رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لبنان المقلوب غالب ومغلوب

[email protected]

يتألم اللبنانيون البسطاء من كيد ومكر رجال السياسة واختلاف ولاءاتهم ومشاربهم وقبلاتهم حيث يتجهون إلى مشارف شتي من هذه المعمورة منها البعيد ومنها القريب في اختلال كبير للولاء والتركيبة السكانية، والجيل الخمسيني مثلي يعرف لبنان حق المعرفة واختلاف التركيب الفيزيائي لقاطنيه والتدخلات الدولية في الماضي التي اعتبرته مكتباً لرجال الاستخبارات العالمية ومركزاً لتعليم اللغة العربية لطوابير الجواسيس القادمين من الغرب حتى أصبح معهد شملان أشهر المواقع العالمية للتعارف وتبادل المعلومات مع اختلاف الميول والمشارب، واقتصر آنذاك التركيب الاجتماعي على فئتين الأولى المسلمون والثانية المسيحيون باختلاف طوائف الفريقين وأثارت الحروب الأهلية واختلفت الدروب في الطاعة والولاء والانتماء وبرزت بعد ذلك قوى جديدة بعد نهاية الحرب بعد مؤتمر الطائف الذي أقر التعاون المستقبلي للطوائف وخرجت إلى الساحة في السنوات الأخيرة قوى جديدة على قدر كبير من التدريب والتسليح العقائدي والحربي مما غير تركيبة التعاون الإقليمي والدولي وموازين القوى داخل التركيبة اللبنانية الأساسية فمع بروز حزب الله كقوة سياسية وعسكرية لا يستهان بها وقد انشقت عن حليفها الطبيعي المسلمين السنة في لبنان ودقت إسفيناً في هذه العلاقة التاريخية بين الفئتين ونقلت ولاءها عبر الحدود إلى القريب الجار وبعيد الدار ـ وها هي الزعامات اللبنانية اجتمعت في الدوحة الشقيقة تحت مظلة الجامعة العربية ويأمل الجميع أن يؤدي ذلك إلى انتخاب رئيس للجمهورية وهو المتفق عليه المختلف على توقيت وصلاحية توليه العميد ميشيل سليمان وقيام حكومة وطنية ذات توجهات استقلالية عن محاور التأثير القريبة والبعيدة واستقلال هذه الدولة التام عن هيمنة وتأثير القوى الخارجية سواء كانت عربية أو غير عربية، وقد كان هناك الكثير من الشكوك في أن يصل المجتمعون في الدوحة إلى مثل هذا القرار الشجاع لاختلاف الميول والمؤثرات، وأن ما يحدث في لبنان يزعج العالم كله إلا الإخوان اللبنانيين أنفسهم عاشوا سنوات طويلة ومروا بفترات حاسمة في تاريخ هذا البلد الجريح، وأن التركيبة الطائفية في لبنان ولدت لتبقى مع الاعتراف بالمؤثرات الجديدة في الأرض اللبنانية حيث هناك سنة وشيعة ودروز ومارونيون وروم ارثوذكس وكاثوليك، بل إن الأدهى من ذلك أن هذه الطوائف باستثناء الإخوان الشيعة ينقسمون إلى عائلات تاريخية تتحكم في مصير الدولة وقد أدى ذلك إلى ضعف التركيبة السنية، حيث فقد الكثير من رجالها مواقعهم القيادية سواء بالتحييد أو كبر السن أو الخروج من المعترك السياسي وقد جاء دور الشهيد الراحل رفيق الحريري ليرتقي بهذه المجموعة إلى بوتقة جديدة من التآلف والتعارف والتحالف والاستثمار مما آزر دوره كرجل أضواء لجميع الأطياف وقادر على التعامل والتعايش معها من منطلق اهتمامه الكبير بالشأن اللبناني بعيداً عن التدخلات الخارجية وأضواء الأطياف الأخرى، وقد أدى ذلك إلى استشهاده قبل نحو ثلاث سنوات، ومنذ أن غادر الحريري السراي اللبناني مستشهداً في سبيل وحدة لبنان وقيام تحالف 14 آذار الذي حاول بكل جهد الاستمرار على سياسة أبدأ بها دون أن يجد في الساحة المقابلة من يعينه علي تحقيق أهداف الرئيس الراحل، وقد أدت هذه الضغوط إلى اختلاف وجهات النظر ودخول حزب الله منفرداً في حرب مع العدو الإسرائيلي أدت إلى إضعاف التركيبة اللبنانية وذبولها فقد أصبح السيد بطلاً لحرب 2006 والهالة الإعلامية التي رافقت انتصاره وصعود حزب الله مما صعد معه المطالبة بالتثليث، وقد أدى ذلك إلى انسحاب وزراء الطائفة الشيعية ووزراء تكتل التغيير والإصلاح بقيادة ميشيل عون الذي أصبح ناطقاً رسمياً للمعارضة، والآن اتفق الجميع على انتخاب العماد ميشيل عون وإعطاء المعارضة الثلث المعطل بـ 11 وزيراً والموالاة 16 وزيراً وإعادة توزيع المقاعد الانتخابية في بيروت، وكذلك دراسة قانون الانتخابات وهو أمر إذا صدق المتفقون عليه سيكون فاتحة خير وعهد جديد للبنان ليكون أشد أناقة وأكثر استعداداً للقاء أحبائه العرب المصطافين في لبنان هذا العام خاصة أن هؤلاء الفرقاء في السابق الحكومة والمعارضة نقلوا الخلاف إلى الشارع الذي أصبح من الصعب التحكم فيه، ويمثل السيد وليد جنبلاط وجه الموالاة الذي يطلق عليه البعض الطاحونة لقسوة تصريحاته وتغيير تحالفاته حيث فجر في الأسبوع الماضي خبر شبكة الاتصالات السلكية لحزب الله، حيث يمس ذلك سيادة الدولة كما طالب بإقصاء العميد شقير (الشيعي) من المطار بحجة ولائه لحزب الله، وهي قرارات تم إصدارها من قبل مجلس الوزراء ثم تم إلغاؤها حفاظاً على اللحمة اللبنانية. إن قدرة اللاعبين الدوليين على التأثير في ما يحدث في لبنان حيث هناك لاعبون دوليون ومحليون مثل أمريكا ـ فرنسا دولياً وسورية عربياً وإسرائيل تخريبياً وإيران إقليميا وقد آن الأوان أن يكون الأمر في يد القادة اللبنانيين لإبعاد جميع اللاعبين والنظر إلى مصلحة واستقرار ونمو بلدهم والاهتمام بشعبهم والعبور به إلى بر الأمان بعد أن ضاقت القلوب وبلغت الحناجر واستعملت المدافع والبنادق وقسمت لبنان هذا البلد الوديع المحتاج فعلاً إلى الأمن والأمان والاستقرار والنمو والسياحة ولعل اشتعال الفتن بين السنة والشيعة في الدول العربية والإفريقية لعبه جديرة بالدراسة والاهتمام، حيث ما يحدث في اليمن، السودان، أفغانستان، العراق، لبنان، والجزائر مخطط يجب على القوى العاملة في العالم العربي والإسلامي التنبه إليه والاهتمام به وإطفاء الفتن في محاجرها قبل مخارجها.
والله الموفق ..،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي