رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ضرورة إنشاء مجالس الأحياء بعد انتشار السرقات والجريمة

بعد أن كبرت مدننا وتعقدت الحياة فيها وأصبح من الصعب السيطرة عليها أمنياَ بعد انتشار ظاهرة السرقات والسلوكيات المنحرفة للمراهقين والمتهورين، أصبح من الضروري أن ندافع عن أنفسنا داخل أحيائنا السكنية. وذلك عن طريق تفعيل دور المواطن وخاصة المتقاعدين والشباب ليكونوا نواة لمجلس الحي ومجلس الملاك للقيام بأعمال مراقبة الأحياء السكنية والمعروف قديماَ بنظام العسة. إضافة إلى زيادة نشاطه ليكون نظام لإدارة الحي والمحافظة على الأمن والنظافة والصحة وإحياء روح التلاحم الاجتماعي لنعيش بصورة اجتماعية وحضرية وإنسانية ونتعرف على جيراننا.
فبعد انتهاء فعاليات منتدى المدن الإنسانية الذي أقيم الأسبوع الماضي تحت رعاية أمانة منطقة الرياض يأتي منتدى إدارة الأحياء السكنية الذي سيقام يوم الثلاثاء المقبل في الغرفة التجارية في الرياض وأيضا برعاية صاحب السمو الأمير عبد العزيز بن عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض. وكلا المنتديين مكملان لبعضهما فالأول وضع الأسس والرؤية لمدن إنسانية وليحرك فينا الشعور بالإنسانية والبعد الإنساني والحضاري فيما بيننا وليكون لنا دور فاعل في أحياء المدن وجعلها إنسانية. بينما الثاني يدعو إلى وضع الأسس والرؤية المستقبلية لفكرة إدارة الأحياء السكنية ومجلس الحي الذي هو حلقة الربط بين السكان في الحي والمجاورة في المجلس البلدي ثم أمانة المنطقة والإمارة. وفي ظل ما وصلت إليه أحياؤنا من مشكلات السرقات المتعددة أو السلوكيات والتصرفات السيئة للمراهقين والإرهابيين لدرجة أصبحنا نعاني فيها من قلة الأمن والأمان. وبذلك فإن إدارة الأحياء السكنية هي محرك وآلية مهمة لتوصيل معاناة السكان من أسفل الهرم لأعلاه. وذلك لن يتم ون أن يعي المواطن أن له الدور الأكبر في جعل ذلك حقيقة وواقعا ملموسا من خلال تطوعه وتفاعله مع جيرانه الذين أوصى بهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لجعل الحي الذي يعيش فيه أو المجاورة السكنية أكثر أمانا ونظافة واخضرارا مع إعطاء الساكنين قدرة اكبر على الحصول على الخدمات الحضرية وطريقة توفيرها وصيانتها. مع خلق طابع الحياة الاجتماعية الحضري والإحساس الإنساني والتلاحم الاجتماعي. ومراقبة الأطفال والمراهقين وتقويم سلوكياتهم. لتكون المجاورة إحدى اللبنات التي تشكل المدينة كجزء من المنطقة ثم الوطن ككل.

وموضوع إدارة الأحياء السكنية هو عرف دولي وموجود في معظم دول العالم المتحضر. وتوجد له منظمات ومؤسسات في معظم دول العالم. وله برامج مختلفة مثل برنامج مراقبة الأحياء السكنية في الولايات المتحدة الأمريكية ومراقبة الحي في بريطانيا. فإدارة الحي تتم عن طريق مجلس الحي وهو حلقة الاتصال بين المجلس البلدي وأمانة المنطقة ثم مجلس المنطقة والإمارة.

وإدارة الأحياء السكنية هي أساس البعد الإنساني في التخطيط العمراني وتعنى بتوفير البيئة العمرانية المناسبة لمقاس الإنسان واحتياجاته في البيئة المحيطة به سواء في المنزل أو في الفراغات العامة، وبتوفير الراحة والأمان والأمن والهدوء والطمأنينة والرقي الحضاري في ظل وجود الخدمات الأساسية للحياة الحضرية. إن النظريات التخطيطية الحديثة والتراث الإسلامي تنظر إلى الإنسان كنواة للمدينة التي هي نسيج من الأحياء التي تربطها مجموعة متدرجة من الطرق وترقد تحتها البنية التحتية من خدمات المياه والكهرباء والصرف والهاتف لتكون الرابط الأساسي وتمثل شريان الحياة للإنسان. ويبقى الإنسان المتحضر هو الخادم والمخدوم وكلما حافظ على حيزه أو بعده الإنساني في المدينة، عاشت أكثر لينعم بها. وهو هدف لن يتحقق إلا بتضافر جهود المواطن والمسؤول والدولة كل بأداء واجباته. وهو طريق ذو اتجاهين، فالبلديات تقوم بفرض أنظمة البناء وتحديد الارتدادات لتضمن إيجاد الفراغات الإنسانية العمرانية للصحة والتهوية ثم تقوم بتنفيذ الأرصفة والسفلتة والتشجير والصيانة والمراكز البلدية والحدائق وممرات المشاة، بينما تكون مسؤولية المواطن في تقديرها والمحافظة عليها والمساهمة في تسديد النقص بقدر المستطاع.
وبرامج إدارة المجاورة السكنية عادة تعطى اسما رسميا من قبل منظمات المجاورة السكنية neighbourhood associations, neighbourhood watches, or block watches, أو مراقبة المجاورة، أو اتحاد الملاك، ومجلس الحي، وهم يراقبون الأمن والجريمة في الحي ويديرون وينظمون الحفلات الاجتماعية وارتفاع الأسوار وقص الأعشاب في مقدمة المنازل.

لذلك فإن إدارة المجاورة السكنية هي ظاهرة أو مصطلح دولي معترف به في معظم الدول ولها أهميتها سواء في البعد الإنساني للمدن أو التلاحم الاجتماعي. كما أن لها أهميتها أيضا في البحث العلمي للمدن والعمران للأسباب التالية:
- العمل الاجتماعي في المجاورة السكنية عادة لا يحتاج إلى الكثير من المهنية أو المال.
- العمل التطوعي في المجاورة يمكن رؤية نتائجه أسرع من العمل في الوظائف الأخرى.
- العمل الجماعي يساعد على التواصل مع الآخرين.
- بعض الأعمال التطوعية هي في الغالب متعة وإرضاء للنفس.

كما أن البحث العلمي يؤكد أن نجاح إدارة المجاورة السكنية أو العمل الاجتماعي فيها يساعد على تقليل الجريمة وزيادة صحة المجتمع عقليا وجسديا. كما أنه يساعد على حياة أفضل لأطفالنا ويساعدهم على الإبداع.
ومدير المجاورة السكنية عادة هو شخص لديه بعض التأهيل، فالمدير هو الشخص الذي يجمع السكان مع الجهات الخدمية لإعطاء السكان المحليين دورا أكبر وليكونوا أكثر فاعلية في تصميم وتوفير تلك الخدمات. لذلك فهو ينسق مهمات تتعلق بخدمات النقل والصحة والأمن والبيئة والتعليم والتنمية الاقتصادية. وعادة يكون لديه خلفية في سياسات الدولة وأنظمتها وإجراءاتها. وقد يكون لديه خبرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإسكان والتخطيط.
مجلس الحي وإدارته هما الحلقة المفقودة التي يجب أن نصلها. وهو موضوع يحتاج إلى الكثير من العمل التطوعي الذي ينعكس مردوده لآبائنا وعائلاتنا وحماية أطفالنا داخل الأحياء من الانحراف. وهو موضوع يحتاج إلى ابتكار طرق للتمويل وتوفير ميزانية كافية له ليقوم بمهماته. وقد يكون تعيين عضو من بلدية المجاورة السكنية في البداية كمدير لمجلس الحي بحيث يقوم بإدارة الحي ومناقشة المسؤولين في الأمن والصحة والتعليم والتأكد من توفير تلك الخدمات. وأن يتم أخذ رسوم من السكان لتوفير الحماية الأمنية لهم أو أن تقوم بعض الشركات التي تعمل في الحي أو المجاورة بدعم وتمويل المجلس.
الموضوع يستحق الطرح بطريقة علمية للبحث عن أنسب الطرق والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال لوضع الوصف الإداري المطلوب والمهمات والوظائف التي يجب أن يقوم بها مجلس الحي ومن ثم اقتراح وسائل التمويل المناسب لميزانيته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي