ارتباك في المصارف الإماراتية بعد القرار الوزاري بتحويل رواتب العمالة إلى البنوك مباشرة

ارتباك في المصارف الإماراتية بعد القرار الوزاري بتحويل رواتب العمالة إلى البنوك مباشرة

استبعدت مصادر مصرفية قيام كافة البنوك الإماراتية العاملة في الدولة (50 بنكا) بفتح حسابات مصرفية لنحو مليوني عامل بعدما ألزمت وزارة العمل شركات القطاع الخاص بتحويل رواتب عمالها إلى البنوك لوقف ظاهرة الإضرابات العمالية بسبب تأخر صرف الرواتب.
وتعيش المصارف الإماراتية منذ تلقيها تعميما من المصرف المركزي بفتح حسابات مصرفية للشركات لتحويل رواتب عمالها حالة من الارتباك خصوصا بعدما رفضت شركات التأمين إجراء تغطية تأمينية على أجهزة الصراف الآلي في حال وضعها في أماكن تجمع العمالة كما تخشى البنوك أيضا حدوث ضغط على كادرها الوظيفي وتجهيزاتها الإلكترونية "ماكينات الصراف الآلي".
وقال مصرفي في أحد البنوك الكبرى في دبي إنه ليس لدى بنكه أية فروع في أماكن التجمعات العمالية, وليس بوسعه فتح حسابات مصرفية لعدد هائل من العمال يمكن أن يتسببوا في زحام غير مبرر في الفروع التي تقع داخل مدينة دبي.
وأوضح أن من الصعب التعامل مع شريحة العمال عبر البنوك، خصوصا أن رواتبها متدنية تراوح بين 700 و1500 درهم كحد أقصى، إضافة إلى أن البنك يفرض رسوما قدرها 50 درهما في حال وجود حد أدنى ألفي درهم في الحساب وهو ما يعني عدم الاستفادة من رواتب هذه الشريحة.
وأوضح أن هناك خوفا أبداه العديد من مسؤولي الفروع ممن جرى استطلاع آرائهم من تعرض أجهزة الصراف الآلي للسرقة أو الكسر في حال جرى وضعها في أماكن التجمعات العمالية، كما أبدى البعض مشكلة تتعلق بوجود شريحة كبيرة من العمال الآسيويين ممن يجهلون اللغتين العربية والإنجليزية التي يتم التعامل بهما في أجهزة الصراف الآلي.
وقال إن الشركة الاستثمارية التي يعتزم مصرف نور الإسلامي بالتعاون مع بريد الإمارات التي تأسست خصيصا لخدمة هذه الشريحة من العمال يمكن أن تكون هي الأنسب للتعامل مع هذا الوضع، كما أن فتح مكاتب للبريد في أماكن العمال لصرف رواتبهم هو الأنسب أيضا من فتح فرع مصرفي.
ووفقا لإحصائيات المصرف المركزي فإن هناك نحو 50 مصرفا وبنكا في الإمارات - محلية وأجنبية - تقدم خدماتها المصرفية من خلال 447 فرعا وعبر ثلاثة آلاف صراف آلي، في حين يقدر عدد العمال الذين سيستفيدون من خدمات القطاع المصرفي، في حال جرى تحويل رواتبهم، نحو مليوني عامل بحسب وزارة العمل.
وفي اتصال مع إحدى شركات التأمين في دبي حول رفض طلب البنوك بالتأمين على أجهزة الصراف الآلي التي ستوضع في التجمعات العمالية رفض الرئيس التنفيذي للشركة التعليق مكتفيا بالقول إنه لم يتلق أية طلبات من أي بنك في دبي, وفي حال تقدم أحد البنوك بذلك سيتم دراسة الوضع في ضوء ما أسماه بعوامل المخاطرة التي قد تتطلب رفع قيمة التأمين في حال ارتفاع عنصر المخاطرة مثل السرقة والدمار والتخريب.
