رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


متى يطلق العنان لسوق عقارية ناضجة؟

بعد أن كشف اللثام صاحب السمو الأمير عبد العزيز بن عياف أمين منطقة الرياض في منتدى الأحياء السكنية في الغرفة التجارية عن مشاريع بحدود 105 مليارات ريال، وبناء وحدات سكنية لأكثر من 100 ألف وحدة سكنية فقط في مدينة الرياض كجزء من مشاريع أخرى لم يعلن عنها بعد، فإنني أعود لأؤكد أن السوق العقارية السعودية ما زالت في بداية الماراثون الطويل الذي سيستمر لعقود مقبلة، إلا أنها لم تصل بعد إلى مرحلة السوق العقارية المهنية والعالمية بعد. فالسوق العقارية الحالية ليست سوقا تذكر وليست على مستوى المهنية المطلوبة، فهي تعاني بشدة من عدم اكتمال الحلقات التي تجعل منها سوقا عقارية. وبالرغم من تعثرها سابق بمعوقات لا مفر عنها فإنها لم تتأثر بذلك بل ارتفعت ارتفاع مذهل للسنوات الماضية. وتلك ظاهرة صحية للاقتصاد الوطني، فالاستثمار العقاري هو أحد أهم القواعد الاقتصادية للمملكة ويمثل 13 في المائة من الناتج المحلي و30 في المائة منه من دون النفط. ويقدر حجم الاستثمار فيه سنوي بآلاف المليارات. ويرتبط بالاقتصاد الأساسي للدول ارتباطا وثيق لدرجة أنه عامل مؤثر في رفع أو تخفيض سعر الفائدة في البنوك. الاستثمار العقاري هو محرك للاقتصاد في جميع دول العالم الحديث. ويمثل عادة بين 10 و20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي GDP. وقد زادت فرص العمل في القطاع في المملكة خلال السنوات العشر الماضية من 20 ألفا إلى أن وصل حالي إلى حدود 70 ألف موظف. وما يقارب 700 ألف في التشييد والبناء، لذلك فإنه من الأجدى لنا أن نحرر هذا القطاع من لجامه وأن يتم الإسراع في إكمال الحلقات أو الآليات التي تحد من انطلاقته وهي:

1. الإسراع في نظام الرهن العقاري.
2. الإسراع في اعتماد كود البناء السعودي الذي تأخر أكثر مما يجب.
3. الإسراع في اعتماد نظام التسجيل العيني للعقار لحل مشكلات ازدواجية الصكوك ولتسجيل المباني على الأراضي.
4. نظام وقانون لحماية المستثمر العقاري ممن لا يدفعون إيجار العقار ولا يمكن إخلاؤهم منه، الذي يجعل المستثمرين يحجمون عن بناء المساكن.
5. الإسراع في إنشاء هيئة لأبحاث ودراسات الإسكان والبحث العلمي المتخصص في الإسكان.
6. الإسراع في إنشاء بنك للمعلومات العقارية والإسكانية وعلاقتها بالخصائص السكانية والديموجرافية والمعلومات الهندسية.
7. الإسراع في تكوين شركات التمويل وخاصة المدعومة من الدولة لحل مشكلات الإسكان للفئات غير القادرة عليه.
8. نظام التأجير المنتهي بالتمليك.
9. وضع مخططات شاملة للمدن تعتمد أسلوب الأحياء المتكاملة من الخدمات وتخصيص أجزاء منها لتكون بأسعار ميسرة للمواطنين.
10. تحديث نظام الصندوق العقاري والرفع من قدراته ليشارك مع بعض البنوك المحلية في مضاعفة قيمة القرض الحالي وهو 300 ألف ريال الذي يعجز عن توفير المسكن. وأن تتم أيضا زيادة القرض ليشمل قيمة الأرض (أرض وقرض).
11. إنشاء شركة عقارية مساهمة متخصصة في بناء المساكن بكميات كبيرة في مواقع مختلفة من مدن المملكة. وأن تقوم هي بتطوير الأراضي وتوفير الخدمات ثم البناء عليها لأحياء متكاملة، ومن ثم توزيعها على المحتاجين وفق قروض ميسرة.
12. إعداد دراسة لعدد السكان لكل شريحة من شرائح الطلب على الإسكان. كم عدد محدودي ومتوسطي الدخل الذين نحاول أن نسدد ونلبي رغباتهم حالي ومستقبلي.
13. تحديد مواصفات قياسية موحدة لمواصفات البناء بحيث تكون مقاسات الأبواب والنوافذ والوحدات الميكانيكية والصحية وحتى الحوائط والأسقف، وغيرها موحدة وبذلك يسهل ويرخص توفيرها، مما يقلل تكلفة البناء.
14. إيجاد تكتلات عقارية واندماجات بين الشركات المحلية والعائلية.
15. تسخير ميزانية للبحث العلمي ومراكز الأبحاث وخاصة الإسكان.
16. الاستفادة من دخول الشركات العالمية وفرض تدريب وتعليم الكوادر السعودية لاكتساب ونقل التقنية والمعرفة عليها وليس فقط السعودة في وظائف "هايفة" وهامشية.
17. فرض رسوم أو ضرائب مجزية على الشركات العالمية وأفرادها للعمل والمعيشة مع وضع آلية لعدم احتساب ذلك لرفع عقودها أو مرتباتها.
18. توفير قاعدة معلومات موحدة ومركزية لإحصائيات العقار وتكون مربوطة بكتابات العدل والأمانات وشركات الخدمات.

