CIA تفوز بجوائز الكتاب الوطني عن العام 2007

CIA تفوز بجوائز الكتاب الوطني عن العام 2007

المخابرات المركزية الأمريكية, موضوع كتابين فازا خلال عام 2007 باثنتين من جوائز الكتاب الوطني (ناشيونال بوك), ويرى النقاد أن الاهتمام المكثف بنشاطات الـ CIA في مجال النشر ليس مجرد صدفة, بل هو شكل من التعبير عن القلق والإحساس بالخيبة التي أصيب بها الأمريكيون والغربيون عموما بعد أن انكشف للعيان الخداع الذي مارسته المخابرات الأمريكية ونظيرتها البريطانية فيما يتعلق بالتقارير الكاذبة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق والتي اتخذت كذريعة للغزو, وأثبتت تورط الاستخبارات باللعبة السياسية بطريقة لا تقبل الإنكار.
الجائزة الأولى كانت من نصيب رواية "شجرة الدخان", من تأليف دينيس جونسون, وإصدار مؤسسة فرارا للنشر.
تهيمن على الرواية أجواء قاتمة تعيد إلى الأذهان الهلوسة والضياع والاكتشاف المفاجئ لانحطاط القيم, الذي رافق الحرب الفيتنامية.. سكيب سانر, بطل الرواية الرئيسي, وهو ضابط شاب يعمل في الـ CIA, سافر إلى فيتنام عام 1967 للعمل ضمن الفريق المكلف بممارسة التضليل المعلوماتي ضد الفيتناميين الشماليين تحت إمرة عمه, كول سانر ضابط الاستخبارات الكبير ذائع الصيت, الذي يعرفه الجميع باسم "الكولونيل".. يكتشف سكيب منذ البداية, الوجه الآخر للكولونيل, الذي يهيمن على المشهد العام للرواية بشخصيته الظلامية العابسة التي تضيف للأحداث اليومية المخيفة مذاقا خاصا من المرارة, يقابله على الطرف الآخر الوجه المشرق لكاثرين جون, موظفة الإغاثة التي تعمل في منطقة سكيب, التي تقع في حبه, وتصبح بالنسبة له شيئا فشيئا بمثابة النور في أوحال الظلمات التي وجد نفسه غارقا فيها حتى وسطه.
وفي المساحة التي تمتد بين الكولونيل, وكاثي الجميلة, يقف سكيب محترقا حتى أعمق أعماق روحه, فيما يروح ويجيء في المشهد العميل الفيتنامي المزدوج, الذي تحاول الوكالة عبره إيصال رسالة مزيفة إلى هانوي عن هجوم أمريكي شامل قريب, ويضيف هذا الجاسوس بعدا آخر للهلوسة الجماعية, بشخصيته الفصامية التي تعيش تبرير ذاتها عبر جعل الفريق الذي تعمل لحسابه في هذه اللحظة معسكر الخير في الصراع, والمعسكر الذي تسرب معلوماته مصدر الشر, ثم تنقلب الأدوار في اللقاء التالي بمجرد تغيير الطرف المحاور, وهكذا في دوامة لا تنتهي من الضياع والبؤس.
أما الكتاب الثاني الفائز بجائزة "ناشيونال بوك", الذي يتمحور كذلك حول المخابرات المركزية الأمريكية, فهو "ميراث الرماد", من تأليف تيم وينر. وهو دراسة تحليلية تتناول نشاطات الـCIA , ويناقش مصداقيتها باعتبارها- كما تقدم نفسها للآخرين- متراس الحرية الأول في مواجهة أعداء الوطن, ويتساءل الكتاب فيما إذا كانت الـ CIA تؤدي مثل هذا الدور فعلا أو أنها انجرفت لتصبح أداة تآمرية حاقدة, تهدف إلى نشر وتعميم النموذج الإمبريالي الأمريكي بأي ثمن.
وينر, مراسل الـ "نيويورك تايمز", والحائز على جائزة بالتزر للنشر, يستند في كتابه إلى مجموعة من الحقائق التي دأب على جمعها من الوثائق والمقابلات الصحافية مع أهم الشخصيات التي لعبت دورا أساسيا في نشاطات الوكالة, ومن بينهم المديران السابقان للـ CIA, ريتشارد هيلمرز وستانفيلد تيرنر, ويشرح الأسباب الكامنة وراء العمى الذي أصاب الوكالة في تقاريرها عن الأوضاع في روسيا وكوبا والعراق, والتي بنيت عليها قرارات سياسية وعسكرية فاشلة تسببت في خسائر كبيرة كان من الممكن تجنبها.
ويخلص الكتاب إلى القول إن الوكالة اليوم أشبه بمستودع ضخم لعدم الأهلية وقلة الكفاءة والتضليل المتعمد, ليس للآخرين فحسب, بل وللأمريكيين أنفسهم.

الأكثر قراءة