محللون يحذرون من التسييل العشوائي للمحافظ في الأسواق الخليجية
تفاقمت خسائر الأسهم الخليجية أمس تحت تأثير الانهيارات التي تشهدها الأسواق العالمية، في حين أجمع المراقبون أنه لا توجد أسباب موضوعية تبرر انخفاضات الأسهم الخليجية.
فقد هوى أكثر من نصف الأسهم المدرجة في السوق السعودية بالحد الأقصى 10 في المائة عند منتصف جلسة الثلاثاء، وخسر المؤشر العام نحو1000 نقطة دفعة واحدة قبل ساعة من موعد الإغلاق في ظل سيطرة حالة من الذعر والبيع العشوائي على سلوك المتداولين، فيما أكد محللون عدم وجود أية أسباب منطقية يمكن أن يعزا إليها سبب ما يحدث في السوق، بل إنهم يرون أن السوق في وضعها الحالي تعتبر جاذبة للشراء.
وخسرت السوق الكويتية أكثر من 1.6 في المائة من قيمة أسهمها أمس، وأوقفت عدد من عمليات الشراء جزءا من الخسائر. وفي واحدة من المرات النادرة عبر تاريخ سوق الأسهم القطرية، تعرض مؤشر الدوحة لخسارة حادة بنحو 8 في المائة دفعة واحدة، ما أعاد إلى أذهان المتداولين أجواء "فبراير الأسود 2006" الذي انهارت فيه الأسعار بشكل متواصل. وجاءت خسائر جلسة أمس لتفاقم من أوجاع المستثمرين في السوق، بعد أن زادت نسبة تراجع المؤشر على نحو 13 في المائة منذ مطلع تداولات الأسبوع، أي خلال ثلاثة أيام فقط. وفي أسواق الأسهم الإماراتية، تراكمت الخسائر لتصل إلى أكثر من 155 مليار درهم منذ بداية الأسبوع، أي خلال 3 جلسات تداول، وإن كانت سوق دبي قد تمكنت عند إغلاق جلسة أمس من تقليص جزء لا بأس به من الخسائر، بعد ظهور قوى شرائية حذرة اقتنصت فرص وصول عدد من الأسهم إلى مستويات متدنية، ومغرية على الشراء. في المقابل شهدت بورصة العاصمة أبوظبي أكبر خسارة يومية للمؤشر في تاريخها.
وسوق الأسهم الإماراتية وهي الوحيدة التي يستثمر فيها الأجانب بشكل مباشر، ذكر محللون أنهم يقومون بتسييل مراكزهم في الأسواق الناشئة لتغطية مراكزهم المكشوفة في أسواقهم الأصلية، مشيرين إلى أن عمليات التسييل التي يقومون بها لا تخضع لأية معايير اقتصادية، وتمت بطريقة عشوائية. وبلغت قيمة تسييلات الأجانب في دبي أمس نحو 278 مليون درهم لتشكل ما نسبته 42.4 في المائة من إجمالي قيمة المبيعات. وفي المقابل بلغت قيمة عمليات التسييل التي قاموا بها في أبوظبي نحو 182.6 مليون درهم. وقال نائب مدير قسم إدارة الأصول في "شعاع كابيتال" رامي سيداني "إن ما تعرضت له السوق خلال هذا الأسبوع من خسائر يكشف عن الوجه الآخر للاستثمار الأجنبي في الأسواق الناشئة".
وعلى الرغم من ذلك، وفي جولة عامة على تعليقات المحللين في أسواق الأسهم الخليجية، هناك شبه إجماع على أن أساسيات الأسواق لا تزال قوية. وقال محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودية "الخوف الذي يسيطر على السوق حالياً مبالغ فيه جداً، والتفاعل مع ما يحدث في الأسواق العالمية غير مبرر على الإطلاق، لا يوجد لدي أسباب منطقية يمكن أن تكون وراء الانخفاضات الحادة الحالية".
وأضاف في حديثه مع قناة العربية، أن الأساسيات التي من المفترض أن تؤثر في السوق جيدة جداً سواء على صعيد اقتصاد المملكة أو تقييمات أسعار الأسهم، فضلا عن وجود بوادر تجسد في ربحية الشركات، وقال "الانخفاضات الحالية ليس لها أي داع أو مبرر".
في حين قال تقرير صادر عن المركز الشرقي للاستشارات حول أداء السوق الكويتية "يبدو أن الاتجاه العام الصاعد مازال تفاؤليا"، موضحا أنه بالنسبة للتوقعات الاستراتيجية مازالت السوق تعكس علامات قوة وتنبئ باحتمال مزيد من الصعود حتى إذا تخللتها بعض التصحيحات الصغيرة. وينصح "المركز الشرقي" المتداولين بالاحتفاظ بالأسهم، مع وجود إمكانية التفكير بالشراء الجديد للأسهم القوية ماليا والتي تبدو واعدة على المدى الطويل.
ومن وجهة النظر الاقتصادية، فإن هناك تأكيدات من صندوق النقد الدولي نفسه أن الركود الاقتصادي الذي بات يخيم على الاقتصاد الأمريكي لن يكون طويل الأجل، إلا أن الصندوق يتوقع ارتدادا قويا للانتعاش خلال النصف الثاني من العام الجاري 2008. ويقول معهد التمويل الدولي إن توقعات النمو الاقتصادي تشير إلى دخول الاقتصاد الأمريكي مرحلة التراجع إلى ما دون الاتجاه العام وخاصة خلال النصف الأول من عام 2008 حيث لا يتوقع أن يتجاوز النمو 1 في المائة، ولكن هذه المرحلة لن تدوم طويلا إذ يتوقع ارتفاع النمو على 3.5 في المائة خلال النصف الثاني من العام. وبخصوص الاقتصادات الخليجية يقول التقريرإنها ستحقق طفرة كبيرة في نموها خلال عام 2008، حيث سيبلغ معدل النمو 8 في المائة بالمقارنة مع 6.2 في المائة عام 2007.