الجدل حول الصكوك يهدد بتسرب الإصدارات الخليجية إلى ماليزيا

الجدل حول الصكوك يهدد بتسرب الإصدارات الخليجية إلى ماليزيا

توقع مصرفيون غربيون أن يلجأ عدد من الشركات الخليجية إلى جمع الأموال من الأسواق الآسيوية، خاصة ماليزيا من خلال إصدار سندات تقليدية وإسلامية هذا العام، وذلك بعد الجدل القائم حول شرعية الصكوك الخليجية ومحاولة الابتعاد قدر المستطاع عن "مستثمري الدولار". وأكد ديكلان هيجارتي، المدير التنفيذي لشؤون تمويل الأسواق العالمية في بنك إتش إس بي سي أن عدداً من الشركات الإقليمية تحرص بشدة على إصدار السندات في آسيا، ولاسيما بالعملات المحلية لهذه الدول .
وتابع " النجاح الأخير الذي حققته شريحة السندات التي أصدرتها مؤسسة الخليج للاستثمار بعوائد محددة وثابتة التي بلغت قيمتها مليار رنجيت ماليزي، دليل على ما تنطوي عليه السندات التي تصدر بالعملات الآسيوية المحلية من إمكانات". من جهة أخرى دافع فقيه أمريكي عن زملائه الخليجيين عندما أكد أن تركيبة الصكوك بالغة التعقيد وليست سهلة كما يعتقد البعض.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

توقع مصرفيون غربيون أن يلجأ عدد قليل من الشركات الخليجية إلى جمع الأموال من الأسواق الآسيوية من خلال إصدار سندات تقليدية وإسلامية هذا العام، وذلك بعد الجدل القائم حول شرعية الصكوك الخليجية ومحاولة الابتعاد قدر المستطاع عن "مستثمري الدولار".
وأكد ديكلان هيجارتي، المدير التنفيذي لشؤون تمويل الأسواق العالمية في بنك إتش إس بي سي أن عدداً من الشركات الإقليمية تحرص بشدة على إصدار السندات في آسيا، ولاسيما بالعملات المحلية لهذه الدول .
وتابع " النجاح الأخير الذي حققته شريحتا السندات التي أصدرتها مؤسسة الخليج للاستثمار بعوائد محددة وثابتة والتي بلغت قيمتها مليار رنجيت ماليزي دليل على ما تنطوي عليه السندات التي تصدر بالعملات الآسيوية المحلية من إمكانيات".
من جهة أخرى دافع فقيه أمريكي عن زملائه الخليجيين عندما أكد أن تركيبة الصكوك بالغة التعقيد و ليست سهلة كما يعتقد البعض. وتحفظ يوسف طلال اللورينزي الرئيس التنفيذي لشؤون التدقيق والرقابة الشرعية في  شريعة كابيتال الأمريكية على وصف وكالة "أسوشيتد برس " الفقهاء الخليجيين بأنهم قد ضحوا بالمبادئ الدينية من أجل تقديم دفعة قوية لسوق الصكوك عندما كانت في بداياتها. ونفى الشيخ طلال تعرض الفقهاء الخليجيين لأي ضغوط من المؤسسات البنكية الدولية في حال تعلق الأمر بصحة أسلمة المنتج الإسلامي، مذكرا في الوقت ذاته أن تلك البنوك- الدولية- تدفع رسوما للفقهاء تماماً كالمستشارين, حتى لو لم يجيزوا أسلمة المنتج المصرفي. وجاءت إجابة طلال في رده على ماذكرته مصادر مصرفية للوكالة الأمريكية من أن علماء الدين كانوا على علم بأن السندات تنطوي على قضايا هيكلية ولكنهم وافقوا عليها لدفع نمو السوق - وأثاروا تساؤلات حول الكيفية التي يزن بها حماة صناعة الصيرفة الإسلامية الربح المحتمل مقابل التنازل عن المبادئ الدينية.

