد والهامش الربحي، الأمر الذي يدفعها إلى عدم استغلال طاقتها التكريرية القصوى.
وشهد الربع الأخير من العام الماضي سحبا من المخزون بمعدل 1.15 مليون برميل يوميا، وهو معدل يزيد كثيرا مما هو سائد خل فترة السنوات العشر الماضية، وهو 750 ألف برميل يوميا، الأمر الذي يضع حجم الغطاء الاستهلاكي بعدد الأيام في حدود 50.7 يوم، وهو الأقل منذ عام 2004. لكن من الناحية الأخرى فإن عمليات بناء المخزون بلغت 22.1 مليون برميل الشهر الماضي، هذا بالطبع إلى جانب العامل الجيوسياسي المتمثل في التوترات ذات الطبيعة السياسية والأمنية وآخرها المواجهة بين فنزويلا و"إكسون موبيل"، التي تضع أرضية يمكن أن تستند إليها أسعار النفط رغم تراجع الطلب.
لكن بما أن الصين ثاني أكبر مستهلك وثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، فإن ما يجري فيها تكون له انعكاساته على السوق النفطية العالمية، خاصة أن حقولها المنتجة وصلت إلى مرحلة النضج، ولهذا فهي تتجه إلى مناطق جديدة ونائية في الداخل والى الغرب، كما تحظى المناطق المغمورة ذات الاحتياطيات النفطية الواعدة باهتمام فائق.
يبلغ الإنتاج المحلي من النفط في المتوسط نحو 3.8 مليون برميل يوميا، بينما يراوح الاستهلاك في حدود 7.6 مليون. أما الاحتياطي المؤكد ففي حدود 18 مليار برميل، وطاقتها التكريرية 6.2 مليون برميل يوميا. إلى جانب النفط، هناك الغاز الطبيعي حيث يبلغ حجم الاحتياطيات الصينية منها 53.33 مليار طن، ينتج منها 1.9 مليار قدم مكعب، بينما الاستهلاك يزيد على ذلك، وهو في حدود 1.99 مليارا.

الأكثر قراءة