بعض البنوك وجدت مخرجا من الأزمة من خلال طرح بطاقات خاصة برواتب العمال وهذا ما فعله أكبر البنوك الإماراتية "بنك أبوظبي الوطني" الذي أعلن عن طرح بطاقة "راتبي"، التي تعد أحد الحلول المصرفية المبتكرة لتلبية متطلبات الشركات والعمال مع توفير المصاريف الإجرائية المتعلقة بصرف الرواتب, وتم تصميم بطاقة "راتبي" مسبقة الدفع لتحل محل عمليات صرف الأجور للموظفين والعمال نقداً أو بموجب شيكات.
ويوضح سيف الشحي، مدير عام القطاع المصرفي المحلي لدى بنك أبوظبي الوطني أن بطاقة "راتبي" تمثل أحد المنتجات المصرفية الإلكترونية المبتكرة التي تلبي احتياجات الشركات والعمال بصورة فاعلة، خاصة أن بنك أبوظبي الوطني عُرف بريادته في توفير هذه الخدمات التي تسهل من التعاملات المصرفية.
وأكد الشحي أن طرح بطاقة "راتبي" يأتي تماشياً مع توجيهات وزارة العمل بصرف أجور العمال عبر البنوك، لذلك قام البنك بطرح بطاقة مسبقة الدفع.
وذكر جون معلوف، رئيس القطاع المصرفي للأفراد في بنك أبوظبي الوطني أن بطاقة "راتبي" ستمكن جهات العمل من خفض تكاليف مناولة الأموال، الأمر الذي يعني الحد من المخاطر والمتاعب الناجمة عن التعامل بالنقد، كما ستسهل عملية صرف رواتب العمال خارج مواقع العمل نقداً أو بالشيكات، حيث تقوم الشركة بإرسال كشف بأجور العمال في عملية واحدة بدلاً من تحويل كل راتب على حدة، ولا يحتاج العامل إلى فتح حساب مصرفي ودفع رسوم بل يتم إيداع مبلغ الراتب كرصيد للبطاقة مباشرة.
وأوضح معلوف أن شبكة أجهزة الصراف الآلي، التابعة لبنك أبوظبي الوطني، تغطي جميع المناطق بما فيها مناطق عمل وسكن العمل. وسيقوم البنك بتركيب أجهزة صراف آلي متنقلة في هذه المناطق خاصة خلال أيام صرف الرواتب، الأمر الذي يسهل عملية صرف وتسليم الأجور عبر هذا المنتج المبتكر.
ومن الخيارات الأخرى أمام البنوك، لتجاوز مأزق تحويل رواتب العمال عن طريقها، قيام شركات الصرافة بدور الوساطة بين البنوك والعمال بحيث يتم فتح حسابات لهؤلاء العمال في البنوك على أن تقوم شركات الصرافة بالتعامل مع البنوك نيابة عن العمال.
وبالفعل بدأت بنوك عديدة مفاوضات مع شركات صرافة لتقوم بالتعامل مع العمال نيابة عنها، ورحبت شركات الصرافة بهذا التعاون نظرا للفوائد التي تتوقعها من جراء قيام هؤلاء العمال بتحويل بعض المبالغ إلى ذويهم في بلدانهم الأصلية.
كما وجد قطاع البريد في القرار الجديد فرصة لتوسيع نطاق عمله وقد بادر بريد الإمارات بتوقيع شراكة مع بنك نور الإسلامي حديث التأسيس لتقديم خدمات مصرفية لذوي الدخل المحدود من خلال مكاتب البريد، وقاما بتأسيس شركة استثمارية برأسمال نصف مليار درهم يكون عمادها المصرفي الأول هو حسابات عمال سبع شركات كبرى في الدولة يقدرون بنحو 140 ألف عامل.
كما حصلت شركة (سي ثري) للخدمات المالية العاملة في مجال تزويد السوق الإماراتية بخدمات البطاقات الإلكترونية مسبقة الدفع والقابلة للتعبئة بالاشتراك مع إحدى المؤسسات المصرفية اليوم على موافقة رسمية من وزارة العمل على بطاقتها الخاصة بدفع الأجور والقابلة للتعبئة. ووقعت وزارة العمل اتفاقية مع الشركة في إطار إجراءاتها لتطبيق قرار مجلس الوزراء بشأن صرف رواتب العمال عن طريق البنوك.

الأكثر قراءة