التوجه نحو كوالالمبور
وشهد الشهر الماضي حدثا بارزا عندما أصدرت مؤسسة الخليج للاستثمار، وهي مؤسسة مالية إقليمية تملكها الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي, فئتين من السندات في كوالالمبور وتمت تغطية الاكتتاب فيه ثلاث مرات تقريباً.وفي ظل عدم توصل الفقهاء الخليجيين لحل مناسب وسريع لأزمة الصكوك منذ نحو ثلاثة أشهر, يخشى المراقبون من أن تلقى فكرة تسرب الإصدارات الخليجية من الصكوك نحو الأسواق الماليزية رواجا مقبولا لدى الخليجيين في حالة فشل اجتماع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية و المقرر عقده الأسبوع المقبل.
معلوم أن معظم الصكوك الماليزية يتم إصدارها على شكل صكوك " إجارة" وهذه التركيبة من الصكوك, بحسب الدكتور محمد داود بكار، رئيس المعهد الدولي للتمويل الإسلامي, تفي بمتطلبات المجالس الفقهية في دول الخليج، بينما يعتمد الخليجيون في إصداراتهم على صكوك "المضاربة" وصكوك "المرابحة" والتي اتضح فيما بعد أن نحو 15 في المائة منها تراعي التقيّد بالأحكام الشرعية.
وقال مصرفي استثماري يتخذ من مركز دبي المالي الدولي مقراً له في حديثه لصحيفة جلف نيوز:" إن العديد من الشركات الخليجية التي لديها مشاريع ضخمة في مختلف مراحل التطوير لا تستطيع تأجيل برامجها التمويلية إلى مالا نهاية، وأن هناك تحركات جارية لطرق جميع مصادر السيولة بأسعار منافسة، وستكون بعض الأسواق والعملات الآسيوية أهدافاً مؤكدة في هذا العام".

الأمريكان يفضلون العملة الماليزية
ولا يقتصر هذا التوجه الاستثماري نحو ماليزيا على الخليجيين فقط, فقد أعلن الأسبوع الماضي بنك دويتشه بنك أن شركات في أمريكا الشمالية تعتزم بيع سندات إسلامية في ماليزيا هذا العام في إطار سعيها للاستفادة من السيولة الفائضة في الأسواق الناشئة. حيث أعلن جيرت بوسيوت عضو مجلس الإدارة المنتدب والرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في دويتشه بنك أن شركات كندية وأمريكية قد تبيع سندات إسلامية بقيمة بين 300 و500 مليون دولار بما يوازيها من الرنجيت الماليزي. وامتنع بوسيوت عن الكشف عن أسماء الشركات التي أصبحت في حاجة ماسة إلى الأموال بعد أن تسببت أزمة الرهن العقاري في حدوث شح ائتماني لها. و فسر مراقبون تلك الخطوة بأن كوالالمبور قد برهنت على المصداقية الشرعية لصكوكها مقارنة مع أهل الخليج. ويجد المقترضون غير المسلمين في الصكوك فرصة لتنويع قاعدة تمويلهم والوصول إلى شريحة مستثمرين لم تكن متاحة لهم من قبل.
صكوك بالغة التعقيد
وحول الهيكلة المثيرة للجدل للصكوك الخليجية, يقول الشيخ يوسف " الصكوك تبنى على عقود بالغة التعقيد، وكل منها تقريباً يختلف عن غيره، حتى لو كان الكثير منها مبيناً على النموذج نفسه، فإذا كان العمل برمته وجميع النواحي القانونية مختلفة، فبطبيعة الحال سوف يكون المنتج النهائي مختلفا جداً". وتابع "وبينما نشرت هيئة المحاسبة والمراجعة معايير خاصة بالصكوك، فإن هذه المعايير قابلة للتطبيق على الصعيد المفاهيمي، أما على الصعيد العملي الذي يشتمل على كافة التفصيلات، فكثيراً ما تخضع هذه المعايير للتفسيرات، الأمر الذي لا بد أن يؤدي إلى وجود الاختلافات، ولذلك، على نحو ما، لا ينبغي أن نفاجأ بوجود هذه الاختلافات".