إن المتابع للسوق العقارية في السنوات الماضية يرى أنه بالرغم من عدم نضج الأنظمة للاستثمار فإن السوق ما زالت ترتفع وتواصل ارتفاعها! فماذا نتوقع أن تكون الحال عليه بعد إتمام الحلقات المفقودة وتكامل الأنظمة إلا أن ترتفع السوق!

لقد سبق أن أشرت في عدة مقالات أن الارتفاع هو بداية الماراثون وأكدت أننا لم نر شيئا بعد، وأن الأسعار ستتضاعف خلال السنوات المقبلة وحصل ذلك فعلا ومازلت أؤكد ذلك للسنوات المقبلة. فالغلاء في العقار ليس مقتصرا علينا بل إن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية. فقد ارتفعت أسواق العقار في أمريكا الجنوبية بمعدل 30 إلى 60 في المائة خلال العام الماضي وكذلك الحال في مصر والمغرب العربي، حيث ارتفعت في بعض المناطق لأكثر من 100 في المائة. فالسوق العقارية اليوم بعد أن فتحت أبوابها للاستثمار الخليجي والأجنبي أصبحت أكثر عالمية. لذلك فإنها لم تعد تحت سيطرة السوق المحلية والإشاعات والمضاربات، بل أصبحت سوقا تحكمها المتغيرات الدولية سواء السياسية أو الاقتصادية أو البيئية. واليوم أكبر الاستثمارات العقارية التي نراها منذ مطلع هذا العام هي خليجية وعالمية وتقدر بمئات المليارات من الريالات. وقد تكون أكبر حجم مما تضيفه استثمارات الشركات العقارية المحلية. لذلك فإن السوق العقارية السعودية أصبحت على اتصال ببقية العالم وقد يتأثر به. ولكن لكونها سوقا مبتدئة للدخول في السوق العالمية فإنها تجنبت كارثة الائتمان التي أثرت في السوق، حيث إن الرهن العقاري لم تتم ممارسته بعد في السوق العقارية السعودية. وبذلك فإن تأثير الصدمة فيها سيكون هامشي إذا لم يكن لها إيجابية أكبر لكونها لم تدخل في الموجة العالمية. بل على العكس فالسوق العقارية السعودية قد تستفيد من تلك التجارب الفاشلة للرهن العقاري التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية ومشكلة "الصب برايم" وعدم توثيق المستندات. وأن تتم الاستفادة من الثغرات التي سببت مشكلة الرهن العقاري ليكون هناك وسائل تحكم أكثر، وخاصة في التأكد من توثيق الممتلكات والأصول التي يتم الرهن عليها. وأن يتم تخفيض قيمة القرض مقارنة بقيمة الأصول. وبذلك يحصل المستثمر على القرض ويبقى الممول في مأمن من تذبذب السوق وقيمة الوحدة المرهونة. إضافة إلى أهمية التأمين على القروض.
واليوم أعود لأؤكد أن سوقنا العقارية ستستمر في نهضتها وقفزاتها الهائلة للتطوير العقاري والحضاري التي ستنفجر ولم يشهدها تاريخ الاستثمار العقاري بعد وهي لا تقارن بالحقبة الماضية، التي لن تكتمل إلا بعد توفير البيئة القانونية والتنظيمية. كما أنها ستحتاج إلى قدر كبير من التخطيط والتنسيق والحذر لعدم تضارب التوجه الذي ستمليه الاستثمارات في المدن الاقتصادية على توجه واستثمارات بقية العقاريين في المدن والضواحي الحالية والمخططات التقليدية. فتلك المدن الاقتصادية قد تلتهم قدرا كبيرا من الطلب الحالي على المخزون الحالي من الأراضي والعقارات التي تمتلكها السوق العقارية الحالية. وهي طفرة ستدوم طالما أن الاقتصاد الوطني يرزح تحت عوائق الاستثمار في القطاعات الأخرى، مما جعله يعتمد ويتعاقب على قطاعين يتيمين هما سوق الأسهم وسوق العقار فقط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي