رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


النهج السعودي في مكافحة الإرهاب

في مكافحة التطرف والإرهاب وضع خادم الحرمين الشريفين رؤيته الدقيقة لمصدر الخطر الذي يجب أن يتصدى له كل مواطن، فالفكر الضال والتصور الخاطئ لمفاهيم الدين أدى إلى انحراف البعض وتحويلهم إلى أدوات للتدمير تسيئ إلى دينهم ووطنهم وأمتهم وأنفسهم، لذا فإن أول ما يجب التصدي له هو الفكر الضال، فجريمة الإرهاب كما يراها خادم الحرمين الشريفين تبدأ من العقل المنحرف المريض وجرائم الإرهاب بالذات لا تولد إلا في أشد العقول ظلاما وضلالا.
لقد أوضح الملك أن التصدي للإرهاب يبدأ بمحاربة الأفكار الهدامة فهي منبع الخطر الذي أوجد هذا النوع من الجرائم التي يرفضها الإسلام ويحاربها الدين وتستنكرها الأخلاق والقيم، وإن جامعة الأمير نايف هي إحدى المؤسسات المعنية بترسيخ مفاهيم الأمن من جميع النواحي النظامية والتعليمية والتدريبية، كما أن دورها يتكامل مع سائر المؤسسات في الدولة التي تقوم بواجبها في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتوجيه الشباب إلى العمل البناء الذي يخدم دينهم ووطنهم ويجنبهم الانسياق خلف أفكار الجريمة والضلال، خصوصا في عصر تزايدت فيه موجات الإجرام المنظم وتيسرت فيه سبل الاتصال بين زعامات الإرهاب الدولي وجيل الشباب الذي قد ينخدع بتزوير الأقوال وتبرير الإجرام وتحريض النفوس للقبول بتطرف وضلال يعارض الدين ومصالح الأمة.
إن الملك وهو يتسلم شهادة الدكتوراة الفخرية في العلوم الأمنية من جامعة الأمير نايف يعتبر نفسه نائبا عن الجنود البواسل الذين استشهدوا في سبيل الدفاع عن دينهم ووطنهم وأمن مجتمعهم، وكذلك عن الجنود الذين يقفون اليوم في مواجهة أي خطر يحدق بأمن الأمة ومؤسسات الدولة ومنشآتها ومصالحها. هؤلاء الجنود الذين يقفون برجولة وشهامة يدافعون عن مقدسات الوطن هم ركيزة أساسية في أمن الدولة ويراهم الملك يستحقون الإشادة في كل موقف، بل إن هذه الإشادة تعني ضمنا رسالة لكل مواطن أن يقتدي بهؤلاء الذين هم خط الدفاع الأول في الأمن. ويرى الملك أن هؤلاء الجنود يقف خلفهم فكر الأمة الصحيح الذي يعي المعاني السليمة للدين والقيم، فالإسلام دين الوسطية والاعتدال، أما التطرف فإن التاريخ يثبت أنه اندحر في كل المواجهات وبقيت الأكثرية التي تتبنى الاعتدال فهو المنهج الذي يستطيع تلبية احتياجات الأمة وتحقيق مصالحها وغايتها.
إن رؤية الملك للأمن والفكر أنهما يسيران جنبا إلى جنب فحين تصح الأفكار تصح الأقوال والأفعال وقبل ذلك تصح النوايا والعكس بالعكس، لذا فإن الكلمات المضيئة للملك تؤكد أنه يجب أن نضع نصب أعيننا محاربة الفكر المنحرف، لأنه منبع الضلال وأداة يستخدمها المجرمون في تأليب النفوس وشحن العقول وأن العمل الأمني دون عمل فكري لا يكفي، كما أن الأفكار الضالة فيروس ينخر في جسد الأمة ولا بد من التخلص من تلك الأفكار بتصحيحها وتقويم من يروج أو يتبنى أفكاراً غير مقبولة شرعاً، لأنها ستكون ضارة في حياة الأمة.
ولقد سبق لوزير الداخلية أن تحدث بصراحته المعهودة عن أهمية أداء الدور المطلوب من الأئمة والخطباء ومن لهم صلة بالكلمة المؤثرة في حياة الناس، فالدين رسالة سامية ومنبر المسجد منبر حق لخدمة الحق وذلك الدور الإيجابي يمكن أن تقوم به مساجد الجمعة التي يبلغ عددها في البلاد 14 ألف مسجد، حيث يقام في الشهر 56 ألف خطبة جمعة لها القدرة إذا أحسن القائمون بأمرها من أن تتغلب على ما يتم الترويج له من أفكار ضالة، فالدولة كما يقول تحارب بيد وتبني بيد وما نواجهه أمر خطير.
ولأن معظم النار من مستصغر الشرر فإن الفكرة البسيطة قد تكون بابا للجريمة، والكلمة قد تكون ميدانا للإجرام الفردي الذي يرتكبه الجاني لمصلحته الشخصية، أما الجريمة التي تتطلب توظيف الآخرين فإنها تحتاج إلى أفكار وكلمات ووسيلة لإيصالها إلى الآخرين، لذا فإن من تابع لقاء وزير الداخلية مع أصحاب الفضيلة العلماء والأئمة وخطباء المساجد والقضاة يستطيع أن يتفهم خطورة الفكر وأهمية الكلمة ومدى تأثيرها في توجيه أفراد المجتمع نحو الخير أو الشر، بل إن من تابع ذلك اللقاء يلمس عمق الجريمة من الناحية الفكرية وكيف استطاع المسيئون أن ينجحوا في توظيف بعض المواقف في توجيه الآخرين نحو طريق الإجرام فقد كانت الفكرة الخاطئة والكلمة السيئة والفهم السقيم بابا سلكه سيئو النوايا في توظيف البشر لأغراضهم.
ولقد سبق له أن أعلن أن العمل الأمني أبطل كثيرا من الأعمال الإجرامية التي تستهدف الأمة ونجح رجال الأمن في الإجراءات الوقائية من خلال العمل الاستباقي وتم، بحمد الله، تفادي أكثر من 90 في المائة من تلك الجرائم الإرهابية التي تم التخطيط لتنفيذها في السعودية من قبل أصحاب الفكر الضال الذين روجوا لأفكارهم باستغلال الوسائل المتاحة لهم. وفي حين كان لرجال الدعوة دور كبير في تصحيح الفكر المنحرف كما هم دائما في تصديهم للباطل يوضح وزير الشؤون الإسلامية أن عدد الخطب التي تصدت لهذه الفتنة بلغت 170 ألف خطبة، إضافة إلى مناشط دعوية ومحاضرات وكتب وبلغ مجموع الجهود الدعوية لهذا المجال تسعة ملايين منشط، كما ناقشت "حملة السكينة" التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية عدداً من أصحاب ذلك الفكر الضال ورجع منهم 500 شخص. كما أعلن في كلمته في ذلك اللقاء عن إطلاق حملة كبرى تسمى "حملة التحصين" لتحصين الشباب من براثن هذا الفكر الضال من الفساد العقائدي ومن خلال الاستفادة من الفعاليات في المساجد والدعوة وخطب الجمعة وغيرها.
لقد شددت الدولة على أنه لا تهاون في أمن البلاد، وأكدت أن المواطن رجل أمن أيضاً يسهم بدوره في مكافحة آفة هذا العصر التي رغم مخاطرها إلا أنها انحسرت تضاءلت في بلادنا، بفضل الله، ثم بفضل خطة حكيمة وضعتها الدولة تفتح فيها باب التسامح لمن أراد العودة إلى جادة الصواب وتفرض فيها العقاب لمن اختار طريق الغواية والضلال. إنها حرب لا هوادة فيها لأنها مع أطراف لا تعرف للحياة قيمة ولا للأمن معنى في أجندتها، فالتدمير هدفها وغايتها وهو هدف يسير، لأن الهدم أسهل من البناء، ولكنهما على طرفي نقيض بين من يريد الحياة ومن يريد الموت.
لقد شددت الجهات الأمنية في أكثر من موقف على أنها ماضية في طريقها نحو اجتثاث الإرهاب وكشف خلاياه والقبض على من تثبت عليه الأدلة والقرائن لدوره في المساس بالأمن والاستقرار وفي الوقت نفسه فإن الدولة تفتح فيها باب التسامح لمن أراد العودة إلى جادة الصواب وتفرض فيها العقاب لمن اختار طريق الغواية والضلال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي