رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أسئلة حائرة بين الدول المصدرة والمستهلكة للبترول

[email protected]

يعيش العالم حالة من الذهول المصحوب بالترقب الحذر لما قد تؤول إليه أسعار النفط, ولعل تصريح نائب رئيس الوزراء ووزير المواصلات الإسرائيلي شاؤول موفاز عن نية بلاده توجيه ضربة إلى إيران قد زاد مصائب قوم وزاد العوائد المالية للدول المنتجة بطريقة تاريخية لم يسبق لها مثيل, فقفز سعر برميل النفط 11 دولارا في يوم واحد ليصل إلى 139 دولارا تاركا فريضيا ملايين الدولارات يوميا أرباحا غير متوقعة في ميزانيات الدول المصدرة تاركا الدول المستهلكة في ارتفاع تكاليف غير مجدول بشكل يضغط على ميزانيات الجميع. لماذا ارتفعت الأسعار بهذا الشكل, في هذا الوقت, وبسبب هذا التصريح؟
ولتستمر فصول المضاربة والاستثمار البترولي العالمي, قامت كبريات الشركات المالية ذات اليد الطولى في البترول والطاقة برفع توقعاتها المستقبلية لأسعار البترول, فقد توقعت شركة جولدمان ساكس أن يبلغ سعر البرميل 150 دولارا بحول شهر تموز (يوليو) المقبل, وكانت "جولدمان ساكس" نفسها أول من توقعت وصول البترول إلى سعر الخانات الثلاث قبل نحو سنتين, ويبدو أن توقعها أصاب حظا بشكل يجعل المراقبين يحسبون لتوقعات الشركة حسابا هذه المرة. ولتزيد الإثارة فقد رأى محللون في "جولدمان ساكس" أن البترول قد يتخطى حاجز 200 دولار خلال العامين المقبلين, وعزا المحللون هذا التوقع بناء على توقعات الطلب العالمي خلال العامين المقبلين, وكذلك على صعوبة الإنتاج في بعض الدول المصدرة. ويبدو أن المنافسة في توقعات الأسعار جعلت "مورجان ستانلي" تحدد التاريخ لوصول البترول إلى 150 دولارا في 4 تموز (يوليو). لماذ السباق في التوقعات؟ وهل الأسباب المذكورة منطقية أو حقيقية؟
هذا الحديث يمثل جزءا من القصة المتداولة فيما يخص سلعة حيوية يحكمها العرض والطلب وتلعب المضاربات البترولية فيها جزءا مهما من فصولها, وإن كانت أبعادها تمتد إلى التأثير في مستويات النمو الاقتصادي العالمي وكذلك في مؤشرات التضخم العالمية, والقائمة تطول بأبعاد هذا الارتفاع التاريخي، وعندها خرجت أم المبادرات البترولية عند دعوة خادم الحرمين لاجتماع لأصحاب المصالح في الصناعة البترولية العالمية من مصدرين ومستهلكين وشركات بترولية واستثمارية. وهنا نقول إنه قد يكون اجتماع جدة هو المكان والزمان المناسب لرؤية واضحة لما يمكن أن يحدث للبترول خلال الأيام المقبلة ونحن نعلم جميعا أن إعلان المملكة احتضان هذا الاجتماع أثر فعلا في الأسعار هبوطا مؤقتا لحين اتضاح الرؤية لما ينتج عن هذا الاجتماع التاريخي, الذي بلا شك ستكون أنظار العالم شاخصة في انتظار ما سيسفر عنه هذا التجمع الاستثنائي. ماذا لو أثبت الاجتماع أن الأسعار الحالية حقيقية؟ أو أن هناك مضاربات خلف الارتفاع؟ ومن المستفيد؟ ما مستقبل الأسعار؟
وعند النظر إلى الاحتمالات التي ساقها المحللون عن أسباب الارتفاع فإن الأمل للدول المستهلكة أن تعود الأسعار إلى ما دون الـ 100 دولار يبدو مستحيلا في ظل تطورات النمو الاقتصادي العالمي, ولعل قائمة الاستهلاك اليومي للدول المستهلكة توضح بجلاء أن هناك احتياجا كبيرا إلى المزيد من البترول على مستوى دول النمو الاقتصادي كالصين والهند, إضافة إلى زيادة الاستهلاك داخل الدول المنتجة نتيجة نموها الاقتصادي المصاحب لزيادة مداخيلها من ارتفاع أسعار النفط, مع استمرار نمو الطلب للدول الصناعية الرئيسة. ولذلك فإن الأنظار إلى يوم 22 حزيران (يونيو) في جدة ستكون بشوق كبير لتأكيد التوقعات وكذلك لتأكيد الأسباب الرئيسة للارتفاع, التي كما يراها البعض واضحة وتحتاج إلى إجماع دولي بمستوى قمة جدة. وخلاصة تلك القمة أن المملكة ما زالت تملك زمام السبق في طرح القضايا العالمية بطريقة تؤكد موقعها السياسي والاقتصادي في عصر الانفتاح والنمو.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي