تعويضات ارتفاع الأسعار تثير مخاوف المقاولين ومطالب بتعديل آليتها
كرر مقاولون مرتبطون بعقود حكومية شكواهم من فقرة التعويض بسبب ارتفاع التكلفة التي وردت في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، التي تؤخر المطالبة بالتعويض لحين تسليم المشروع بشكل نهائي. وطالب المقاولون بأن تتم عملية التعويض بشكل فوري لتفادي تعثر المشاريع أو توقفها، في ظل ارتفاع أسعار المواد لمستويات عالية ألزمت بعض المقاولين المرتبطين بعقود حكومية بإيقاف العمل فيها لعدم قدرتهم على تحمل الخسائر التي تحدث أثناء تنفيذ المشاريع.
هنا أكد لـ "الاقتصادية" المهندس ناصر بن محمد المطوع رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات سمامة، أن قرار مجلس الوزراء الأخير كان صريحا بشأن النظر في تعويض المقاولين، وكذلك ما نص عليه نظام المنافسات والمشتريات الحكومية. وقال "لكن فرق (يقصد النظام) بين أمرين، أولهم الرسوم المحددة من الدولة بحيث يعوض المقاول إذا ارتفعت ويحسم عليه الفرق في حال انخفضت، والآخر فيما يتعلق بمواد البناء وتكاليف الإنشاءات من الأيدي العاملة والشحن إلى غير ذلك وهنا نص النظام على تشكيل لجنة في وزارة المالية للنظر في طلبات التعويض من المقاولين في حال ارتفعت الأسعار". وبين "إن الإشكالية تتمثل في أن اللجنة لا تنظر في تظلم المقاول إلا بعد أن ينتهي من المشروع ويتم تسليمه، وفي نظرنا هذا غير عملي وغير ملائم لأن الحاصل حاليا أن المقاول أثناء التنفيذ ترتفع عليه أسعار المواد بصورة خيالية مما يضطره إلى إيقاف العمل".
وقال المطوع "إذا قارنا على سبيل المثال نسب ارتفاع أسعار الأسمنت والحديد والمواسير والنحاس والشحن والأيدي العاملة ما بين عام 2005 وحتى الآن سنجدها عالية جدا ولا يمكن أن يتحملها أي مقاول، فإذا كانت مدة مشروع المقاول ثلاث سنوات لإنشاء المبنى وخلال هذه المدة تصاعدت وتضاعفت أسعار المواد وتكاليف الإنشاءات بصفة عامة فكيف للمقاول أن يستمر، خاصة أنه ليس هناك جهة توقف هذه الارتفاعات"، مطالبا بتعويض المقاول فوريا وذلك من خلال احتساب نسبة ارتفاع سعر مواد البناء عند إعداد مستخلص المقاول الشهري من قبل الجهة صاحبة المشروع ويتم صرف التعويض فورا "ولا أن ينتظر إلى حين انتهاء المشروع وتسليمه لأن المقاول بالتالي قد يتعثر أو يتوقف وربما لن يسلم المشاريع أبدا".
وعن نظام الاسترشاد بالآلية المعمول بها بعقد الفيديك للمقاولات، أفاد المطوع أن عقد الفيديك هو نظام متكامل وعالمي ومعمول به في معظم الدول وهذا النظام يتضمن فقرة عن تعويض المقاولين في حال ارتفاع الأسعار وبشكل فوري، إضافة إلى وضع قواعد تنظيمية لذلك، مشيرا إلى أن نجاح تطبيق هذا النظام في العقود الحكومية مرهون بإيجاد مؤشر أو راصد لأسعار مواد البناء في السوق وهو غير متوافر حاليا. وأوضح أن هذا الراصد سيساعد على تحديد قائمة بالمواد الأساسية لكل مشروع وأسعارها في بنود المناقصة ليتم بعد ذلك رصد الأسعار شهرا بشهر ويتم التعويض عند ارتفاعها باستمرار. واقترح المطوع على الجهات الحكومية الاستفادة من تجارب طبقت في هذا الشأن على النطاق الإقليمي ونجحت، كالتجربة الأردنية على سبيل المثال التي اعتمدت نظام الفيديك في عقود الأشغال العامة، متوقعا في هذا الصدد أن تتخذ الحكومة إجراءات إيجابية في القريب العاجل "لأن الضرر أصبح واضحا والعلاج معروف".
وتطرق رئيس لجنة المقاولين في غرفة الرياض إلى ما يرد للجنة يوميا من عشرات الاتصالات والمراجعين من المقاولين من جميع أنحاء البلاد للاستفسار عما تم بشأن مشكلة ارتفاع الأسعار، وقال "إن هناك كثير من المشاريع الحكومية المتوقفة بسبب مشكلة ارتفاع أسعار مواد البناء وتكاليف الإنشاءات، لذا إن لم ينظر إلى هذه القضية بشكل جدي واستمررنا في ترك الأمور بدون وضع ضوابط ومعالجة مشكلة ارتفاع أسعار المواد وتكاليف الإنشاءات ستكون نتائجها خطيرة جدا على التنمية في البلاد"، مشددا على أن من المصلحة العامة حاليا أن تتكاتف جهود المسؤولين في الحكومة ممن بيدهم القرار والقطاع الخاص معا لوضع ضوابط وإجراءات تشجع على الاستمرار في إنشاء المشاريع والأهم الإسراع في تنفيذها ما دامت السيولة متوافرة.
وعن تأخر دخول المقاولين الأجانب في السوق المحلية، أرجع المطوع ذلك إلى الخلل الحاصل في البيئة الاستثمارية لقطاع المقاولات، مؤكدا ضرورة تصحيح البيئة الاستثمارية بالدرجة الأولى وإلا فإن المقاولين المحليين سيتعثرون يأتي الأجانب، وبالتالي ستبقى تنمية البلد متأخرة، والسبب هذه الإجراءات، التي يجب الإسراع إلى النظر فيها.