إهمال فقه المعاملات
ويقول بعض الخبراء إن التنافس على تنمية السوق أدى إلى صدور أحكام دينية مثيرة للتساؤل – وهي مشكلة يصعب التغلب عليها بسبب عدم وجود مقياس شرعي موحد تعمل بموجبه مجالس الاعتماد الفقهي وبسبب النقص في عدد العلماء المتمرسين بين العلم الشرعي وفهم آلية عمل نظام التمويل الحديث. وقال الشيخ يوسف " لقد تعرض فقه المعاملات للإهمال لفترة طويلة، وإن معظم علماء الشريعة الذين يواصلون تخصصهم بالمجال الأكاديمي يفعلون ذلك في مجالات مثل التفسير أو الحديث أو التاريخ. وإذا كانوا قد تخصصوا في المواضيع العملية المتعلقة بالشريعة، فقد أصبحوا خبراء في أمور كقوانين الزكاة أو الزواج والطلاق أو الميراث. " ويواصل في حديثه مع "الاقتصادية" "أما قواعد المعاملات طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية فقد تعرضت للإهمال لأن المجتمعات الإسلامية أخذت بالنماذج التجارية الغربية بدءاً بالصيرفة التي تقوم على الفائدة".
يشار إلى أن وكالات التصنيف الائتماني لا تتطرق إلى وضع رأي حول مدى التزام تعاملات معينة بالأحكام الشرعية أو عدم التزامها، ولكن بالنظر إلى الأهمية النسبية للتوصل إلى هيكل سليم للأوراق المالية، فإن "موديز" تتوقع أن تُشفع إدارة السندات بقرار موافقة من المجلس الشرعي المعترف به بأن الصكوك ملتزمة فعلاً بالأحكام الشرعية، خصوصاً في الحالات التي يكون فيها عدم الالتزام بالأحكام الشرعية سبباً في العجز عن التسديد أو سبباً في التسارع acceleration (وهو أمر لم يحدث في أي من التعاملات الحديثة للصكوك). وفي الظروف التي من هذا القبيل فإن موديز تجري نوعاً معيناً من تحليل السيولة حتى تضمن أن الجهة المولدة للسند تتوافر لديها القدرة لتسديد قيمة السند في موعد أبكر من التاريخ المتوقع، في حالة وقوع حادث من هذا القبيل، وهو أمر مشابه لواقعة التسارع (أي المطالبة بقيمة السند قبل تاريخ الاستحقاق) في السندات التقليدية. وأن العدد المحدود من الأسبقيات والافتقار إلى معايير شكلية مقبولة على نطاق شامل للتأكد من ملاءة الجهة المصدرة للسند يمكن أن تضيف عنصراً من التعقيد القانوني لتعاملات الصكوك، بالنظر إلى أن الأحكام الشرعية ينظر إليها بصورة عامة على أنها مسألة اختصاص وإجماع أكثر من كونها حقيقة موضوعية مجردة بحسب وكالة التصنيف الدولية.
وبالنظر إلى أهمية الإلزام ومحاكم الاختصاص فيما يخص عدداً من المستندات القانونية ذات العلاقة والتي تشكل أرضية تعاملات الصكوك، فإن "موديز" تطلب في العادة الرأي القانوني بخصوص الطبيعة القانونية للعقود التي تقوم عليها تعاملات الصكوك ومدى سلامتها والقدرة على إلزام الأطراف المتعاقدة بالوفاء بها. وإن موديز تركز بصورة قوية على القانون ساري المفعول الخاص بهذه التعاملات، وأكثرها شيوعاً من القوانين المعترف بها هناك القانون الإنجليزي أو قانون نيويورك، نظراً لأنهما يميلان بصورة عامة مع المستثمرين، وتتوقع "موديز" من الآراء القانونية أن تتناول موضوع الإلزام فيما يتعلق بهذه العقود في ظل القانون المحلي.

الأكثر قراءة