300 خبير مصرفي يشخصون العقبات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة
أكد خبراء مصرفيون أمس في الرياض أن أهم التحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة يتمثل في صعوبة توفير ضمانات كافية للممولين، عدم توافر البيانات المالية والإحصائية، الافتقار للخبرة وندرة العمالة المدربة، ضعف الهيكل الإداري والتنظيمي، عدم القدرة على التخطيط والتنبؤ بشكل جيد، والاعتماد بشكل أساسي على الائتمان التجاري (الموردين) في توفير البضائع والسلع.
وافتتح أمس حمد السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ندوة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي نظمها المعهد المصرفي، حيث شارك فيها نحو 300 مسؤول في القطاع المصرفي والمالي في السعودية، بمشاركة مجموعة من الخبراء في مؤسسه التمويل الدولية وبعض البنوك العالمية والمحلية.
وأوضح حمد السياري في كلمته أمام الندوة، أن معدل التضخم في المملكة التي تربط عملتها بالدولار الأمريكي سجل أعلى مستوى منذ 12 عاما في العام الماضي. وأشار إلى أن المملكة ستعدل سعر إعادة الشراء الذي تستخدمه في تتبع قرارات السياسة النقدية التي يتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بناء على الظروف الاقتصادية. مضيفا بالقول: لقد شهد الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأخيرة تطورات إيجابية بسبب عوامل كثيرة، منها استمرار المبادرات الهيكلية والتنظيمية التي تم اتخاذها كان آخرها إعادة هيكلة النظام القضائي، مشيرا إلى أن تلك التطورات ساهمت بدور فاعل في النشاط الاقتصادي لمختلف القطاعات بما فيها القطاع المالي وأوجد مناخا مناسبا لنمو مستدام ولذلك حقق الاقتصاد السعودي معدلات نمو جيدة في السنوات الخمس الماضية.
وذكر السياري أن الحكومة السعودية وضعت هدفا لها بأن تكون السعودية في مصاف الاقتصادات العشرة الأولى الأكثر جاذبية للاستثمار في عام 2010 ولذلك فإن فتح قطاعات اقتصادية إضافية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر ينسجم والإصلاحات الاقتصادية المستمرة بهدف تطوير البيئة الاستثمارية في السعودية.
وأشار إلى أن مؤسسة التصنيف العالمية ستاندر آند بروز رفعت درجة التصنيف الائتماني السيادي للسعودية إلى AA-، في حين تم رفع تصنيف السعودية في مؤشر البنك الدولي لتيسير ممارسة أنشطة الأعمال من المرتبة 38 إلى 23 في عام 2007.
وعاد السياري للتأكيد بأن الاقتصاد الوطني حقق نموا متميزا للعام الخامس على التوالي حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للقطاع الخاص غير النفطي بنسبة 7.6 في المائة، إضافة إلى تحسن الوضع المالي للحكومة بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مبينا أنه منذ عام 2003 مكنت فوائض الميزانية الحكومة من تخفيض الدين العام بشكل ملحوظ وزيادة إنفاقها على البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية.
وقال السياري إن المبادرات السابقة المصحوبة بفوائض الميزانية الأخيرة مكنت الحكومة من إطلاق عدد من المشاريع التنموية المهمة التي صممت لتطوير البنى التحتية المادية والاجتماعية للبلاد، مفيدا تولي الحكومة اهتماما خاصا بالتعليم والتدريب وتنويع الاقتصاد وإيجاد فرص عمل وتعزيز إمكانات النمو، بينما يبرز تشجيع القطاع الخاص ومشاركته الفعالة في جميع نواحي الاقتصاد، خاصة في قطاعات التصنيع والتشييد والخدمات أحد الجوانب الرئيسية للإصلاح الاقتصادي.
وأفاد أن تأسيس ودعم المنشآت الكبيرة فقط لا يمثل أفضل وأنسب الحلول لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، لذا فإن تشجيع تطلعات الأفراد لأخذ المبادرات وتعزيز دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة ودمج إنتاجها من السلع والخدمات في النشاطات الإنتاجية والخدمية للمنشآت الكبيرة سيكون ضروريا أيضا لتعزيز العملية التنموية.
وشدد على أهمية الاهتمام لتعزيز قدرة مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة لتمكينها من التغلب على الصعوبات وتزويدها بالتسهيلات والدعم والحوافز الحيوية التي ستعود على الاقتصاد بأعظم الفائدة، موضحا
أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعتبر الركن المحوري لعملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وذلك لأثرها الاقتصادي الكبير في مستوى كل القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد، حيث إنها تمارس دورا في توسيع القاعدة الاقتصادية وتحقيق التكامل الاقتصادي بين كل القطاعات، إضافة إلى أنها تساهم في خلق فرص جديدة للتوظيف وتحسين أداء مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل معدل الاستثمار وحشد المدخرات المحلية وتحقيق قيم مضافة أعلى.
وقال إن تلك المنشآت تمارس دورا مهما في النشاط الاقتصادي، حيث تشكل نسبة تراوح بين 60 و90 في المائة من إجمالي عدد المنشآت في معظم دول العالم مما يوضح الأهمية الكبرى لدورها في النمو الاقتصادي والتوظيف، وعلى الرغم من الدور المهم الذي يمارسه هذا القطاع الحيوي إلا أنه يواجه العديد من الصعوبات في الحصول على التمويل اللازم حيث يعتمد بصفة أساسية على المدخرات الفردية أو العائلية في تلبية كل متطلباته وعملياته التشغيلية.
وأشار محافظ مؤسسة النقد إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يواجه مشاكل عديدة، من أهمها صعوبة توفير ضمانات كافية للممولين، عدم توافر البيانات المالية والإحصائية، وجميع تلك العوامل تقود إلى تعثر تلك المنشآت الأمر الذي يجعلها تواجه عوائق حقيقية للحصول على تمويل ملائم نظرا لانخفاض ملاءتها الائتمانية وارتفاع تكلفة تحليل الملاءة مقارنة بالعائد المتوقع، معتقدا أنه في ظل المعلومة والانفتاح التجاري العالمي ستواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة العديد من التحديات في مواجهة المنافسة الحادة في المنشآت الكبيرة، مفيدا أنه تم في عام 2006 إصدار مرسوم ملكي بالموافقة على النظام الأساسي للبنك السعودي للتسليف والادخار يهدف إلى تقديم قروض بلا فوائد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وللحرفيين والمهنيين السعوديين لتشجيعهم على إدارة أعمالهم ومهنهم الخاصة.
وذكر أنه بلغ إجمالي القروض التي قدمها البنك السعودي للتسليف والادخار للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة 30.6 مليون دولار خلال عام 2006، كما أنشأت وزارة المالية عام 2004 برنامج تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "كفالة" الهادف لخلق بيئة مواتية لتأسيس وتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السعودية، وتشجيع المصارف على تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الواعدة غير القادرة على توفير الضمانات المطلوبة، وتغطية نسبة من مخاطر المصارف إذا تعذر على المؤسسة المكفولة سداد القرض.
ورجح السياري أن يوفر البرنامج ألف ضمان في نهاية عامه الثالث بمبلغ 200 مليون ريال مقابل تمويل مصرفي يصل إلى 400 مليون ريال، موضحا أن الوزارات والهيئات الحكومية تدعم تلك المنشآت بطريقة أو أخرى بهدف تسهيل الإجراءات واللوائح المنظمة لهذه الفئة، في حين على مستوى القطاع الخاص هناك جهود بذلت لدعم المنشآت من قبل بعض مؤسسات القطاع الخاص. وأشار السياري إلى أن اقتصاد السعودية يمر حاليا بمرحلة نمو متسارع في كل قطاعات الاقتصاد بوتيرة غير مسبوقة في الماضي حيث يتميز بقوة حركة الاستثمار الخاص مما يساعد على زيادة الطاقة الإنتاجية وخلق نمو مستدام.
وهدفت الندوة التي نظمتها مؤسسة النقد بالتعاون مع "التمويل الدولية" إلى التعرف على أفضل أساليب تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة المتبعة عالميا، وعرض المعايير العالمية في تقييم الجدارة الائتمانية في التقييم الائتماني.