مؤتمر الحوار .. إعادة الهيبة للإسلام

[email protected]

المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي يبدأ في مكة بعد غد الأربعاء، وبهذا العدد الكبير من العلماء والدعاة في العالم الإسلامي ومن بقية المناطق في العالم سوف يعزز الموقع الريادي للمملكة، وأيضا سيكرس المبدأ العظيم، الذي يتبناه الإسلام لإدامة العلاقات الإنسانية لتكون قائمة على الحوار والتفاهم والجدل بالذي هو أحسن للأطراف كلها.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وهو يطلق هذه المبادرة هو أيضا يكرس التوجه الذي يسعى إليه وهو تجديد حيوية الدولة لتكون بشعبها ومؤسساتها مستعدة لمواجهة التحديات التي أمامنا، وأكبر تحد يواجهنا عالميا هو كيف نعيد تقديم الوجه الإنساني والحضاري للإسلام، كدين عقيدة والتزام وسلوك وحوار.. فما بعد (11 سبتمبر) هز صورتنا وربطنا بالإرهاب وسفك الدماء، وأثر في الدعوة الإسلامية ومناشط العمل الخيري الإسلامي في العالم.
برنامج المؤتمر والموضوعات المطروحة للحوار والنقاش عديدة وواسعة ومهمة، وترتيب المحاور والجلسات تم وفق إطار منهجي يؤسس لأرضية علمية ضرورية لإطلاق الحوار، فالمحور الأول يتناول (التأصيل الإسلامي للحوار) من حيث مفهومه وأهدافه ومنطلقاته في القرآن والسنة، كذلك سوف يتم تناول التجارب الموثقة على توجه الإسلام وتعظيمه للحوار.. والتأصيل مدخل ضروري، فهناك فئات في المجتمعات الإسلامية غير مدركة وواعية للأصول والمنطلقات التي وضعها الإسلام للحوار، وهذا أوجد التخوف والحذر من مبدأ الحوار، بالذات مع غير المسلمين.
المسلم المدرك جيدا لأحوال الإسلام والمطمئن إلى عقيدته وثوابته لا يمكن أن يخاف الحوار مع أية أمة كانت، لأن الإسلام دين سماوي ونحن مأمورون بنشره والدعوة إليه، ولا يمكن أن نحقق هذه الغاية النبيلة إذا نحن لم نتفهم الآخرين، وتكون لدينا التوجهات الإيجابية للحوار معهم، والدين الإسلامي انتشر في أماكن عديدة من العالم عبر (القدوة الحسنة) وعبر الحوار.
قادة الدول الإسلامية والعلماء وقادة الرأي في العالم الإسلامي عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الأجيال القادمة، فهم مطالبون بضرورة إشاعة (ثقافة الحوار) عبر التأصيل الفكري وتوضيح الأهداف والمفهوم وإيجاد النماذج، ومن يتأمل مشاكل العالم الإسلامي مع نفسه ومع التجمعات خارجه يدرك أننا أسقطنا مبدأ وروح الحوار من آليات عملنا اليومي وطريقة إدارتنا لشؤوننا المحلية والإقليمية.
النزوع إلى العنف كآلية حاسمة لإدارة الصراع يكاد يكون (حالة ثقافية) شائعة في العالم الإسلامي، والمؤسف أنها نزعة تجدها حتى لدى الطبقات عالية التعليم والتأهيل، وحتى لدى التي تقرأ القرآن وتعرف عن الآداب النبوية العظيمة للحوار، وعندما نتأمل كيف يدير بعض هؤلاء المتعلمين الحوار ويتعاملون مع الاختلافات في وجهات النظر لا بد أن نصل إلى هذه الخلاصة، وهي أن هؤلاء يقرأون القرآن وعلى القلوب أقفالها!
إننا نريد أن نكون أمة تؤسس للأجيال القادمة ما يفيدها في حياتها، والحوار مبدأ عظيم لأمور حياتنا كلها، لا نريد الأجيال القادمة أن تلعن سابقتها لأنها أورثتها الدمار والبوار، نريد أن نكون أمة تفخر بمنجزاتها السابقة، لذا، نتطلع إلى أن يكون هذا المؤتمر ليس الأول، بل هو البداية لإطلاق سنة حسنة دائمة، نريد الأجيال القادمة أن تدعو لخادم الحرمين الشريفين على إطلاق هذه السنة الحسنة. وإطلاق وتعميق وتأصيل مبدأ الحوار مهمة شاقة تتطلب الجَلَد والصبر وجهاد النفس، إنها تحتاج إلى همة الرجال الكبار، وخادم الحرمين الملك عبد الله يؤكد لنا كل يوم أنه قائد المهمات الصعبة للبلد وللأمة، فكان الله في عونه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي