اجتماع جدة: ماذا عن الأجيال المقبلة!!

[email protected]

النفط في الغرب يطلق عليه اسم الزيت أو "OIL " وكلنا نعي بأن الزيت الحار لا يتقبل المزاح ويتناثر أو "يطامر" بشكل عشوائي حين تسقط عليه أي مادة أخرى حتى ولو كانت حبيبات من الرذاذ. فما بالكم بمادة معقدة مشبعة بالدسم مثل السياسة؟
إذا نحن نتطلع لأن يخلع الساسة قبعاتهم السياسية ذات الخطوط المتقاطعة والمتشابكة واستبدالها بقبعات المنقذين الذين تهمهم مصالح كل دولة وكل إنسان في المجتمع الدولي على حد سواء. لعل وزيرنا المحبوب المهندس علي النعيمي يوزع غتراً ناصعة البياض خاصة على جهابذة السياسة الدولية.
وهناك الكثير من الأمثلة على أن مغامرات السياسيين العسكرية عادة ما تؤدي إلى توتر أسواق النفط وتفتح شهية المضاربين، بل تؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا، بعد هطول أطنان المتفجرات والصواريخ بالقرب من مخازن الزيت! وعلى الرغم من ذلك هناك تحامل واضح على الدول المنتجة وتقود بعض الجهات الدولية حملة تشويه صورة ضد "الأوبك" وخاصة الدول العربية المنتجة للنفط. وبما أن الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تحولت إلى أبواق تنحاز لجعجعة الدول الصناعية الكبرى، وتعمل على خدمة مصالح أصحاب النفوذ، أصبح من غير المجدي الاعتماد على دراساتهم وتوصياتهم في شتى الميادين.
والتكتيك أو الطبخة واضحة، الدول الصناعية الكبرى تستخدم نفوذها وقدراتها الدبلوماسية والإعلامية لجعل كل العالم وخاصة الدول الفقيرة توجه الملامة للدول المنتجة للنفط بسبب ارتفاع الأسعار. ويتهموننا على الرغم من قيامهم بقيادة الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات لرفع أسعار الوقود وزيادة الضرائب على مشتقات النفط معللين ذلك برغبتهم الحد من الاستهلاك. ومنذ ثلاث سنوات وحين كان سعر النفط ثلث السعر الحالي، انطلقت في الغرب حملة لإقناع العالم من الصين إلى كندا للقيام برفع نسب الضرائب على الوقود واتخاذ إجراءات للحد من الاستهلاك، وها نحن نسمع بالأمس أن الصين فعلت ذلك ورفعت أسعار الوقود على المستهلك. إضافة إلى تلك الإجراءات، فإنهم يعملون ليل نهار، من اليابان وأمريكا مروراً بألمانيا، على تطوير قدراتهم لإيجاد بدائل للطاقة والاستغناء عن النفط وخاصة النفط الشرق أوسطي ( العربي) كما يسمونه.

والغريب أن المؤسسات الدولية بقيادة الأمم المتحدة تحاول إقناعنا بأن منتجي النفط وخاصة "أوبك" يتحملون مسؤولية ارتفاع أسعار الغذاء ونقص المواد الغذائية!!، ووصل الأمر إلى اتهام الدول المنتجة للنفط وجعلها مسؤولة عن الاحتباس الحراري والتصحر ويطالبون بفرض ضرائب على النفط، فمن يتحمل مسؤولية الانبعاثات التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري؟ هل هو بئر نفط خام راكد أم المصانع التي تتفجر منها الأدخنة الكثيفة، إضافة إلى حركة الدبابات والقاذفات التي تسقط ذخائر اليورانيوم المنضب!! وكل ما تقوله الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها كالعادة غير منصف وتحركة استراتيجيات ومصالح الساسة الغربيين. وهم قليلا ما يتحدثون عن نقص المواد المكررة علما بأنها هي السبب الحقيقي وراء ارتفاع أسعار النفط، فهناك فائض يومي في المعروض يزيد على نصف مليون برميل، بل إن "أوبك" وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تتعامل بدرجة عالية من المسؤولية فيما يخص الإمدادات والحرص على استقرار الأسواق. إلا أن بنوكهم وصناديقها الاستثمارية الضخمة إضافة إلى شركات الطاقة العملاقة أصبحت جميعها تحقق أرباحاً طائلة من المضاربات بعقود ومؤشرات السلع والخدمات، بما فيها النفط وسلع أساسية أخرى كالمواد الغذائية. مما يجعلني أتمنى ألا ننصاع خلف التوصيات التي تطالبنا بصرف عوائد نفطنا على بناء هياكل حديدية لمصافي تكرير أو استثمار أموال ومدخرات أجيال المستقبل على زيادة القدرات الإنتاجية، فالجانب الآخر يرغب بتحميلنا كل شيء وأن نقوم بحل مشكلات العالم على المدى القصير وبالنهاية هم يعملون على تطوير واختراع البدائل. والمطلوب أن نتشارك معهم في بناء مصافي التكرير أي "FIFTY / FIFTY" يا خواجا.
لذلك يجب أن تتحمل دول العالم كافة مسؤولياتها بالتساوي والكف عن التكتيك وطبخ الخطط السياسية والاستراتيجيات للسيطرة على مستقبل البشرية وعلى كل الأصعدة، سياسيا واقتصاديا وبيئيا واجتماعيا وطبيا وزراعيا وصولا إلى مياه الشرب. وبما أن المجتمع الدولي في الوقت الحالي يواجه تحديات بالغة الخطورة من أهمها الفقر وغلاء المواد الغذائية إضافة إلى تقلبات بيئية ناجمة عن تحولات مناخية قد يكون البشر هم من تسبب فيها. لنصبح شركاء صادقين مع بعضنا بعضا ونتعاون بكل شفافية لمواجه التحديات معا ودون أنانية. وبالنسبة لنا كخليجيين ما الخطط التي أعددناها لمساعدة أجيالنا المقبلة لكي تستطيع العيش بكرامة وتكون قادرة على مواجه التحديات المستقبلية والمنافسة بكل اقتدار مع الآخرين في المجتمع الدولي؟
وفي الختام أقول كمواطن سعودي أهلا وسهلا بكل الوفود المشاركة في منتدى جدة للطاقة وعلى أرض أثبتت قيادتها منذ عهد المؤسس - طيب الله ثراه - أنها تتعامل بدرجه عالية من المسؤولية مع قضايا الأمم، وبخلق إسلامي منصف وعادل تعمل المملكة ليل نهار لاستقرار أسواق الطاقة وطمأنة المجتمع الدولي حول انسياب الإمدادات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي