فرنسا تحاول تهدئة المخاوف بعد فضيحة "سوسيتيه جنرال" ولا تبدي قلقا على البنوك

فرنسا تحاول تهدئة المخاوف بعد فضيحة "سوسيتيه جنرال" ولا تبدي قلقا على البنوك

فتح الذهول بسبب خسائر التعاملات الهائلة التي مني بها بنك سوسيتيه جنرال الطريق أمام تساؤلات بشأن ضوابط العمل في البنوك الكبرى في أوروبا، فيما سعت فرنسا أمس للحد من الأضرار الناجمة عن أسوأ فضيحة تعامل في العالم. وفي أول تعليق له بشأن خسائر "سوسيتيه جنرال" التي بلغت سبعة مليارات دولار قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "إنها عملية احتيال داخلية واسعة النطاق" وأضاف أنها لا تثير الشكوك في تماسك النظام المالي. وكرر ساركوزي تطمينات من الحكومة والبنك المركزي صدرت عند الكشف عن الفضيحة أمس الأول وقال إن الخسائر "لا تؤثر في تماسك النظام الفرنسي والثقة فيه".
وقال كريستيان نوييه محافظ البنك المركزي الفرنسي للمرة الثانية منذ أمس الأول إن حسابات البنك تم تطهيرها بعدما تم تفكيك المراكز التي كونها المتعامل. ونفى نوييه تكهنات بأن بعض الخسائر المرتبطة بالمتعامل الذي تم تعريفه باسم جيروم كيرفيل نتجت عن أزمة الائتمان العالمية الحالية.
لكنه لمح إلى أن بعض البنوك الفرنسية الأخرى يمكن أن تعلن عن شطب أصول فيما يتصل بخسائر الائتمان عندما تعلن نتائجها.
وصعدت أسهم "جنرال" 2 في المائة إلى 77.34 يورو أثنا التداول لتصل القيمة السوقية للبنك إلى نحو 35 مليار يورو. وكانت الأسهم قد انخفضت 4 في المائة أمس الأول. وخسرت أسهم البنك نحو 20 في المائة هذا العام بسبب شائعات بأنه عرضة لخسائر مرتبطة بالائتمان. ولا يزال الغموض يحيط في مكان كيرفيل الذي قال البنك إنه مسؤول عن مراهنات غير مصرح له بها على أسهم، وإخفائها في محاولة يائسة للتغطية عليها. لكن محاميا يزعم أنه يدافع عنه قال إنه بخلاف المتعامل نيك ليسون الذي ارتكب عملا مشابها مع بنك بارينجز البريطاني فإن كيرفيل لم يهرب ومستعد للتعاون مع المحققين. وصب "سوسيتيه جنرال" وشخصيات سياسية ومالية فرنسية اللوم في الحادث على كيرفيل. لكن البنك يواجه ضغوطا لتوضيح كيف تمكن الرجل الذي وصفه البعض بأنه شخصية عبقرية وهو موظف صغير يتلقى راتبا لا يتجاوز 100 ألف يورو سنويا من تجاوز القيود بشأن أنظمة مكافحة التلاعب المعقدة بالبنك من مكتب في المقر الرئيسي. وتساءل البعض أيضا كيف لم تكتشف البنوك والأطراف الأخرى في السوق التي تتعامل مع "سوسيتيه جنرال" الأمر طوال تلك الفترة. وقال فرديدرك هام مدير صناديق الاستثمار في مؤسسة اجيليس جستيون "لا يزال هناك جهل شامل... كيف يتأتى ألا يحذر الوسطاء "سوسيتيه جنرال". بل إن حتى أثرياء فرنسا عبروا عن دهشتهم إزاء حجم المبالغ المهدرة. وقال الملياردير فنسان بولور للصحافيين "من غير المعقول أن يتسبب شخص واحد في خسائر تصل إلى 4.9 مليار يورو مثل هذه، إنه مبلغ هائل من المال". وأضاف "ربما يشربون الشمبانيا الآن في بي.إن.بي باريبا" ملمحا إلى محاولات في الماضي من جانب بي.ان.بي للاستحواذ على "سوسيتيه جنرال". وفي إعلانات احتلت صفحات كاملة في الصحف الفرنسية الرئيسة اعتذر رئيس البنك دانييل بوتون للمساهمين فيما شككت الصحف ومحللون فيما إذا كان طلب مجلس الإدارة منه البقاء في منصبه سيدوم طويلا. وعرض بوتون الاستقالة لكن المجلس طلب منه البقاء. وكتب بوتون يقول "أدرك تماما خيبة أملكم وألحظ غضبكم. هذا الوضع غير مقبول بالمرة". ورأت صحيفة الأعمال الرئيسة في فرنسا "ليزيكو" أن وضع بوتون بات ضعيفا وأن "سوسيتيه جنرال" وهو سابع أكبر البنوك في منطقة اليورو من حيث القيمة السوقية بات الآن هدفا محتملا لعملية استحواذ.
وتجاهل المستثمرون خارج النظام المصرفي الأوروبي الفضيحة إلى حد كبير. فقد ارتفعت الأسهم الأسيوية في أعقاب الإغلاق على ارتفاع كبير في وول ستريت، بعدما اتفق الرئيس جورج بوش وزعماء الكونجرس على حزمة حوافز اقتصادية لتفادي الركود. وقال انتوني ماك مدير المبيعات لدى دي.بي.إس للأوراق المالية في هونج كونج "إنه حادث معزول.. ويمكن للبنك أن يعوض الأضرار... إنها تحت السيطرة تماما".
إلى ذلك قال كريستيان نوييه محافظ البنك المركزي الفرنسي أمس، إن متانة وضع البنوك الفرنسية لا تقلقه نتيجة لأزمة الرهن العقاري عالي المخاطر وإن كل التدابير الضرورية أعلنت أو ستعلن في الأيام المقبلة.
وقال لراديو آر.تي.إل "نحن نعلم بالضبط حجم المخاطر. والمخصصات (لتغطيتها) أعلنت أو ستعلن في الأيام المقبلة عند الضرورة." وأضاف "لا يوجد قلق على الإطلاق. فالنظام المصرفي الفرنسي قوي تماما ومتين تماما".
وكرر تصريحاته السابقة بأن فضيحة الاحتيال التي هزت بنك سوسيتيه جنرال لا علاقة لها بأزمة الرهن العقاري وأنه تم الكشف عن كل مكامن الضعف. وقال "بالنسبة لي حسابات سوسيتيه جنرال تم تطهيرها وكل شيء واضح".
وكان بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي كشف أمس الخميس أن عملية احتيال قام بها أحد المتعاملين فيه كبدته خسائر قدرها 4.9 مليار يورو (7.1 مليار دولار). وقال إنه سيسعى نتيجة لذلك للحصول على سيولة عاجلة.

الأكثر قراءة