رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


استعادة العصر الذهبي للمختبرات

[email protected]

في الفترة ما بين 1976 و1985م تقريبا مرت المملكة بزمن كان الكثير من ممارسي العمل في المختبرات والمعامل سواء الأكاديمية منها أم العامة يعي تماما إن مسيرتنا كانت بخطى واثقة للمستقبل في بناء وتأسيس المختبرات والاستفادة منها في فحص العينات من كل نوع وفي كل مجال مستخدمين أحدث التقنيات آنذاك. لقد ولد ذلك ثقة في نفوس كل المشتغلين في هذا المجال من كل المستويات فكان اتباع وحدة عمل حسب المعايير والمقاييس العالمية وبتنظيم وإشراف راقي المهنية في أطر أخلاقيات المهنة للحفاظ على جودة الأداء واستمرار الحصول على أفضل النتائج وتحقيق أفضل إنتاجية. المتأمل والمتابع لهذه المسيرة إلى الآن يعرف في قرارة نفسه أن الوضع الآن مختلف تماما لأن روح العمل والعزيمة والإصرار لم يعد لها في الميزان أي مقياس، كما أن معايير جودة الغداء في الكثير منها ارتطمت بجدر الرأي الشخصي والتقديرات الفردية والرؤى الضبابية. أعلم تماما أن فحص العينة الغذائية غير عينات تموينية أخرى، كما أن فحص التربة غير فحص جهد كهربائي لجهاز منزلي وهكذا، ولكن ما أتحدث عنه هو وضع عام بات من الواضح أنه يعاني تشتت إشراف وازدواجية قرارات وغير ذلك من عوامل تسببت في الحاجة إلى إقامة مؤتمر وعقد ورش عمل وتأسيس لجان لإعادة صياغة تنظيم العمل وضبطه، أسأل الله أن يكلل هذه الجهود بالنجاح.
في واقع الأمر نحن الآن نهوى شراء أحدث الأجهزة التي أصبح مصير معظمها المخازن, ولم نستفد من القوى العاملة حق استفادة لأن إجراءات التوظيف ومن ثم التوجيه السليم منذ بداية عقد العمل لم يعودا أسس بناء عامل منتج في المعمل أو المختبر. كما طغت روح اللامبالاة لعدم التقدير أو التكريم وأصبح همنا قضاء اليوم كيفما اتفق، ولم يعد لسياسة الجهة المشرفة على المختبر نفس القيمة وأصبحت قائمة التعليمات وطرق الإجراءات ومعايير العمل عناوين لورق نستلمه بيد ونرففه باليد الأخرى. حديثو التخرج تحت التدريب أو الخبراء المحليون أو الخارجيون أو العاملون في هذا المعمل أو ذاك المختبر هم سواء في أنهم منسوبون لهذا الموقع وما يهمنا هو كم المخرجات لا قيمة ونوعية ما فحص أو أنتج. أصبح يكفينا أن نحلل عينة من 100 عينة لأن مصدر العينة معروف على مستوى العالم ولم نعد نضع في الاعتبار الغش التجاري وأساليب التخزين وما إلى ذلك, كما أصبح يكفينا أن نستند إلى تحليل هذا المختبر وليس للآخر لأنه متبع لنظام معين من دون التأكد ما إذا كانت معايرة الأجهزة مستمرة أو تحديثها بما يكفل القيام بعدة وظائف في إجراء تحليل واحد أكثر دقة وضبط... إلخ. أصبح لكل مختبر قيادة أو مسؤولون يسعون للاعتراف بهذا الفريق أو تلك المنظمة ولا نهتم لمعيارية التنفيذ ووحدة المقاييس واتباع إجراءات موحدة. التنسيق بين المختبرات كان هاجسا للمسؤول فيه للتثبت والتأكد من موثوقية النتائج ولكنه أصبح ثانويا لأن لدى هذه الجهة اعتراف من مركز كذا وتلك الجهة اعتراف من منظمة كذا، وبالتالي أنا لدي مختبر أفضل مما لدى الآخر!!.
أعتقد أننا أمام تطور صناعة الأجهزة واستخدام أحدث التقنيات في الاتصال بِتنا نتبادل نتائج الفحوص في اللحظة نفسها بل نتابع آلية التحليل وخطواتها والتأكد منه، وكأننا في الموقع نفسه, فكيف ستكون استراتيجياتنا وخططنا التنفيذية المستقبلية تجاه العمل والقوى العاملة وأساليب إجراءاتنا ونتائج الفحوص المخبرية المختلفة؟. الحلول ليست قريبة النتائج ولكن ليتنا نعجل بالبدء في تبني (1) توحيد سياسة المختبرات "قولا وعملا" ولنا فيما يحدث عالميا أسوة حيث يتكامل العمل بين المشرِّع والمنفذ والرقيب. إن تشكيل اللجنة الوطنية لاعتماد المختبرات تحرك ايجابي في حد ذاته ولكن لا نريده أن يكون مجرد تنظيم صوري, فإن الدول المتقدمة والصناعية وحدوا إصدار الرخص وإجراءات العمل بناء على شهادة الـ International Standard Organization وفرضوا غرامات على المتجاوزين, كما أنه إذا ما تم إصدار قرار أو تعميم أو تصريح يمهد له بأساليب عدة حتى لا يواجه بالتجميد والتعليق فتبدأ سلسلة الالتفاف حول النظام فهل يمكن أن نقوم بذلك وتتم المحاسبة بآلية حديثة تبعا لما وصلنا إليه من استخدام تقنيات في الاتصال وأداء الأعمال؟. (2) تعديل نظام التوظيف والترقيات والتقدير في المختبرات بجانب رفع القدرات وإعادة التأهيل بالابتعاث الخارجي أو الإيفاد الداخلي مما يحسن بيئة العمل وتصبح جاذبة لا طاردة. (3) الاستفادة من الطاقات الكامنة غير المستغلة في المرأة في هذا المجال فهي أكثر دقة من الرجل في التعامل مع الأدوات وأكثر حرصا منه في اتباع الإرشادات, ولا تحتاج سوى الحماية القانونية لتؤدي العمل بكل تفان.
إن أمام وزارة التجارة ملفات مفتوحة لا حصر لها كذلك وزارات أخرى مثل وزارة الصحة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الزراعة وبعض الوزارات الأخرى، ولكن ازدواجيات العمل وتداخل الصلاحيات وضعف نظام التفتيش أو المراقبة مع تزايد المهام والمسؤوليات ستجعل المهمة المنوطة بهذه الجهات كبيرة لتلبية متطلبات المستهلك والالتزام بحقوقه, فهل سنصل إلى معادلة الميزان وتحقيق ما يصبو إليه الإنسان لتكون التنمية شاهدا لنا في كل مكان؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي