رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاقتصاد الجديد والقديم: من يدعم الآخر؟!

[email protected]

يمكن القول إن مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ تمثل نموذجاً للاقتصاد الجديد. ويطلق هذا الاسم أيضاً على المدن الاقتصادية الأخرى (جازان، حائل، المدينة، تبوك.. وغيرها). ونسميها الاقتصاد الجديد لأنها تنشأ في ظروف اقتصادية مواتية للغاية. فالاقتصاد العالمي يندمج مع بعضه بشكل لم يشهده اقتصاد العالم في تاريخه، مع تسارع دول العالم في الاستفادة من منظومة التجارة العالمية الجديدة. ناهيك عن أن دول الخليج، بما فيها المملكة مرت بإصلاحات اقتصادية قوية ومتسارعة، رغبة منها في اللحاق باقتصادات الدول الناشئة، ومن ثم المتقدمة. ويبدو أن تجربة دبي في تحقيق الحلم بالتخطيط السليم المدعوم بأنظمة وإجراءات بسيطة وشفافة، مع دعم حكومي من رأس الهرم، قد شجعت كثيراً من دول الخليج لتبني استراتيجيات اقتصادية جديدة توائم المرحلة، حيث عملت على تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وفتحت قطاعات اقتصادية كانت محرمة، وسلمت القطاع الخاص زمام المبادرة. وهو ما نلمسه في المدن الاقتصادية الجديدة التي يقود الاستثمارات فيها القطاع الخاص وحده. فمدينة الملك عبد الله الاقتصادية ستشهد استثمارات تقدر بنحو 130 مليار ريال، تأتي كل تلك الاستثمارات من القطاع الخاص. فشركة إعمار الاقتصادية اهتمت بتهيئة البنية التحتية، ولعبت دور المدير المنسق والداعم للمشاريع، ساندتها في ذلك هيئة الاستثمار العامة التي وجدت عوناً ملحوظاً من وزارات الدولة المختلفة لتهيئة البنية التحتية والبيئة الاستثمارية، حيث إن مثل تلك المدينة قد تشهد استثناءات من بعض الأنظمة والإجراءات البيروقراطية، مما يسرع من عملية التنفيذ، ويلبي مطالب المستثمرين الأجنبي والمحلي ليصبح الحلم حقيقة. هذا إذاً هو الاقتصاد الجديد الذي يجد دعماً لا محدود من المصلح الاقتصادي الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، ودعماً حكومياً لا محدود من قطاعات الدولة الأخرى.
على عكس ذلك، نجد الاقتصاد القديم، وهو ما يمكن إطلاقه على بيئة الاقتصاد والأعمال الأخرى خارج المدن الاقتصادية، فقد بقيت سجينة الأنظمة والإجراءات القديمة، حتى وإن تم استحداث بعضها، حيث بقي منفذ الأنظمة حبيس البيروقراطية القاتلة. إن الاهتمام بالاقتصاد الجديد يجب ألا يغفلنا عن الاهتمام بالاقتصاد القديم فهو بحاجة إلى دعم مباشر من قيادات ومحافظي المناطق بعد أن مهد الملك عبد الله لذلك بحثه على تبني استراتيجيات واضحة وعملية، وتنفيذ كل ما من شأنه خدمة المواطن. فالاقتصاد القديم بحاجة إلى استثناءات مع تبسيط وتسهيل للإجراءات حتى يمكنه الانطلاق من أغلال الماضي. إن نجاح بيئة الاستثمار يعتمد على تعاون كل الوزارات المعنية بتسريع الإجراءات وتبسيطها حتى يمكن للقطاع الخاص أن ينفذ برامجه بأرخص التكاليف وأسرع الطرق.
إن البعض يرى أن وجود مدن اقتصادية جديدة هو هروب من الاقتصاد القديم، وتركه في حالة المتخبط وغير المنظم. وبديلاً لذلك أنشئت المدن الاقتصادية الجديدة بأنظمة وإجراءات ميسرة، مع دعم لا محدود من الحكومة بشتى أطيافها. وهو الأمر الذي قد يعني بقاء الاقتصاد القديم دون تطوير أو اهتمام يذكر. وإن كانت هذه الرؤية صائبة فإن انعكاسات مثل تلك المدن الاقتصادية على الاقتصاد القديم قد تؤدي إلى التباطؤ في الخروج من البيروقراطية القديمة.
إن ما نأمله هو أن نجاح المدن الاقتصادية مدعاة لتحسن بيئة الاقتصاد القديم. فما نشهده الآن من بداية متسارعة لتنفيذ الحلم في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية حيث إن الخطوات حثيثة لرؤيتها واقعاً ملموساً، فقد بدأ بيع بعض المشاريع السكنية والترفيهية، وأبدت كثير من الشركات العالمية رغبتها القوية في الاستثمار في هذه المدينة رغم ارتفاع حجم الاستثمارات التي قد تتجاوز 130 مليار ريال، وهي تمثل أكثر من 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة الذي يعد هو الآخر أكبر اقتصادات المنطقة. إن استثمارات بهذا الحجم تستحق أن تقدم لها كل التسهيلات الممكنة. والقول نفسه ينطبق على الاستثمارات في الاقتصاد القديم التي قد تتجاوز تريليوني ريال سعودي. ما يجعلنا ندعو إلى أن يجد الاقتصاد القديم الهمة والعزم والمساندة نفسها من كل قطاعات الحكومة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي