التجارة العالمية وحماية المنتجات الوطنية .. وجهة نظر جديدة
يتناول الكتاب موضوعا كثر الحديث حوله في الفترة الأخيرة ألا وهو موضوع العولمة. لكن الخبير الاقتصادي المعروف ها جوون تشانج لديه الجديد ليضيفه في هذا الموضوع. فنظريا تريد كل الدول الغنية في العالم وكذلك المؤسسات العالمية الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية أن ترى كل الدول تتقدم وتتطور متحولة إلى مجتمعات صناعية حديثة، ولكن من الناحية العملية نجد الدول الغنية تقطع على الدول الأخرى طريق الثراء الذي تمكنت هي نفسها من عبوره إلى تحقيق الرخاء. والسبب الأساسي في هذا يرجع بالطبع إلى المصالح الذاتية.
وهناك سبب آخر كما يصفه مؤلف الكتاب، هو أن الحكومات والمؤسسات الغنية تتحول إلى أشرار، ويعني هذا أن نواياها قد تكون جديرة بالتقدير، ولكن أيديولوجية السوق الحرة المبسطة التي تدعو إليها، إضافة إلى الفهم الخاطئ للتاريخ يترتب عليها أنها تطبق سياسات وخطط مليئة بالأخطاء على الدول الأخرى.
يتناول الكتاب موضوع التجارة العالمية وحماية المنتجات الوطنية برؤية جديدة غير تقليدية. تقوم هذه الرؤية على حقيقة أن كل الدول التي نجحت اقتصاديا في الـ 200 عام الأخيرة (من بريطانيا في القرن الثامن عشر إلى الولايات المتحدة وألمانيا في القرن التاسع عشر إلى أوروبا وشرق آسيا في أواخر القرن العشرين) حققت ما وصلت إليه من نجاح وإنجازات اقتصادية بتطبيق سياسات مخالفة لسياسة تحرير الأسواق، فمعظم هذه الدول كانت تتبع سياسة حماية المنتجات الوطنية أو تجد لنفسها سبيلا آخر غير تحرير الأسواق مثل سنغافورة التي لديها قطاع شركات مملوكة للدولة تسهم بنحو 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وهكذا يؤكد الكتاب أن سياسة حماية المنتجات الوطنية عادة ما تكون ضرورية للتنمية الاقتصادية ولكنها ليست كافية وحدها.
سياسة حماية المنتجات الوطنية التي يدافع عنها الكتاب ليس الغرض منها إغلاق الاقتصاد بقدر ما هو ترك مساحة للشركات المحلية في الدول النامية لتكتسب قدرات إنتاجية أعلى تحتاج إليها من أجل الاندماج في الاقتصاد العالمي على المدى البعيد.
وهذا السياسة ليست معادية للتجارة ولا معادية للعولمة على المدى البعيد، ولكنها مؤيدة لكليهما أكثر من التجارة الحرة، لأنها تعد أفضل الطرق لتشجيع النمو والتجارة العالمية. يوضح تشانج رأيه هذا بمقارنة طريق النجاح الذي اتبعته الدول النشطة اقتصاديا بالطريق المختلف تماما الذي يفرض على الدول الفقيرة في العالم.
كما يستعرض الكتاب ما قد يكون للثقافات القومية والأيديولوجيات السياسية من تأثير سلبي ينتج عنه وضع سياسات غير سليمة.