رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المرشد في الإسعافات الأولية للمتعاملين مع الأسهم السعودية!

على غرار المشروع الوطني للتثقيف والتوعية الإسعافية لشرح كيفية التعامل مع الحالات الطبية الطارئة، فأنا كذلك في حاجة ماسة إلى مشروع مشابه فيما يخص التعاطي مع الشأن الاقتصادي بكافة أشكاله، وبالذات في الجانب الاستثماري للأفراد والأسر في سوق الأوراق المالية عموما والأسهم خصوصا مع تزايد التطور يوماً بعد آخر دون أن يصاحبه رفع مستوى الوعي في المقابل، حيث القلة تستفيد وتتعاظم ثرواتها على حساب الكثرة هي الممول لهذه الثروات من خلال الاستمرار في سحب سيولتها عبر آليات طرح بحاجة إلى إعادة نظر!
تجاربنا السابقة البعيدة والقريبة، تؤكد أننا نتعامل مع الأمور رسمياً وشعبياً بمفهوم الفعل ورد الفعل وليس بمفهوم التخطيط، رغم أن ما على الأوراق جميل جداً! وقد يفسر ذلك غضب وزير التخطيط والاقتصاد خلال الحوار الوطني الأخير في القصيم عندما أكد أننا جميعاً نناقش شيئاً لم نقرأه! أنا شخصيا لا أريد أن أقرأ حرفاً واحداً، ولكن أحب أن أشاهد على أرض الواقع نتائج ممَن أعُطوا المسؤولية لتنفيذه!. فكل مشروع إصلاح كانت له نتائج سلبية كبيرة التأثير رغم سلامة التوجه! هل ترغبون بأمثلة: المساهمات العقارية، حيث لم يتحرك أحد إلا بعد خراب مالطة كما يقال. سوق الأسهم السعودية: كانت السوق تشكل فقاعة واضحة، ورغم ذلك لم تؤسس هيئة سوق المال إلا في منتصف الفقاعة، وطبعا الجميع يعلم ما حدث بعد ذلك، فقد أصبحت الهيئة في وجه المدفع. أزمة المساكن والتي هي لا تزال تتفاقم ولا يزال المسؤولون والقطاع الخاص في "حيص بيص" في كيفية التعاطي معها وكأن لم يسكن في منازل إلا نحن! ونصر على الاستمرار على نهج سابق لم يعد قابلا للتطبيق في هذا العصر، رغم أن تكلفة الإيجارات تتجاوز أكثر من 50 في المائة من مكونات أزمة الغلاء التي نعيشها! إعادة ارتكاب الأخطاء نفسها فيما يخص المستثمرين أنفسهم في كل نواحي الاستثمار، وبالذات في سوق الأسهم وكأن لسان حالهم يقول على المؤمن أن يلدغ من جحره أكثر من مرتين حتى يتعلم!
نحن نعيش في فترة حرجة على الجميع ولا بد من مرشد للتعامل معها على كافة الأصعدة الرسمية والفردية والمؤسساتية. مدخرات الأفراد عملياً ذهبت بسبب أخطاء أصحابها بالدرجة الأولى والطمع الذي أوصل أصحابه إلى ما نحن عليه، وكذلك بسبب غياب "تطبيق" التشريعات على أرض الواقع. كذلك التآكل المستمر في القوة الشرائية بسبب التضخم الذي وصل إلى أكثر من 10 في المائة. وبغض النظر عن مسببات ما حدث في سوق الأسهم وغيره؟ علينا التعامل مع النتائج على أرض الواقع بكل شفافية. لدينا حالات عجز حقيقية على المستوى التنفيذي لعملية الإصلاح، وكأن هناك جدارا يصطدم بكل مشروع منذ اليوم الأول لإطلاقه! لدينا تراجع واضح في الطبقة الوسطى وهي الطبقة الأكثر استهلاكا وهي المحرك لأي اقتصاد رأسمالي كما نعرف. على الأقل لنأخذها من منطق "لا يموت الذيب ولا تفي الغنم"، وهذا الكلام موجه للذئاب الواعية الداخلية، أما الخارجية فهي تنتظر ساعة الصفر المناسبة للانقضاض! لدينا نقص واضح في الهيكلية الاقتصادية اللازمة لإدارة الاقتصاد، ويكفي هنا الإشارة إلى خطاب معالي وزير المالية ومعالي محافظ مؤسسة النقد خلال مؤتمر يوروموني الأخير حول أن السياسات المالية والنقدية لا تستطيع معالجة المشكلات الاقتصادية دون وجود تكامل في العناصر الاقتصادية والسياسات الاقتصادية كلها، والتي تشكل نظام بلد كاملا! لدينا مخاطر حقيقية خليجيا وليس سعودياً في التركيز على القطاعات غير الإنتاجية، وكأن الاقتصاد يعني أسهما على الأوراق لشركات من ورق وعقار على المخططات! هل سننافس في العصر الحادي والعشرين بناطحات سحاب! هل سننافس من خلال شركات تطرح قبل أن نعرف مسؤوليها التنفيذيين! وقبل أن يوجد لها خطة عمل!
أسأل بصدق الجهات المسؤولة والمؤسسات الاستثمارية: هل لديهم برنامج ادخار واستثمار واضح المعالم للأسر والأفراد الشيب منهم والشباب طور بشكل يسمح لشرائح متعددة بالاستفادة منها، بحيث يكون تحت مفهوم الكسب للجميع للمؤسسات الاستثمارية وللأسر والأفراد على حد سواء. هل تستطيع كل أسرة وكل فرد الاطمئنان إلى أن حقوقه مصانة بشكل كامل من تلاعب المتلاعبين أين كانوا! هل برزت شخصية الأجهزة الحكومية بشكل واضح يسمح بمحاسبة المخطئ؟ وقبل ذلك، هل يعقل أن يجد المواطن نفسه بين جهات لا تزال تختلف وتتنازع على أبسط المسلمات! هل علينا أن نصدق أن مجموعة من المواطنين رفعوا قضية على مؤسسة حكومية يعملون بها منعتهم بحكم عقلية "الوصاية" من فتح حسابات في البنوك، بحكم وجهات نظر تحمل النقيضين، الحلال والحرام!!! وفي النهاية كلها مؤسسات تعمل في البلد نفسه، وترجع إلى نفس الشرعية. هل علينا أن نصدق ذلك؟ أم أننا من كثرة ما قرأنا عن عصر الظلمات الأوروبية أصبحت لدينا مشكلة التخيل على حساب الواقع!
نعم علينا أن نؤسس وبشكل عاجل مُرشدا واضحا للإسعافات الأولية بطاقة استيعابية كبيرة الملايين التائهة، مع ضرورة توفير الكثير من المهدئات لهم. على الأقل حتى نتفق على الشكل العام لطبيعة الحياة التي نريد أن نعيشها في بلد واحد متجانس بسلام دون أن يحاول أن يعرقل أحدنا أخاه بكلل الحجج حتى باسم رب العزة والجلال!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي