هل استوعبنا الدرس؟؟
في شهر أيار (مايو) الماضي، نجحت شركة الصناعات الكيميائية الأساسية (بي سي اي) في طرح 6.6 مليون سهم تمثل 30 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام بسعر 30 ريالا للسهم الواحد (شاملا علاوة الإصدار)، حيث شهد الطرح إقبالا منقطع النظير تجاوز فيه عدد المكتتبين الأفراد 3.8 مليون مكتتب نجحوا في تغطية الطرح بأكثر من تسع مرات.
نتيجة لهذا الإقبال القوي، بلغ معدل التخصيص للمكتتب الفرد سهما واحدا فقط في حين كان المعدل اقل من سهم واحد للمكتتب الواحد في الأسر كبيرة العدد، وهنا يبرز التساؤل: كيف للمكتتب الفرد أن يبيع سهم واحد أو سهمين أو ثلاثة أو أكثر، في حين تبلغ عمولة التداول قيمة 12 ريالا لأي صفقة تقل قيمتها عن عشرة آلاف ريال؟ بل ماذا سيحدث لسعر السهم في أول أيام إدراجه في السوق؟
لفهم هذه الحالة، يجب ان نضع في الحسبان أن المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية التي شاركت في عملية بناء سجل الأوامر كانت قد قيّمت القيمة العادلة للسهم (من وجهة نظرها) عند مستوى 30 ريالا، وبالتالي فإن المكتتب الفرد الذي يملك سهماً واحداً لن يقدم على بيع السهم بأقل من 42 ريالا وإلا فإنه سيخرج خاسراً من هذه العملية. هذا يعني أنه كان أمام المكتتبين إما البيع بأسعار عالية جداً لتعويض قيمة عمولة التداول المرتفعة وإما شراء أسهم جديدة بما يعادل عشرة آلاف ريال ليتمكنوا من بيع أسهمهم التي خرجوا بها من عملية الاكتتاب!!
كانت النتيجة أن القرار الاستثماري أصبح لا يعتمد إطلاقا على أساسيات التقييم مما أدى إلى تضخم سعر الافتتاح في أول أيام تداول السهم ليصل إلى مستوى 120 ريالا، وهو ما يعادل خمسة أضعاف قيمته العادلة (بحسب وجهة نظر المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية) وما يعادل مكرر ربحية 54 مضاعفا. المهم في الموضوع أنه من اليوم الأول دخل السهم في مسار هابط تضرر منه كثير من المستثمرين، ولا ندري حقيقة هل سيتمكن من العودة مجددا إلى مستوى 120 ريالا أم لا؟
لا شك أن قلة عدد الأسهم المطروحة وآلية التخصيص وجدول عمولات التداول ساهمت بشكل مباشر في اختلال التوازن بين العرض والطلب مما أدى إلى التضخم السعري لسعر سهم الشركة حيث كان ضحية هذا الاختلال هم المستثمرون ولا أحد غيرهم، وهذا بدوره يثير التساؤل: هل استوعبنا الدرس حول ضرورة تركز الاكتتابات العامة على الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم فقط؟ وهل عرفنا لماذا تتضخم أسعار أسهم الشركات صغيرة الحجم؟ والاهم من يدفع ثمن كل ذلك؟