الشيخ البكر: الإفتاء في الأنظمة والمعاملات المستحدثة له ضوابط شرعية

أكد الشيخ الدكتور عبد المحسن البكر المستشار في وزارة الشؤون الإسلامية، أن الأنظمة والمعاملات المستحدثة التي لم يتعرض لها علماؤنا الأوائل ـ رحمهم الله، على من يتعرض للفتيا في هذه المسائل الجديدة مراعاة الضوابط الشرعية. وقال إن من أهم هذه الضوابط أن يكون تكييفها تكييفا صحيحا وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة في الشؤون المالية والاقتصادية لفهم واقع المسألة محل الفتوى. وأضاف أنه إن أمكن ردها إلى نص الكتاب والسنة فلا محيص أن تكون فتياه مطابقة للكتاب والسنة، وإلا كان متبعا للهوى متقولا على الله ورسوله مستحقا لغضب الله وأليم عقابه والعياذ بالله.
وقال إن كان بعد التكييف الصحيح للنازلة الجديدة يمكن أن يردها إلى مسألة تنازع فيها علماؤنا الأقدمون، وكانت أدلتهم فيها متقاربة، فمهمة المفتي في هذا العصر ـ حسبما أظن ـ أن يفتي بالرأي الذي يغلب على ظنه أنه أوفق للمصلحة وأيسر على الناس، إذ ليس العلم الذي يحرم على الناس، فكل إنسان يستطيع ذلك وإنما العالم الذي يحلل للناس على نور من كتاب الله ورسوله، كما يقول سفيان رحمه الله وذلك أخذا بقوله ـ صلى الله عليه وسلم، (يسروا ولا تعسروا). أما إذا تبين للمفتي بعد التكييف الصحيح أن هذه المسألة لم يتعرض لها الأقدمون لا من قريب ولا من بعيد فليحكم في ذلك قواعد الشريعة العامة مغلبا المصلحة الشرعية مراعيا قدر الإمكان قاعدة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
وأوضح أنه مما ينبغي أن يكون محلا للاعتبار أن الأحكام المبنية على الأعراف والعادات تتغير بتغير الأعراف والعادات، وهذا معنى قول الفقهاء في كثير مما اختلف فيه علماؤنا الأولون: (ليس هذا اختلاف حجة وبرهان وإنما هو اختلاف عصر وأوان).
وأكد أنه يميل إلى أن تكون الفتوى الاقتصادية فتوى جماعية، وذلك بقصد توحيد جهة الفتوى ومنع تضاربها، لأننا رأينا نوعا من التضارب في آراء الناس وأحكامهم، بل رأينا جرأة غريبة من قبل بعض الشركات وذلك من خلال طرح نمط جديد من المعاملات في الأسواق قبل أن يصدر في حكمه فتوى كما حصل تماما لقضية (البيع المنتهي بالتمليك) فهل فقه البيوع والمعاملات غط في نوم عميق؟!
وختاما كم أتمنى أن يكون لدى المسلمين مجلس اقتصادي خاص، يعنى بالفتاوى الاقتصادية وسبل تطوير اقتصاد المسلمين وبناء النظريات الاقتصادية وتقديم الأطروحات والبدائل الشرعية للمعاملات البنكية الربوية، التي بها كثير من البنوك المعاصرة وتشجيع البنوك الإسلامية وغير ذلك مما له علاقة بالأمر.